باتت الظروف الداخلية والتحالفات الإقليمية الجديدة التي أضحت إسرائيل جزءاً أساسياً منها، عاملاً إضافياً يدفع حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" الفلسطينيتين لمزيد من التفاهم والوحدة، خصوصاً أنهما على رأس المستهدفين بهذه التحالفات والاصطفافات الجديدة القديمة.
وأنهت حركتا "حماس" و"الجهاد"، أمس الأول الإثنين، سلسلة لقاءات قيادية موسعة في جميع محافظات قطاع غزة، بمشاركة قيادات سياسية وقادة الجناحين العسكريين، "كتائب القسام" و"سرايا القدس"، وقادة التنظيم، والمئات من الشخصيات والقيادات الحركية المختلفة.
خمسة لقاءات "استراتيجية" في غزة
وعقدت الحركتان خمسة لقاءات "استراتيجية" في محافظات قطاع غزة الخمس، شاركت فيها كافة المستويات القيادية. غير أنّ المنتظر أنّ تتوسع هذه اللقاءات لتشمل القواعد الشعبية والتنظيمية للفصيلين الإسلاميين في وقت لاحق.
زكريا أبو معمر: الحركتان تعيان المخاطر الجمّة التي تحدق بالقضية الفلسطينية
وباتت العلاقة بين الحركتين أفضل مما مضى، مع زيادة في التنسيق والتشاور بينهما على كافة المستويات السياسية والعسكرية. وبشكل دائم، أصبح يُعلن عن لقاءات بين قادة الحركتين، سواء في غزة أو لبنان التي تضم قيادات من الصف الأول في الحركتين.
ومنذ تسلم يحيى السنوار قيادة حركة "حماس" في قطاع غزة، في فبراير/شباط 2017، يحرص الرجل على ترتيب العلاقات مع الفصائل الوطنية، ومد يده كثيراً للمصالحة مع حركة "فتح"، الغريم السياسي الأول لحركته وتعهد بحماية المصالحة. لكن الظروف لم تُكمل هذا المسار الذي تعطل، ولم يعد أحد يتحدث عنه إلا في المناسبات.
لقاءات لتعزيز التحالف بين الحركتين
وقال عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" زكريا أبو معمر، لـ"العربي الجديد"، إنّ اللقاءات الثنائية القيادية الموسعة بين "حماس" و"الجهاد" تأتي لتأكيد وتعزيز التحالف بين الحركتين، باعتبارهما رأس حربة مشروع المقاومة في فلسطين، جنباً إلى جنب مع جميع فصائل المقاومة وكل الوطنيين الأحرار، خصوصاً في ظل تنامي روح المقاومة وأعمالها البطولية في عموم فلسطين المحتلة.
وأشار أبو معمر إلى أنّ الحركتين تعيان المخاطر الجمّة التي تحدق بالقضية الفلسطينية، في ظل تغول الاحتلال على الحقوق الفلسطينية، وإجراءاته العدوانية بحق الشعب والأرض والمقدسات، وأيضاً في ظل ما تقوم به بعض الأنظمة العربية، من اتفاقات تطبيع خطيرة، تهدف إلى شرعنة الاحتلال وقبول كيانه الغاصب جزءاً من المنطقة العربية.
ولذلك، وفق أبو معمر، تكثف حركتا "حماس" و"الجهاد" جهودهما نحو أوسع اصطفاف وطني يواجه سياسات الاحتلال والتطبيع، ويوحد الجماعة الوطنية الفلسطينية، في إطار قيادة وطنية موحدة للشعب الفلسطيني، تعتمد المقاومة الشاملة برنامجاً لها، وبما يصحح الانحراف الخطير في السياسة الفلسطينية الرسمية.
وأوضح أن كل ذلك يكون عبر إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، لتكون بيتاً جامعاً للشعب الفلسطيني كله، وتقود مقاومته نحو تحرير الأرض والمقدسات.
تطوير إضافي للعلاقة بين "حماس" و"الجهاد"
وأوضح عضو المكتب السياسي لـ"حماس" أنّ علاقة الحركتين "استراتيجية" منذ زمن طويل، وما يجري هو المزيد من ترسيخ هذه العلاقة وتطويرها أكثر، ولدى الحركتين خطة عمل مشتركة واسعة، على جميع الأصعدة، ومع كل الشركاء الوطنيين. وأكد أنّ "المجال مفتوح لأشكال جديدة من العمل المشترك، السياسي، والعسكري، والتنظيمي، وصولاً إلى تحقيق أهداف شعبنا في التحرير والعودة".
من جهته، قال القيادي في "الجهاد الإسلامي"، أحمد المدلل، لـ"العربي الجديد"، إنّ حركته و"حماس" تجاوزتا كل الخلافات السابقة، التي كان من المفروض ألا تحدث، وهي عبارة عن هوامش، وتصنعان مرحلة جديدة من خلال هذه اللقاءات وما ينتج عنها.
ويُؤمل، وفق المدلل، أنّ تؤسس هذه اللقاءات لـ"وحدة ميدانية وسياسية لمواجهة الجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني، وما تتعرض له القضية الفلسطينية من محاولة شطب وتصفية، والتي باتت أكثر وضوحاً من خلال القمم المشبوهة، وتطبيع بعض الأنظمة العربية مع الاحتلال لشرعنة وجوده". وأشار إلى أنّ الكل الفلسطيني مستهدف، وفي كل الساحات، ولذلك الوحدة الوطنية يجب أنّ تتصدر الاهتمامات.
أمل أحمد المدلل أنّ تؤسس هذه اللقاءات لوحدة ميدانية وسياسية لمواجهة الجرائم التي يرتكبها العدو
وأوضح المدلل أنّ هذه اللقاءات سينتج عنها نزول للقواعد التنظيمية للحركتين، لتفكيك أي سوء تفاهم ولتمتين العلاقة أكثر. وأشار إلى أنّ حركته معنية بأنّ تشمل الوحدة كل المكونات الوطنية، لأنّ "المؤامرة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية بحاجة لجهد وعمل الجميع".
الوحدة أهم ركائز القوة
وتعليقاً على ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى الصواف، لـ"العربي الجديد"، إنّ الحركتين تدركان أنّ مشروع الوحدة ليس متعلقاً فقط بخطورة المرحلة، بل إنّ وحدة كل مفاصل العمل الوطني الفلسطيني من أهم ركائز القوة، وكل الذي يجري في محيط الحركتين يدفع لهذه التفاهمات وهذا التقارب.
وأشار الصواف إلى أهمية نزول القيادة إلى القواعد التنظيمية لاستكمال التفاهمات والعمل الوحدوي، ولأهمية ترسيخ ما يجري التفاهم عليه وحوله، وذلك في سبيل الوصول لحالة تفاهم حقيقية تخدم القضية الفلسطينية ومشروع المقاومة.