"فساد وزارة الصحة" المصرية: إعادة هالة زايد أو تبييض سمعتها

08 يناير 2022
يسعى جهاز المخابرات لتبييض سمعة هالة زايد (فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر مصرية خاصة، لـ"العربي الجديد"، عن توجه لدى النظام المصري لإعادة وزيرة الصحة هالة زايد إلى منصبها الوزاري. ويأتي ذلك عقب إحالة النائب العام، المستشار حمادة الصاوي، أخيراً، 4 متهمين في قضية رشوة وفساد داخل الوزارة إلى محكمة الجنايات، من بينهم طليق الوزيرة محمد عبد المجيد محمد حسين.

كما يتعزز احتمال عودة زايد لمنصبها نظراً لبدء حملة دعاية لتبييض صورتها. مع العلم أن زايد كانت قد ابتعدت عن الوزارة عقب تعرضها لوعكة صحية تزامناً مع انكشاف قضية الفساد، وتم تكليف وزير التعليم العالي خالد عبد الغفار بالقيام بأعمالها من دون صدور أي قرار رسمي بإقالتها من منصبها.

دعم من السيسي وعباس كامل لهالة زايد

وقالت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، إن زايد تحظى بدعم وتأييد الدائرة المقربة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل، ومحمود السيسي، نجل الرئيس.

وأضافت المصادر أن عمل زايد داخل الوزارة كان يتم بالتنسيق مع هؤلاء ومع شخصيات عسكرية أخرى في قطاعات اقتصادية مختلفة ترتبط بأعمال مع وزارة الصحة، ولذلك فإن هناك توجهاً لإعادتها لمنصبها، وخصوصاً بعدما تم وقف قضية فساد وزارة الصحة عند هذا الحد.

زايد تحظى بدعم وتأييد الدائرة المقربة من السيسي وعباس كامل

وأوضحت المصادر أن اقتحام رجال هيئة الرقابة الإدارية، نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لوزارة الصحة، ودخولهم مكتب الوزيرة هالة زايد والقبض على عدد من مساعديها ومدير مكتبها، حتى أنهم أوشكوا على القبض عليها هي شخصياً، أزعج جهاز المخابرات، الذي قررت قياداته طمس القضية وتغطيتها.

المتهمون بقضية فساد وزارة الصحة المصرية

وأحال النائب العام، المستشار حمادة الصاوي، في 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، 4 متهمين للمحاكمة الجنائية، لاتهام أولهم "بطلبه لنفسه مبلغ 5 ملايين جنيه (318 ألف دولار)، وأخذه 600 ألف جنيه على سبيل الرشوة من مالكَيْ مستشفى خاص بوساطة متهمَيْنِ آخرَيْن".

وجاء ذلك مقابل استعمال هذا الموظف نفوذه للحصول من مسؤولين بوزارة الصحة على قرارات ومزايا متعلقة بعدم تنفيذ قرار غلق هذا المستشفى الخاص لإدارته بغير ترخيص، وإعداد تقرير مزور يُثبِت، على خلاف الحقيقة، عدم وجود أي مخالفات به. وقد أُسند للمتهم الرابع ارتكابه ذلك التزوير.

وكشفت مصادر قضائية عن أن أمر الإحالة في القضية المقيدة برقم 2284 لسنة 2021 حصر أمن الدولة العليا، شمل كلاً من: محمد عبد المجيد محمد حسين الأشهب، وهو طليق وزيرة الصحة هالة زايد ويعمل أخصائياً أولاً بشركة مصر للتأمين على الحياة.

كما شمل أمر الإحالة عطية الفيومي، وهو طبيب ومالك مستشفى، وأيضاً حسام الدين فودة، وهو متقاعد، ومحمد أحمد بحيري، وهو المدير العام للإدارة العامة للتراخيص بالإدارة العامة للمؤسسات العلاجية.

إفساد قضية هيئة الرقابة الإدارية

وقالت المصادر إن المسؤولين في جهاز المخبرات قرروا إفساد قضية هيئة الرقابة الإدارية التي لم تنسق معهم، ورتبت للملف مع أحد الأجهزة الأمنية الأخرى.

وأوضحت المصادر أنه تم الانتظار شهرين كاملين منذ تفجّر القضية المعروفة إعلامياً بـ"فساد وزارة الصحة" في نهاية أكتوبر الماضي، وتكليف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي وزير التعليم العالي خالد عبد الغفار بأعمال وزيرة الصحة، بحجة حصول زايد على إجازة مرضية، قبل أن تقرر النيابة العامة إحالة أربعة متهمين في القضية للمحكمة الجنائية، من دون أن يتضمن أمر الإحالة أي أسماء.

