03 يوليو 2014
دموع الفرح لشعب مقهور
جودت هوشيار (العراق)
تلقت الكاتبة البيلاروسية سفيتلانا الكسيفيتش نبأ فوزها بجائزة نوبل في الآداب لعام 2015، بينما كانت تقوم بكي الملابس في شقتها الصغيرة المتواضعة، كما قالت للصحفيين إثر اعلان فوزها بالجائزة. تسكن في عمارة ضخمة متعددة الطوابق، أشبه بمجمع سكني، يضم مئات الشقق ويقع بالقرب من وسط العاصمة مينسك، معروفة بين السكان بكياستها ولباقتها وحسن تعاملها مع جيرانها ومع الناس جميعاً. لهذا تجمع السكان بعد علمهم بالنبأ أمام باب الخروج لتحيتها، وما أن فتحت الباب حتى سمعت إحدى جاراتها تقول لأخرى: "هل تعلمين؟ سفيتلانا حصلت على نوبل مثل بونين".
فشلت سفيتلانا في إيجاد قاعة ملائمة في المدينة لعقد مؤتمرها الصحفي الأول، فور الإعلان عن فوزها بنوبل، فقد أغلق النظام في وجهها كل المنافذ، فاضطرت إلى عقده في مقر صحيفة "ناشا نيفا" المعارضة، بحضور خمسين شخصاً، لم تكن تتوقع أن يحضر أكثر منهم، في حين أن عدد الإعلاميين المحليين والأجانب الذين تدفقوا إلى المكان أكثر من 200 إعلامي.
سيارة تابعة للسفارة السويدية في مينسك أقلت سفيتلانا إلى مكان انعقاد المؤتمر الصحفي. كان الناس متجمهرين على جانبي الطريق في صفوف طويلة يحملون العلم الوطني وصور سفيتلانا وهم يحيونها ودموع الفرح تنهمر من عيونهم حباً بوطنهم وزهواً بمواطنتهم، التي جعلت من بيلاروسيا المنسية على كل لسان. ذهلت سفيتلانا لهذا المشهد الفريد، مشهد مواطنيها وهم يبكون من الفرح، ولم تجد له تفسيرا له سوى أن الشعب البيلاروسي المقهور الذي يعاني من وطأة حكم استبدادي، ينتهز أية فرصة للتنفيس عن عواطفه المكبوته. ربما كان الترحيب الجماهيري الحار للمعارضة العنيدة لنظام لوكاشينكو تعبيراً عن كراهيتهم وازدرائهم للدكتاتور .
عندما انهارت الامبراطورية السوفيتية، تحررت الجمهوريات التي كانت ملحقة بها قسراً من ربقة موسكو، لكن ذلك كان تحررا ظاهريا لأن النظم الدكتاتورية ما زالت قائمة في جممهوريات عديدة، ومنها بيلاروسيا التي يحكمها لوكاشينكو بيد من حديد منذ عام 1994، وقد أعيد "انتخابه" قبل أيام للمرة الخامسة .
بعد فوز سفيتلانا بجائزة نوبل، وجد دكتاتور بيلاروسيا نفسه في ورطة حقيقية، فالكاتبة الجريئة تحارب نظامه، بقلمها الجبار منذ سنوات عديدة، واضطرت لمغادرة بيلاروسيا في عام 1990 ولم ترجع إليها، إلا في 2001، في فترة شهدت محاولات لوكاشينكو التقرب من الغرب، والقيام بإصلاحات شكلية، منها تخفيف القيود على المعارضين.
قيل لسفيتلانا: لماذا عدت الى بيلاروسيا؟ أجابت: "أريد أن أكون مع شعبي في محنته"، ومنذ عودتها تجاهلها النظام تماماً كأنها غير موجودة، فهي ممنوعة من النشر في بلادها، على الرغم من أن نتاجاتها الرائعة فكراً وفناً تلقى رواجا منقطع النظير في بقية أنحاء العالم، علما أنها كانت مرشحة قوية لنيل نوبل طوال السنوات الماضية، إلا أن فوزها أخيراً وجه ضربة موجعة للوكاشينكو الذي ظل حائراً عدة ساعات، فهل يهنئها بالفوز أم يتجاهلها كالعادة؟
بعد أن انهالت مئات البرقيات والرسائل والمكالمات الهاتفية من أنحاء العالم على سفيتلانا، بينها برقيات عدد من رؤساء الدول، أولهم الرئيس الألماني، وبرقيات أشهر أدباء العصر، ورسائل قرائها في شتى أنحاء العالم، ليوجه لوكاشينكو بعد ست ساعات على إعلان فوزها بالجائزة برقية خجولة جاء فيها: "أرجو أن تكون هذه الجائزة في مصلحة بيلاروسيا"، قاصدا بذلك مصلحة النظام دون شك.
