"حراس الدين" في دائرة الاستهداف الأميركي

29 يونيو 2022
عناصر من "تحرير الشام" يتفقدون موقع استهداف اليمني (عبد العزيز كتاز/فرانس برس)
+ الخط -

وجّه التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة واشنطن ضربة جديدة إلى فصيل "حراس الدين" في شمال غربي سورية، أكثر التنظيمات تشدداً وارتباطاً بتنظيم "القاعدة"، باستهداف قيادي بارز في هذا الفصيل، الذي فقد منذ تأسيسه العديد من متزعميه ومرشديه، ما عطّل قدرته على شن هجمات.

استهداف القيادي في "حراس الدين" أبو حمزة اليمني

وأعلنت "القيادة الوسطى الأميركية"، فجر أمس الثلاثاء، استهداف قيادي بارز في تنظيم "حراس الدين" المتشدد يُدعى "أبو حمزة اليمني"، مشيرة إلى أنه كان مسافراً بمفرده على دراجة نارية عند استهدافه. وقالت إن مقتله سيعطل قدرة "القاعدة" على تنفيذ هجمات "ضد الأميركيين وشركائهم والأبرياء حول العالم"، حسب تعبيرها.

من جهتها، قالت مصادر عاملة في وحدات الرصد والمتابعة التابعة للمعارضة السورية، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "طائرة مُسيرة تابعة لقوات التحالف الدولي استهدفت مساء الإثنين بصاروخين دراجة نارية كان يستقلها شخصٌ يُرجح أنه قيادي يعمل لدى جماعة إسلامية، وذلك على طريق فرعي بالقرب من بلدة قميناس شرق مدينة إدلب".

اليمني كان يعمل ضمن اللجنة العسكرية في "حراس الدين"

وأكدت المصادر العثور على جثة المستهدف متفحمة، لافتةً إلى أن "جهاز الأمن العام"، وهو الذراع الأمنية لـ"هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) في منطقة إدلب، نقل الجثة إلى الطبابة الشرعية في مدينة إدلب، ومنع أي شخص من التوجه إلى مكان الاستهداف.

من جانبه، أوضح علي أبو الفاروق، وهو متابع لشؤون الجماعات الإسلامية في الشمال الغربي من سورية، في حديث مع "العربي الجديد"، أن القتيل سوري الجنسية وكان قيادياً في فصيل تنظيم "جند الأقصى" الذي تحالف مع جماعات أخرى شكلت تنظيم "حراس الدين" الذي خرج إلى العلن أواخر فبراير/ شباط 2018.

وأوضح أن اليمني كان يعمل ضمن اللجنة العسكرية في "حراس الدين"، مشيراً إلى أنه أشيع سابقاً أن طيران التحالف استهدفه في سبتمبر/ أيلول الماضي على طريق إدلب - بنش، ليتبيّن لاحقاً أن المستهدف قيادي آخر كان يدعى سالم أبو أحمد.

تراجع قوة تنظيم "حراس الدين"

ورجّح أبو الفاروق تأثّر تنظيم "حراس الدين" بمقتل اليمني "كونه كان خبيراً في المعارك"، موضحاً أنه "شارك في العديد من المعارك ضد قوات النظام في ريف إدلب على مدى سنوات".

ولكن أبو الفاروق قلل من خطورة تنظيم "حراس الدين" في الوقت الراهن، مشيراً إلى أن "الصدام الأخير للتنظيم مع هيئة تحرير الشام لم يُبقِ له أي جغرافية يسيطر عليها، ومن ثم فقد القدرة على شن هجمات أو تغيير موازين القوى في الشمال الغربي من سورية".

وحول إمكانية وجود تعاون ما بين "تحرير الشام"، وهي سلطة الأمر الواقع في الشمال الغربي من سورية، مع التحالف الدولي لجهة استهداف قياديين متطرفين، استبعد أبو الفاروق وجود تعاون أو تنسيق، قائلاً "أعتقد أن الاختراق داخلي ضمن تنظيم حراس الدين".

وتابع: "هيئة تحرير الشام تسيطر على إدلب ومحيطها وتستطيع إلقاء القبض على أي شخص وقتله، ولا تحتاج إلى مؤازرة من أي نوع من التحالف الدولي".

أبو الفاروق: قد يتأثّر تنظيم "حراس الدين" بمقتل اليمني كونه كان خبيراً في المعارك

تصفية قيادات "حراس الدين" من قبل التحالف الدولي

وكان التحالف الدولي قد استهدف خلال السنوات الماضية العديد من القياديين في تنظيم "حراس الدين" ومجموعات أخرى تدور في فلك تنظيم "القاعدة"، في إطار سياسة معلنة تستهدف رؤوس هذه المجموعات لشل أي قدرة لديها على شن هجمات، أو فرض إرادتها في شمال غربي سورية.