وأضافت المصادر أن الخطوة الأخيرة في الخطة، التي انتظر الجهاز شهرين لإتمامها، تتمثل في حملة علاقات عامة لتبييض سمعة الوزيرة وتلميعها، في سبيل إعادتها مرة أخرى لموقعها بالوزارة.

المسؤولون بجهاز المخابرات قرروا إفساد قضية هيئة الرقابة الإدارية التي لم تنسق معهم

حملة دعاية لهالة زايد

وأكدت منشورات لصحافيين يعملون في مواقع وصحف تابعة لـ"الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية" المملوكة للمخابرات العامة، أخيراً، وجود حملة الدعاية للوزيرة، إذ وصف بعضهم هالة زايد بـ"المرأة الحديدية"، وأنها "أفضل وزير صحة في تاريخ مصر".

وعددت المنشورات التي بدا وكأنها موزعة من قبل لجان إلكترونية، ما قال كاتبوها إنها مميزات زايد، ومنها "نجاحها في القضاء على قوائم الانتظار بالمستشفيات، وتنفيذ مبادرات الرئيس، والقضاء على فيروس سي (التهاب الكبد)، وتنفيذ مبادرات 100 مليون صحة، وعلاج الأمراض غير السارية، والكشف المُبكر على حديثي الولادة، وكشف الأنيميا والتقزم والسمنة لتلاميذ الابتدائي".

وقال أحد هؤلاء الصحافيين إن "هذه السيدة نجحت بشجاعة، ليست لدى بعض الرجال، في التصدي لكورونا، وذهبت لجميع الدول المُصنعة للقاحات لتنقذ حياة المصريين، وهي أول من تلقت اللقاح وجعلت نفسها معمل تجارب سريرية"، متسائلًا "هل ما يحدث معها الآن هو رد الجميل؟".

وقالت المصادر إنه إذا لم تتم إعادة هالة زايد لمنصبها في الوزارة، فعلى الأقل سوف توجه الأجهزة حملة لغسل سمعتها، نظراً للخدمات التي قدمتها للنظام من جهة، ومن جهة أخرى لأن الوزيرة كانت مسؤولة عن ملفات خطيرة، مثل مواجهة جائحة كورونا وفيروس "سي"، وما إلى ذلك من ملفات.

وأكدت المصادر أن "اتهام زايد في قضية فساد كبرى، كان من شأنه أن يضع النظام المصري كله، وليس القطاع الصحي فقط، تحت نظر المنظمات الدولية، لأن قطاع الصحة في مصر يحصل على تمويلات ضخمة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة الصحة العالمية، وجهات مانحة أخرى، لمواجهة كورونا والكوارث الصحية الأخرى، وبالتالي فإن ظهور شبهات فساد في وزارة الصحة يؤثر بشدة على موقف مصر كمتلق للمنح".

ظهور شبهات فساد في وزارة الصحة يؤثر بشدة على موقف مصر كمتلق للمنح الدولية

وكان مصدر مطلع قد أكد في تصريحات لـ"العربي الجديد"، في 31 ديسمبر الماضي، أن ما توصلت إليه الأجهزة الأمنية في قضية فساد وزارة الصحة هو أن "يتم تقديم كبش فداء بواسطة النيابة العامة، وإنهاء القضية بهذا الشكل نظراً لوجود أسماء عسكرية كبيرة، ونظراً لمطالبة الرأي العام بكشف تفاصيل القضية".

ولم يستبعد المصدر أن "تكون الخطوة المقبلة هي عودة الوزيرة هالة زايد إلى منصبها في الوزارة"، لكنه قال في الوقت ذاته إنها "مستبعدة في الوقت الحالي"، مرجحاً أن "يبقى الوضع كما هو عليه لفترة".

وقال المصدر إنه "تم الاتفاق على أن تبقى الوزيرة في منزلها إلى حين إيجاد مخرج من المأزق الذي تسببت به هيئة الرقابة الإدارية، التي عملت من دون تنسيق مع المخابرات العامة".

ولفت المصدر إلى أن "هناك أحاديث تتردد بقوة عن أن محمود السيسي، نجل الرئيس، يشرف الآن على أعمال هيئة الرقابة الإدارية بمساعدة فريق خاص".

المساهمون