"الخضر" و"الديمقراطي الحرّ" صانعا الملوك في ألمانيا

29 سبتمبر 2021
دخلت ألمانيا مرحلة بالغة التعقيد حكومياً (ألكساندر هاسنشتاين/Getty)
+ الخط -

باشر حزبا "الخضر" و"الديمقراطي الحرّ" الليبرالي محادثاتهما المباشرة من أجل تخطي خلافاتهما، بفعل تحوّلهما إلى صانعي الملوك لتحديد المستشار الألماني الذي سيخلف أنجيلا ميركل. وبعد النتائج المعقّدة التي أفرزتها انتخابات 26 سبتمبر/أيلول الحالي، وتقدّم الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" بفارق طفيف عن "الاتحاد المسيحي"، الذي يضمّ حزبي "الديمقراطي المسيحي" و"الاجتماعي المسيحي"، حان وقت الحزبين، اللذين حلّا في المركزين الثالث والرابع في الانتخابات لحسم الأمور. 

مال "الخضر" تاريخياً لـ"الاشتراكي" فيما أيّد الليبراليون "الاتحاد المسيحي"

وقرر الحزبان الصغيران إجراء محادثات أولاً قبل التفاوض مع الحزبين الكبيرين. ومع أنهما يتشاركان بعض النقاط، إلا أنهما ينتميان إلى معسكرات أيديولوجية متنافسة، ولديهما مقاربات مختلفة لقضايا كالاقتصاد ومكافحة تغير المناخ. وكان "الخضر" يميل في العقود الماضية إلى الحزب "الاشتراكي الديمقراطي"، المنتمي لتيار يسار الوسط، والذي فاز مرشحه، أولاف شولتز، بفارق ضئيل في الانتخابات. في المقابل، يميل الحزب "الديمقراطي الحرّ" نحو "الاتحاد المسيحي" المنتمي لتيار يمين الوسط، والذي احتل المركز الثاني تحت قيادة الخليفة المحتمل لميركل، أرمين لاشيت، في نتيجة هي الأسوأ في تاريخه.
وفي منشورين متطابقين على موقع "إنستغرام"، صباح اليوم الأربعاء، نشرت الزعيمة المشاركة لحزب "الخضر"، أنالينا باربوك، وزعيم الحزب "الديمقراطي الحرّ" كريستيان ليندنر، صورة لهما مع زعيم "الخضر"، روبرت هابيك، والأمين العام لـ"الديمقراطي الحرّ"، فولكر ويسينغ. وكتبا: "خلال البحث عن حكومة جديدة، نبحث عن أرضية وجسور مشتركة حول الأشياء التي تفرق بيننا، ونحاول العثور على بعضها. هذه أوقات رائعة".
مع العلم أن الدستور الألماني يمنح الحزب الحاصل على المركز الأول في الانتخابات التفويض لتشكيل الحكومة، وإن فشل فقد توكل المهمة للحزب الثاني، ما يعني أن شولتز هو المؤهل حسب الأعراف لقيادة محاولات تشكيل ائتلاف حكومي عملياً. لكن "الخضر" والليبراليين سيضطلعون بدور حاسم في تحديد هوية الائتلاف المقبل الذي سيقود الحكومة في برلين. 

تشكيل الحكومة العتيدة هو الأصعب منذ الخمسينيات في برلين

ومن المتوقع حتى الآن، وفقاً للمراقبين الألمان، أن تتشكّل الحكومة المقبلة من تحالف بين ثلاثة أحزاب لتشكيل أغلبية مستقرة، في ظل استبعاد المراقبين لائتلاف كبير بين الاشتراكيين والمحافظين (على شاكلة التكتل الذي قادته ميركل). وبالتالي فإن "الخضر و"الديمقراطي الحرّ" سيلعبان دور "صنّاع الملوك" وفي حال توافقهما، قد يحددان اسم المستشار المقبل. وفي حال قرر طرفا الائتلاف الحاكم الحالي، كما هو مرجح، عدم مواصلة ائتلافهما، فسيتعين على كل منهما إقناع الحزبين اللذين لهما أجندات سياسية مختلفة تماماً، بالانضمام إليهما لتشكيل ائتلاف حاكم ثلاثي، وهو أمر غير مسبوق منذ الخمسينيات. ويعتبر هذا الأمر تحوّلاً في حسابات تشكيل الحكومات في ألمانيا، الذي قد يستغرق أسابيع أو حتى أشهراً". وهو ما لخّصه موقع "تي-أونلاين" المحلي، يوم الإثنين الماضي، معتبراً أن ما يحصل "نقطة تحول تاريخية: التكتل المحافظ والحزب الاشتراكي الديمقراطي باتا حزبين ضعيفين بشكل لم يسبق له مثيل. الجمهورية الألمانية القديمة (ما بعد الحرب العالمية الثانية 1939 ـ 1945) ولّت وانتهت. لكن ذلك لن يؤدي بالضرورة إلى عدم استقرار سياسي".
(العربي الجديد، أسوشييتد برس)

المساهمون