أعلنت وزارة الدفاع الروسية في ساعة متأخرة من مساء الخميس، غرق الطراد الصاروخي "موسكفا" في أثناء جره إلى الوجهة في ظروف العاصفة، بسبب تضرر هيكله جراء الحريق الناجم عن انفجار ذخيرة، وفق الرواية الرسمية الروسية.
وقالت الوزارة في بيان أوردته وكالات إعلام روسية: "في أثناء جرّ طراد "موسكفا" إلى ميناء الوصول، فقدت السفينة توازنها بسبب الأضرار اللاحقة بهيكلها في أثناء الحريق الناجم عن انفجار ذخيرة. غرقت السفينة في ظروف العاصفة في البحر".
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت، أمس، اندلاع حريق على متن "موسكفا" أدى إلى انفجار ذخيرة، قائلة في بيان: "أصيبت السفينة بأضرار جسيمة. أُجليَ الطاقم بشكل كامل. يجري التحقق من أسباب الحريق".
وفي وقت لاحق، كشفت الوزارة أنه تمت السيطرة على بؤرة الحريق، وانفجارات الذخائر توقفت، مضيفة في بيانها: "لا يزال طراد "موسكفا" قادراً على العوم. الأسلحة الصاروخية الرئيسية لم تصب. أُجلي طاقم الطراد إلى سفن أسطول البحر الأسود الموجودة في المنطقة. يجري اتخاذ إجراءات جر الطراد إلى الميناء".
من جهته، صرح الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، بأنه تم إخطار الرئيس فلاديمير بوتين بالحريق في الطراد الصاروخي "موسكفا".
والطراد "موسكفا" واحد من ثلاث سفن بُنيَت في إطار المشروع 1164 "أتلانت" في الحقبة السوفييتية، إلى جانب الطرادين الصاروخيين "مارشال أوستينوف" و"فارياغ".
وكان من المخطط استكمال بناء ثلاثة طرادات أخرى، هي: "ثورة أكتوبر" و"أميرال أسطول الاتحاد السوفييتي غورشكوف" و"كومسوموليتس". وأُلغي بناء أول طرادين عام 1990، والثالث سُلِّم للقوات البحرية الأوكرانية بعد استكمال أعمال البناء بنسبة 95 في المائة وتقسيم أسطول البحر الأسود التابع للاتحاد السوفييتي.
ولم تعترف الوزارة بأن الطراد، الذي كان يقل أكثر من 500 بحار، تعرض لهجوم، وقالت إن سبب الحريق ما زال محل تحقيق.
وقالت القيادة الجنوبية للجيش الأوكراني إنها استهدفت الطراد بصاروخ نبتون المضاد للسفن، أوكراني الصنع، وإنه بدأ يغرق.
وقالت الولايات المتحدة إنها ليس لديها معلومات كافية لتقرر ما إذا كان الطراد قد تعرض لضربة صاروخية.
وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي: "لا نستطيع في تلك اللحظة التأكد من ذلك بشكل مستقل، لكن بالتأكيد ما حدث يمثل ضربة كبيرة لروسيا".
وفي وقت لاحق الخميس، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن غرق الطراد موسكفا "ضربة كبيرة" للبحرية الروسية في البحر الأسود.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، لشبكة "سي أن أن": "هذه ضربة كبيرة لأسطول البحر الأسود. إنه... جزء رئيسي من جهودهم لممارسة نوع من السيطرة البحرية في البحر الأسود". وأضاف: "سيكون لهذا تأثير بقدراتهم".
ومن شأن خسارة الطراد موسكفا أو إعطابه أن يمثل انتكاسة أخرى لحملة روسيا المتعثرة والمستمرة منذ 50 يوماً في أوكرانيا، في وقت تستعد فيه لشن هجوم جديد على منطقة دونباس الشرقية، سيحدد على الأرجح نتيجة الصراع.
وتعليقاً على الانتكاسات التي مُنيت بها روسيا، قال مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه) وليام بيرنز اليوم الخميس إنه لا يمكن الاستخفاف بتهديد روسيا بأنها قد تستخدم أسلحة نووية تكتيكية أو منخفضة القوة في أوكرانيا، لكن الوكالة لم ترَ الكثير من الأدلة العملية التي تعزز هذا القلق.
وانسحبت القوات الروسية من مناطق بشمال أوكرانيا بعد أن تكبدت خسائر فادحة وأخفقت في السيطرة على العاصمة كييف. وتقول أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون إن موسكو تعيد نشر قواتها استعداداً لهجوم جديد.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مساء الأربعاء في خطاب عبر الفيديو: "القوات الروسية تزيد من أنشطتها على الجبهات الجنوبية والشرقية، في محاولة للانتقام من الهزائم التي منيت بها".
ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن وزارة الدفاع الروسية قولها إن الطيران الروسي دمر سبع منشآت عسكرية في أوكرانيا في الساعات الأربع والعشرين الماضية، منها مستودع لقذائف المدفعية.
وشنت البحرية الروسية هجمات بصواريخ كروز على أوكرانيا، وأنشطتها في البحر الأسود ضرورية لدعم العمليات البرية في جنوب البلاد، حيث تقاتل لتحقيق السيطرة الكاملة على مدينة ماريوبول الساحلية ومينائها بعد قصف مستمر منذ أسابيع.
وقالت وسائل إعلام روسية إن الطراد موسكفا، الذي بدأ تشغيله في عام 1983، كان مسلحاً بستة عشر صاروخ كروز مضادة للسفن يصل مداها إلى 700 كيلومتر على الأقل.
وتقول كييف إن موسكفا شارك في واحدة من المعارك التي دارت في الأيام الأولى للحرب، عندما رفض حرس الحدود الأوكرانيون في جزيرة سنيك الصغيرة في البحر الأسود أمراً صدر من طاقمه بالاستسلام.
دفع الغزو الروسي، وهو أكبر هجوم على دولة أوروبية منذ 1945، أكثر من 4.6 ملايين شخص للفرار إلى خارج أوكرانيا وقتل وأصاب الآلاف، كذلك وضع روسيا في عزلة متزايدة. وزاد الصراع من مخاوف احتدام الصراع بين روسيا والولايات المتحدة، أكبر قوتين نوويتين في العالم.
وسببت عقوبات يقودها الغرب أسوأ أزمة اقتصادية في روسيا منذ 1991 عندما انهار الاتحاد السوفييتي، وفقاً لوصف المحللين. وأعلنت أكثر من 600 شركة انسحابها من روسيا.
وحفز الصراع حلف شمال الأطلسي، ودفع جارتي روسيا، السويد وفنلندا إلى بحث الانضمام إلى الحلف الغربي.
وحذر ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي والحليف المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من أن مثل تلك الخطوة ستجبر روسيا على تعزيز دفاعاتها في منطقة البلطيق، بما يشمل أسلحة نووية.