يرى المؤرخ البريطاني وكاتب الرأي في صحيفة "ذا تايمز" البريطانية، بين ماكينتر، أن اغتيال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فرضية قابلة للتطبيق، رغم الحراسة المشددة التي يحيط بها نفسه وتاريخه العريق كرجل استخبارات يعرف كيف يستشعر الخطر المحدق؛ إلا أنّ ذلك قد يأتي بنتائج عكسية غير مرغوبة في الغرب.
ويكتب ماكينتر في مقال تحت عنوان "هل نستطيع قتل بوتين؟ ممكن، لكن هل ينبغي لنا ذلك؟"، أنّ اغتيال رئيس دولة خارج نطاق القانون - وهو ما نادت به شخصيات مرموقة مثل السناتور ليندسي غراهام ورجل الأعمال الروسي المنفي أليكس كونانيخين - "يبقى حلًّا غير يسير، وصعباً للغاية، ومحلّ مساءلة أخلاقية، ولا يحقق عادة النتائج المرجوّة".
ويشرح الكاتب أنّ بوتين هو أشد الأشخاص حراسة على وجه هذا الكوكب، وأحد أكثر المهووسين بجنون العظمة، كما أنّ وحدة الحراسة التابعة له ضمن خدمة الحماية الفدرالية الروسية تعود جذورها إلى عام 1881، حينما أحاط القيصر ألكسندر الثالث نفسه بالحرس عقب اغتيال والده.
ويضيف أنّ هؤلاء "الفرسان" يحملون حقائب مضادة للرصاص لحماية الرئيس، ويراقبون التهديدات الإلكترونية حيثما حلّ وارتحل، ويتذوّقون أي شيء قد يتناوله، ويُقال إنه ينشر أشباهاً له، ومكانه الدقيق غير معروف.
لكن رغم ذلك، يعتقد الكاتب أنّ اغتيال بوتين يبقى ممكناً عبر تجنيد قتلة سريين، لكن ذلك قد لا يكون مرغوباً: "إذا تمت إزاحته في انقلاب عسكري لأنّ الحرب تسير على نحو سيئ، فإنّ المتآمرين قد يشنّون حملة عسكرية أكثر ضراوة في أوكرانيا، وصراع القوى الداخلي في روسيا قد يمزّقها إرباً، وهذا قد لا يجلب السلام والاستقرار".
ويستشهد الكاتب بمؤامرة كلاوس فون شتاوفنبرغ لاغتيال أدولف هتلر، إذ لم يكن ثمة يقين بأنّ إزالة الفوهرر في عام 1944 كانت ستنهي الحرب: "كان المتآمرون عسكريين يمينيين، وليسوا ديمقراطيين ليبراليين مرغوبين؛ فإن خسروا الحرب، أو وافقوا على سلام مذل، فمن شأن ذلك أن يفضي إلى صعود النازية مجدداً".
ويمضي قائلاً إنّ رئيس الوزراء البريطاني في حينها، ونستون تشرشل، كان مدركاً تماماً للمخاطر الكامنة في الاغتيال السياسي، عندما عرض العميل البريطاني المزدوج إيدي تشابمان تصفية هتلر في عام 1942، إذ من شأن ذلك أن يحوّله إلى "شهيد" في أعين مريديه، ويحفز المتعصبين النازيين. ويخلص الكاتب إلى القول: "كان من الأفضل للعالم أن يكون الشخص الذي قتل هتلر في النهاية هو هتلر نفسه، بعد هزيمة عسكرية كاملة".
أما عن السؤال الأخلاقي، فيرى الكاتب أنّ الاغتيال السياسي، الذي كان شائعاً في العصور الوسطى، أصبح ينظر إليه على أنه "عمل غير حضاري" بعد عصر التنوير، ثمّ جاءت اتفاقية لاهاي عام 1907 لتحظر قتل أي مسؤول حكومي خارج أوقات الحرب.
ويشير إلى أنّ الولايات المتّحدة خلال الحرب العالمية الثانية نفذت عملية اغتيال واحدة، واستهدفت الأدميرال إيسوروكو ياماموتو، الضابط الياباني الذي يقف وراء الهجوم على بيرل هاربور. أما بريطانيا، فقد اغتالت أثناء الحرب الحاكم النازي لبوهيميا، راينهارد هايدريش، على يد عملاء مدربين بريطانيين، وأدى ذلك إلى أعمال انتقامية مروعة بما في ذلك قتل كل ساكن في قرية ليديس التشيكية، ما حدا بها إلى تجنب الاغتيالات حتى انتهاء الحرب.
ويذكّر الكاتب بأنّ الرئيس الأميركي الأسبق جيرالد فورد أصدر أمراً تنفيذياً يعلن أنه لا يجوز لأي مسؤول حكومي أميركي "الانخراط في اغتيال سياسي أو التآمر للانخراط فيه"، بعد أن حقق الكونغرس في ثماني محاولات لاغتيال الزعيم الكوبي فيدل كاسترو.
وفي الألفية الجديدة، مع انتشار الأسلحة الدقيقة، اقتصرت الاغتيالات الأميركية على مسؤولي القاعدة، وكان ثمة استثناء وحيد، بحسب الكاتب، هو قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني عام 2020. حينها غرّد الرئيس السابق دونالد ترامب قائلًا إنّ "التبرير القانوني غير مهم، بسبب ماضي سليماني الفظيع".