اعتقلت السلطات المصرية مئات الأشخاص، في محاولة لقمع سلسلة من الاحتجاجات الصغيرة ولكنها نادرة بشكل استثنائي في جميع أنحاء البلاد، حسبما ذكرت منظمة العفو الدولية ومحامون حقوقيون، الجمعة.
وفرّقت شرطة مكافحة الشغب بالقوة التظاهرات المحدودة التي اندلعت بشأن المظالم الاقتصادية، في العديد من القرى الفقيرة خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأطلقت الغاز المسيل للدموع والخرطوش، وفقاً لتقرير جديد صادر عن منظمة العفو الدولية ومقرها في لندن.
وقالت المنظمة إنها تحققت من مقاطع مصورة تظهر العديد من عناصر الشرطة يحملون بنادق، وفي حالتين كانوا يضربون المتظاهرين غير المسلحين بالهراوات، ويطلقون الخرطوش على من يفرّون.
وأضافت، أنّ رجلين لقيا مصرعهما في الحملة، أحدهما أصيب بخرطوش قوات الأمن جنوب القاهرة والآخر خلال مداهمة للشرطة في مدينة الأقصر جنوبي البلاد.
كما زُج بمئات الأشخاص إلى السجن، وفقاً لتقديرات عدد من المحامين، وما زالوا رهن الاحتجاز في انتظار التحقيقات على خلفية اتهامات فضفاضة تتعلق بالإرهاب، وهي أداة شائعة تستخدمها النيابة العامة في مصر لإسكات المنتقدين وسحق المعارضة. ومن خلال المقابلات التي أجرتها المنظمة مع شهود عيان ونشطاء وأقرباء ومحامين، قالت منظمة العفو إنها تأكدت أن 496 شخصاً ما زالوا رهن الاحتجاز.
Egyptian security forces have used teargas, batons, birdshot and on at least one occasion live ammunition, and arrested hundreds of protestors and bystanders to disperse rare scattered demonstrations over several days. https://t.co/tLPQTwRF2z
— Amnesty International (@amnesty) October 2, 2020
وفي عرض غير معتاد للتحدي، تجرأت مجموعات صغيرة من المصريين على الانضمام إلى تظاهرات في الشوارع، في ذكرى الاحتجاجات قصيرة الأمد ضد الحكم السلطوي للرئيس عبد الفتاح السيسي التي اندلعت العام الماضي.
وفي السياق، قال فيليب لوثر، مدير الأبحاث والمناصرة الإقليمية بمنظمة "العفو" الدولية، "حقيقة أن هؤلاء المتظاهرين نزلوا إلى الشوارع، مع علمهم بالمخاطر الشديدة على حياتهم وسلامتهم، تظهر مدى يأسهم للمطالبة بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية".
وقال خالد علي، المحامي الحقوقي المصري المعروف، لـ"أسوشييتد برس"، إنه قام بتوثيق 800 عملية اعتقال في أعقاب الاحتجاجات في الجيزة، ومدينة الإسكندرية شمالي البلاد، وبلدات في جنوب مصر، منها الأقصر وأسوان. وأضاف أنّ الشرطة استخدمت الصدمات الكهربائية أثناء التحقيق مع أحد موكليه، الذي اعتقل في مدينة السويس شمال شرقي البلاد.
وقال محام بـ"الجبهة المصرية لحقوق الإنسان"، وهي جماعة مراقبة، إنه يمثل 50 مدعى عليهم من خمس محافظات ألقي القبض عليهم في أحدث حملة ملاحقة، إلا أنه على علم بما مجموعه 1200 شخص ألقي القبض عليهم الشهر الماضي، وذلك من سجلات تداولها محامون.
وأضاف أنّ ضباط الشرطة منعوا عن 14 من موكليه الطعام المناسب والماء، وأنهم تعرّضوا للضرب خلال التحقيق، كما ذكر أنه في 90% من الحالات، لم يكن المعتقلون ممن شاركوا في احتجاجات الشوارع، بل ألقي القبض عليهم من منازلهم بعد قمع الاحتجاجات.
وقال، مشترطاً حجب هويته خشية الانتقام، "لهذا نسميه اعتقالاً عشوائياً. السلطات تحت ضغط، ولا يمكنها السماح بوقوع مظاهرات من دون اعتقالات".
وأكد أحد سكان أسوان، لـ"أسوشييتد برس"، أن شقيقه، عمدة القرية، اختفى بعد اندلاع احتجاجات في المدينة يوم 20 سبتمبر/أيلول، وبعدها بأربعة أيام ظهر مرة أخرى في النيابة المحلية، وصدر أمر بحبسه 15 يوماً بتهمة إساءة استغلال وسائل التواصل الاجتماعي والانضمام لمظاهرات غير مرخصة، واشترط بدوره حجب هويته لنفس الأسباب.
ولم يردّ ناطق باسم الحكومة على طلب بالتعليق، ولم تعترف وزارة الداخلية بإجراء اعتقالات رداً على المظاهرات، إلا أن مكتب النائب العام المصري ذكر، في بيان، في وقت سابق من الأسبوع، أنه أفرج عن 68 قاصراً كانوا قد اعتقلوا "لمشاركتهم في أعمال الشغب الأخيرة".
وقال المحامي بـ"الجبهة المصرية لحقوق الإنسان"، إن 100 قاصر اعتقلوا أثناء المظاهرات في أسوان، وإنه رغم الإفراج عن 68 منهم، عمرهم أقل من 14 عاماً، إلا أن عشرات آخرين لازالوا رهن الاعتقال.
وأكدت وسائل الإعلام الحكومية أنّ الوضع تحت السيطرة، وبثت قنوات تلفزيونية موالية للحكومة يوم الجمعة، لقطات لحشود من المصريين يلوّحون بالأعلام ويرفعون صور السيسي احتفالاً بيوم القوات المسلحة، الذي يوافق ذكرى حرب 1973 ضد إسرائيل.
(أسوشييتد برس)