"صمت انتخابي" في تونس قبيل الاستفتاء على الدستور.. فتور وتشكيك

24 يوليو 2022
ينطلق الاستفتاء داخل تونس غداً الإثنين(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

دخلت تونس، اليوم الأحد، مرحلة الصمت الانتخابي تمهيداً للاقتراع على مشروع الدستور الذي طرحه الرئيس قيس سعيد، غداً الإثنين، في ظل حملة انتخابية باهتة ودعوات مقاطعة واسعة.

ويمنع بداية من اليوم أي شكل من أشكال الدعاية الانتخابية، بعدما انتهت، منتصف أمس السبت، الحملة الدعائية للاستفتاء الشعبي على مشروع الدستور الجديد،.

وينطلق الاستفتاء داخل تونس الساعة السادسة من صباح الاثنين (07:00 توقيت.غرينتش) وحتى الساعة العاشرة ليلا (11:00 توقيت.غرينتش).

أما خارج البلاد(موزعين بين 47 دولة)، ، فيُجرى الاستفتاء أيام 23 و24 و25 يوليو/تموز الحالي من الساعة الثامنة صباحاً حتى السادسة مساء حسب توقيت دول إقامة الناخبين.

مشاركة "ضعيفة"

وفي السياق، أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، عن إحصاءات نسب مشاركة التونسيين في الخارج، خلال اليوم الأول لعملية الاستفتاء، مشيراً إلى أن فرنسا "1" التي يبلغ عدد المسجلين بها 84502 ناخب بلغت نسبة المشاركة فيها 1.9%، وفي فرنسا "2" التي يبلغ عدد المسجلين بها 104210 ناخبين بلغت نسبة المشاركة 1.8%، وفي ألمانيا التي يبلغ عدد المسجلين بها 26746 ناخباً بلغت نسبة المشاركة 4.5%، وفي إيطاليا التي يبلغ عدد المسجلين بها 49832 ناخبًا بلغت نسبة المشاركة 1.2%.

وفي دائرة الأميركيتين وبقية الدول الأوروبية التي يبلغ عدد المسجلين بها 52135 ناخباً بلغت النسبة 3.1%، وفي العالم العربي وبقية العالم حيث يبلغ عدد المسجلين 31451 ناخبا بلغت نسبة المشاركة 2.9%، بحسب بوعسكر.

وأفاد بوعسكر، خلال ندوة صحافية، بأنه لم يتم تسجيل إشكاليات كبرى وصعوبات في صفوف الجالية عند الاقتراع، حيث وقع تغيير مراكز الاقتراع لعدد من المواطنين بالخارج في مركز اقتراع بباريس وكان التغيير إراديا.

وصرح بأن "عمليات التصويت بالخارج تواصلت في 46 دولة و289 مركز اقتراع و378 مكتب اقتراع".

وأكد "ضرورة احترام مقتضيات الصمت الانتخابي اليوم الأحد، سواء من الجهات الرسمية أو المناهضين أو الداعمين للدستور الجديد"، مشيراً إلى أن "القيام بالدعاية الانتخابية يوم الصمت الانتخابي يعتبر جريمة جزائية"، مرجحاً إمكانية أن "تحيلها الهيئة على النيابة العمومية".

حول نسبة المشاركة في الاستفتاء الخارج، قال المدير التنفيذي لمرصد "شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التّحولات الدّيمقراطية" الناصر الهرابي، في تعليق لـ"العربي الجديد"، إن "نسب المشاركة في اليوم الأول من الاستفتاء ضعيفة مقارنة بحجم الجسم الانتخابي".

وأوضح أن ذلك "يعود لأسباب عديدة منها الحملة الانتخابية الباهتة التي تكاد تكون غير موجودة في عدد من الجهات والتأخير الكبير في مختلف مراحل الاستفتاء من إعدادات وتحضيرات، بالإضافة إلى أن موعد الاستفتاء غير مناسب باعتبار هذه الفترة من العطلة الصيفية هي ذروة عودة التونسيين المهاجرين وتنقلهم لقضاء عطلهم السنوية".

