توعّد تنظيم داعش بتنفيذ هجمات "انتقاما" لمقتل متزعمه والناطق باسمه في عملية أميركية مطلع العام الجاري، في شمال غرب سورية، خُطط لها على مدى أشهر، فيما شكك كثير من الخبراء بقدرة التنظيم على شن هجمات كبيرة.
وأعلن التنظيم عبر قناة له على "تلغرام"، الأحد، عن نيته الانتقام لمقتل زعيمه أبو إبراهيم القرشي المعروف أيضا بعبد الله قرداش، والمتحدث باسمه أبي حمزة القرشي، في إنزال للقوات الأميركية في منطقة أطمة في ريف إدلب، شمال غربي سورية، مطلع شباط/ فبراير الفائت.
ودعا الناطق الجديد باسم التنظيم أبو عمر المهاجر، في رسالة صوتية، أنصار التنظيم لاستغلال الحرب الدائرة في أوكرانيا لشن هجمات في أوروبا.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أعلن أن الجيش الأميركي "أزال من ساحة المعركة" زعيم تنظيم داعش أبو إبراهيم الهاشمي القرشي خلال عملية نفذها شمال غربي سورية. فيما تحدث مسؤولون أميركيون، في حينه، عن أن القرشي فجر نفسه أثناء الهجوم وقتل معه أفراد أسرته في العملية.
وكان القرشي خليفة أبي بكر البغدادي الذي قتل نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2019 في عملية عسكرية أميركية بمحافظة إدلب شمالي غربي سورية. ولا يُعرف الكثير عن خليفة القرشي، وسط اعتقادات أنه جمعة عواد البدري، شقيق إبراهيم عواد البدري (أبو بكر البغدادي)، مؤسس التنظيم.
ولا يزال التنظيم يحتفظ بحضور عسكري مهم في البادية السورية مترامية الأطراف، حيث يشن بشكل دائم هجمات على قوات النظام والمليشيات الإيرانية، كما ينشط التنظيم في صحراء الأنبار، غربي العراق، المتصلة جغرافيا بالبادية السورية، وهو ما يعطي عناصره هامشا جغرافيا واسعا للتحرك.
ويقلل مدير مركز "الشرق نيوز" فراس علاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، من أهمية تهديد التنظيم، مشيرا إلى أنه "غير حقيقي، وليست لديه القدرة"، مضيفا: "قيمة البغدادي المعنوية أكبر من القرشي، ومع ذلك لم يستطع التنظيم شن هجمات واسعة ضد مصالح غربية".
الباحث المختص بالجماعات الإسلامية عرابي عبد الحي عرابي يشكك بقدرة التنظيم على شن عمليات "كبيرة أو عابرة للحدود بوضعه الراهن"
وكان تنظيم داعش خسر أهم معقلين له عام 2017، وهما مدينة الموصل في شمال العراق والرقة في شرق سورية، بعد نحو ثلاث سنوات من سيطرته على مساحات واسعة في البلدين.
وخلال عام 2018، انتهى وجود التنظيم في عدة مناطق سورية، منها أطراف العاصمة السورية دمشق الجنوبية وفي ريف درعا، ولاحقا، أعلن التحالف الدولي نهاية التنظيم في شمال شرق سورية بعد السيطرة على بلدة الباغوز مطلع عام 2019.
وبقي التنظيم يعتمد على شن هجمات خاطفة ومباغتة في البادية حتى أواخر شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، حيث شن هجوما واسع النطاق على سجن الحسكة في أقصى الشمال الشرقي من سورية، متخطيا الكثير من الحواجز، بغية إطلاق سراح قياديين وعناصر تابعين له كانوا محتجزين في ذلك السجن.
ورغم فشل العملية، إلا أنها أكدت أن التنظيم لا يزال يملك إمكانيات التخطيط والتنفيذ لعمليات واسعة، يمكن أن تُربك التحالف الدولي وقوات سورية الديمقراطية التي تسيطر على شمال شرقي سورية بدعم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية.
وفي السياق، يعتقد الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية عباس شريفة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن التنظيم "يمكنه استهداف المصالح الغربية من خلال الذئاب المنفردة"، فيما يرى أن "الأطراف المحلية والإقليمية والدولية المشاركة في التحالف الدولي هي أهداف للتنظيم في المرحلة القادمة".
إلى ذلك، يشير الباحث المختص بالجماعات الإسلامية عرابي عبد الحي عرابي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "تهديدات تنظيم (داعش) ليست جديدة"، مشككا بقدرة التنظيم على شن عمليات "كبيرة أو عابرة للحدود بوضعه الراهن"، معبرا عن اعتقاده بأن التنظيم "ربما يعلن عن بعض الغزوات في سورية والعراق، أو يقوم بعمليات ضد المصالح الأميركية في سورية أو خارجها ويسميها انتقاماً"، وفق عرابي.