كما وعد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، فقد أرسلت إيران، الليلة الماضية، ردها على "النص النهائي" لمنسق الاتحاد الأوروبي، الذي قدمه إنريكي مورا إلى كل من واشنطن وطهران الأسبوع الماضي في نهاية الجولة الأخيرة من المفاوضات النووية، فيما قالت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي إن التكتل يقيِّم ردّ إيران على ما وصفه بمقترحه "النهائي" لإنقاذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
وكشفت مصادر مطلعة مقربة من المفاوضات النووية الإيرانية، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، عن أن وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أرسل الرد الإيراني إلكترونياً إلى مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الليلة الماضية، في آخر يوم من الموعد الذي حدده المنسق الأوروبي لتلقي الردود من الولايات المتحدة وإيران.
وقالت هذه المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، إن الرد الإيراني يشمل "ملاحظات" في ثلاث قضايا عالقة باقية، مشيرة إلى أن "النص المعروض يتضمن وعوداً أميركية بالاستعداد لرفع عقوبات ثانوية عن عدد من الشركات الاقتصادية التابعة للحرس (الثوري)، والاستعداد للنظر بإيجابية بشأن حل قضايا الضمانات والخلافات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية".
وأضافت المصادر أن "المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران روبرت مالي، وعد بأن تدفع واشنطن في اجتماع مجلس محافظي الوكالة باتجاه إغلاق ملف قضايا الضمانات، إن أرسلت الوكالة لاحقاً، تقريراً أكدت فيه حلحلة خلافاتها مع طهران".
وأشارت إلى أن النص الأوروبي يقترح جدولاً زمنياً للتعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، لحل قضايا الضمانات (اتفاق الضمانات تابع لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية) حتى الاجتماع المقبل لمجلس محافظي الوكالة في سبتمبر/ أيلول، أو اجتماع استثنائي آخر اذا تطلب الأمر.
ولفتت المصادر إلى أن إيران طالبت المنسق جوزيب بوريل، بـ"شفافية أكثر بشأن الملفين، وترجمة الوعود الأميركية إلى نص مكتوب"، مضيفة أن "إيران لم تبدِ في ردها تشدداً في ملف الخلافات مع الوكالة".
إلى ذلك، أكدت المصادر لـ"العربي الجديد" أن طهران طالبت في ردها بـ"ضرورة الحصول على ضمانات اقتصادية أقوى، لديمومة تنفيذ الاتفاق النووي، ورفع العقوبات، وتسهيل تجارة الشركات الأجنبية مع إيران وضمان استمرارها"، مشيرة إلى أنها "طرحت أفكاراً جديدة بهذا الشأن"، مع القول إن الجانب الإيراني "في ملف رفع العقوبات أبدى إصراراً على آلية لضمان رفع العقوبات عملياً على أرض الواقع وليس على الورق فقط".
كذلك طالبت إيران "بتضمين الاتفاق بنداً للحصول على غرامات مالية في حال انسحاب واشنطن من الاتفاق أو أخلّت به"، بحسب المصادر.
وأكملت المصادر في حديثها، أن إيران "اقترحت أيضاً تعديلات بسيطة على بعض المصطلحات والكلمات بنص المنسق، للحؤول دون وقوع أي التباس لاحقاً وإخضاعها لتفسيرات متعددة"، لافتة إلى أن المنسق الأوروبي وعد الخارجية الإيرانية بأنه سينقل لها الرد الأميركي خلال الأيام القليلة المقبلة.
وأوضحت المصادر أن "فرص التوصل إلى الاتفاق أكبر من أي وقت مضى، لكن الأمر رهن بالاتفاق على التفاصيل الدقيقة الباقية، وحسم الملفات العالقة نهائياً بعد التقدم الكبير الذي شهدته أخيراً".
وفي السياق، نقلت وكالة "فرانس برس"، اليوم الثلاثاء، عن الناطق باسم مسؤول شؤون التكتل الخارجية جوزيب بوريل، الذي نسّق المحادثات الرامية إلى إعادة إيران والولايات المتحدة إلى الاتفاق، أنه جرى تلقي الرد الإيراني في وقت متأخر الاثنين. وقال المصدر: "نقوم بدراسته ونتشاور مع باقي الشركاء في خطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق) والولايات المتحدة بشأن طريقة المضي قدماً".
الاتحاد الأوروبي يدرس ردّ إيران على المقترح النووي
قالت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي، اليوم، إن التكتل يقيِّم ردّ إيران على ما وصفه بمقترحه "النهائي" لإنقاذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015، وإنه يتشاور مع الولايات المتحدة في هذا الصدد. وأضافت المتحدثة للصحافيين في بروكسل: "في الوقت الحالي، نعكف على دراسته ونتشاور مع المشاركين الآخرين في خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) والولايات المتحدة بشأن المضي قدماً". ورفضت إعطاء إطار زمني لأي رد فعل من جانب الاتحاد الأوروبي الذي ينسق المفاوضات في فيينا.
ودعا وزير الخارجية الإيراني أمس الولايات المتحدة إلى إبداء المرونة لحل ثلاث قضايا باقية، مشيراً إلى أن ردّ طهران لن يكون بالقبول النهائي أو الرفض.
وقالت واشنطن إنها مستعدة لإبرام اتفاق على الفور لاستعادة ذلك الذي أبرم عام 2015 على أساس مقترحات الاتحاد الأوروبي.
وصرح دبلوماسيون ومسؤولون لـ"رويترز" بأنه سواء أقبلت طهران وواشنطن العرض "النهائي" من الاتحاد الأوروبي أم لا، فمن غير المرجح أن يعلن أي منهما فشل الاتفاق، لأن إحياءه يخدم مصالح الطرفين.
ومن شأن الفشل في المفاوضات النووية المخاطرة باندلاع حرب إقليمية جديدة مع تهديد إسرائيل بعمل عسكري ضد إيران إذا فشلت الدبلوماسية في منع طهران من تطوير قدراتها لامتلاك أسلحة نووية.
وحذرت إيران، التي نفت لسنوات طويلة السعي وراء مثل هذه الطموحات، من ردّ "ساحق" على أي هجوم إسرائيلي.
وفي عام 2018، تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الاتفاق النووي الذي أُبرم قبل توليه منصبه، واصفاً إياه بالمتساهل مع إيران، وعاود فرض عقوبات أميركية قاسية، ما دفع إيران إلى البدء بخرق القيود المفروضة على تخصيب اليورانيوم.