نوه إلى "أن هناك فتوراً انتخابياً ملاحظاً منذ الحملة، وتواصل خلال أول أيام التصويت لاعتبارات السياق السياسي المتأزم وحملات التشكيك من قبل المعارضين ودعوات المقاطعة من غالبية الطيف الحزبي".

وبين أنه "غابت المنافسة خلال حملة الاستفتاء بسبب خيار تشريك الأشخاص الطبيعيين، وهم غالبية المشاركين من الأفراد الذين لا يمتلكون إمكانيات للتنظيم وعقد البرامج والتظاهرات الدعائية، في مقابل مقاطعة أحزاب كبرى ووازنة ما يجعل التنافس خلال انتخابات 2014 و2019 أشد وحملات الدعاية والنقاشات والاجتماعات كانت أكثر بكثير". 

التصويت بـ"نعم" أو "لا"

وتشكل الدعوة التي وجّهها الرئيس التونسي للمشاركة بالاستفتاء، جزءاً من مسار دخلته البلاد قبل عام من خلال إجراءاتٍ استثنائية بدأ سعيّد فرضها في 25 يوليو 2021، أبرزها إقالة الحكومة وتعيين أخرى، وحلّ مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
 
ودعي نحو 9 ملايين و278 ألف و541 ناخب تونسي، إلى الاقتراع على مشروع الدستور، من بينهم 348 ألف و876 ناخباً مسجلاً بدوائر الخارج، و8 ملايين و929 ألف و665 ناخبا داخل البلاد. 

وانطلق التصويت في الخارج منذ 23 يوليو ويتواصل اليوم وغداً يتوافق مع الاقتراع العام داخل البلاد. 

ويصوت التونسيون على مشروع الدستور الذي طرحه سعيد في 30 يونيو/حزيران قبل أن يعدله ويكشف عن نسخة ثانية خلال الحملة في 8  يوليو بعد أن أصلح نحو 46 خطأ تسرب إلى المشروع المطروح للاستفتاء بحسب قوله، ويكون التصويت على المشروع بالقبول أو الرفض ("نعم" أو "لا"). 

مقاطعة واسعة

وتشكك قوى حزبية ومدنية تونسية في نزاهة الاستفتاء وفي جدوى الدستور الجديد الذي "يكرس الانقلاب والاستبداد والحكم الفردي المطلق" ويمثل "انقلاباً" على دستور 2014 الذي أقر عقب الثورة وصيغ بطريقة تشاركية بمساهمة كل الفئات والأحزاب والمنظمات. 

وتقاطع الأحزاب الكبرى والوازنة في البلاد، بحسب نتائج انتخابات 2019، مسار الاستفتاء ومنها حزب "النهضة" و"الدستوري الحر" و"ائتلاف الكرامة" و"التيار الديمقراطي" و"الجمهوري" والعمال" بالإضافة إلى غالبية المنظمات والجمعيات الوطنية.

فيما اقتصرت المشاركة على أحزاب صغيرة أعلنت تأييدها لمشروع الدستور، ورأت أنه يحتوي على مكاسب عديدة مقارنة بدستور 2014، ويمثل امتداد للإجراءات الاستثنائية التصحيحية لمسار ثورة 2011.

كما يتوافق يوم الاقتراع العام على الاستفتاء للدستور مع ذكرى مرور سنة من الانقلاب على دستور 2014، حيث فرض سعيد تدابير استثنائية تحت عنوان الخطر الداهم المهدد للبلاد باستعمال البند 80 ليقدم على إقالة حكومة هشام المشيشي وتعيين أخرى مكانها، وحل المجلس الأعلى للقضاء والبرلمان وتعليق الهيئات وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية مكنته من التفرد بالسلطات، وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
 

المساهمون