وقتل طيران التحالف منتصف عام 2020 قياديَّين اثنين في "حراس الدين"، هما المدعو بلال اليمني أو بلال الصنعاني الذي يقود قطاع البادية في التنظيم، والأردني المدعو قسام الأردني الذي كان القائد العسكري في "حراس الدين".

وفي عام 2019، قتل التحالف الدولي بغارة جوية في ريف حلب الغربي أبو خديجة الأردني أو بلال خريسات، والذي كان قيادياً بارزاً في "حراس الدين". كما استهدف هذا الطيران في العام نفسه معسكرات تدريب لهذا التنظيم أكثر من مرة في ريف حلب وإدلب.

وكان فصيل "حراس الدين" قد شُكل في عام 2018 عقب انشقاق عدد من قياديي "هيئة تحرير الشام" عنها، إثر إعلانها فك ارتباطها بتنظيم "القاعدة" ضمن مساعيها لدرء تهمة الإرهاب عنها.

ويضم الفصيل الذي يعتبر الفرع الأحدث تأسيساً بين الفروع الإقليمية لـ"القاعدة" العديد من المجموعات المتشددة التي تسترشد بعدة شخصيات تتبنى الفكر الجهادي السلفي، منها من قتل في الشمال الغربي من سورية بضربات طيران التحالف الدولي.

ويُعتقد أن سامي العريدي (لقبه أبو محمود الشامي) الأردني الجنسية شخصية محورية في "حراس الدين" وهو ما دفع واشنطن إلى عرض مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه تؤدي إلى قتله.

جمول: التصفيات تصبّ في صالح هيئة تحرير الشام

تنسيق بين التحالف الدولي و"هيئة تحرير الشام"؟

وفي السياق، لفت الباحث في مركز "الحوار السوري" للدراسات، ياسين جمول، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن كل ضربات التحالف الدولي "تستهدف القيادات المخالفة أو المناوئة لهيئة تحرير الشام".

ولا يستبعد جمول "وجود تنسيق أمني استخباراتي بين هيئة تحرير الشام والتحالف الدولي، فتنظيم حراس الدين مخالف للهيئة، والأخيرة قامت بعمليات ضده منذ لحظة تأسيسه. كما أن ما أبدته الهيئة من براغماتية ومرونة وبراءة من الغلو والتطرف كما زعمت، يبرر تنسيقاً مع التحالف".

واستدرك جمول بالقول "وإن لم يكن هناك تنسيق مباشر، فهي تصفيات تصبّ في صالح هيئة تحرير الشام بعد ما أظهرته من طواعية، فهي لا تعدو كونها تنظيماً قابلاً للاستثمار فيه والتعاون ببراغماتية عالية تُسقط الادعاءات والشعارات الفارغة التي ترفعها".

ورأى جمول أن "الاستهداف المباشر لقيادات التنظيمات المتشددة لا يقضي عليها"، موضحاً أن "تنظيم القاعدة لم ينفرط بعد مقتل (زعيمه السابق) أسامة بن لادن على الرغم من رمزيته، وكذلك تنظيم داعش ما زال موجوداً على الرغم من استهداف قياديين كثر فيه؛ فهذه التنظيمات تعددت طرائق انتشارها وتأثيرها، وفيها مرونة عالية تتيح لها التكيّف مع مختلف الظروف، وليست تنظيمات مؤسسية مستقرة حتى ينفرط عقدها بمقتل قادتها".

استمرار حملة أمنية واسعة النطاق لـ"هيئة تحرير الشام" ضد بعض قادة جماعة "أنصار الإسلام" وبعض الشخصيات العاملة أو المقربة من تنظيم "حراس الدين"

إلى ذلك، جاء استهداف طائرات التحالف الدولي، ليل الإثنين، لأبو حمزة اليمني، بالتزامن مع استمرار حملة أمنية واسعة النطاق لـ"هيئة تحرير الشام" ضد بعض قادة جماعة "أنصار الإسلام" وبعض الشخصيات العاملة أو المقربة من تنظيم "حراس الدين" في مدينة إدلب وريفها الغربي.

وذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن الهيئة "مستمرة في استهداف الجماعات الخطرة والمتشددة، وخلايا تنظيم داعش"، مشيرة إلى أن الجهاز الأمني للهيئة اعتقل أخيراً قياديين في هذا التنظيم في منطقة الدانا في ريف إدلب.

وكان "جهاز الأمن العام" قد اعتقل مطلع يونيو/ حزيران 2021 كلاً من عمار الكردي، وعبد الرحمن الشامي، وعبد المتين الكردي، وأبو علي القلمون، وهم قادة عسكريون يعملون ضمن جماعة "أنصار الإسلام"، والتي بايعت سابقاً وبشكل غير مُعلن تنظيم "حراس الدين" المتشدد.

المساهمون