سفيتلانا سخرت من هذه التهنئة الباردة، لأنها جاءت بعد برقيات زعماء عدد من الدول الأوروبية، لكنها قالت إن لوكاشينكو استطاع التغلب على العائق النفسي، وهنأها بالفوز، على الرغم من أنها، ومنذ سنوات عديدة، تعد من ألد خصوم النظام .
سأل صحفي بيلاروسي سفيتلانا: "كيف ستتصرفين بمبلغ جائزة نوبل؟ أجابت: "اعتدت أن أنفق مبلغ أية جائزة أحصل عليها لأشتري بها حريتي، وجائزة نوبل هي حماية لي من نظام لوكاشينكو".
فشلت سفيتلانا في إيجاد قاعة ملائمة في المدينة لعقد مؤتمرها الصحفي الأول، فور الإعلان عن فوزها بنوبل، فقد أغلق النظام في وجهها كل المنافذ، فاضطرت إلى عقده في مقر صحيفة "ناشا نيفا" المعارضة، بحضور خمسين شخصاً، لم تكن تتوقع أن يحضر أكثر منهم، في حين أن عدد الإعلاميين المحليين والأجانب الذين تدفقوا إلى المكان أكثر من 200 إعلامي.
سيارة تابعة للسفارة السويدية في مينسك أقلت سفيتلانا إلى مكان انعقاد المؤتمر الصحفي. كان الناس متجمهرين على جانبي الطريق في صفوف طويلة يحملون العلم الوطني وصور سفيتلانا وهم يحيونها ودموع الفرح تنهمر من عيونهم حباً بوطنهم وزهواً بمواطنتهم، التي جعلت من بيلاروسيا المنسية على كل لسان. ذهلت سفيتلانا لهذا المشهد الفريد، مشهد مواطنيها وهم يبكون من الفرح، ولم تجد له تفسيرا له سوى أن الشعب البيلاروسي المقهور الذي يعاني من وطأة حكم استبدادي، ينتهز أية فرصة للتنفيس عن عواطفه المكبوته. ربما كان الترحيب الجماهيري الحار للمعارضة العنيدة لنظام لوكاشينكو تعبيراً عن كراهيتهم وازدرائهم للدكتاتور .
عندما انهارت الامبراطورية السوفيتية، تحررت الجمهوريات التي كانت ملحقة بها قسراً من ربقة موسكو، لكن ذلك كان تحررا ظاهريا لأن النظم الدكتاتورية ما زالت قائمة في جممهوريات عديدة، ومنها بيلاروسيا التي يحكمها لوكاشينكو بيد من حديد منذ عام 1994، وقد أعيد "انتخابه" قبل أيام للمرة الخامسة .
بعد فوز سفيتلانا بجائزة نوبل، وجد دكتاتور بيلاروسيا نفسه في ورطة حقيقية، فالكاتبة الجريئة تحارب نظامه، بقلمها الجبار منذ سنوات عديدة، واضطرت لمغادرة بيلاروسيا في عام 1990 ولم ترجع إليها، إلا في 2001، في فترة شهدت محاولات لوكاشينكو التقرب من الغرب، والقيام بإصلاحات شكلية، منها تخفيف القيود على المعارضين.
قيل لسفيتلانا: لماذا عدت الى بيلاروسيا؟ أجابت: "أريد أن أكون مع شعبي في محنته"، ومنذ عودتها تجاهلها النظام تماماً كأنها غير موجودة، فهي ممنوعة من النشر في بلادها، على الرغم من أن نتاجاتها الرائعة فكراً وفناً تلقى رواجا منقطع النظير في بقية أنحاء العالم، علما أنها كانت مرشحة قوية لنيل نوبل طوال السنوات الماضية، إلا أن فوزها أخيراً وجه ضربة موجعة للوكاشينكو الذي ظل حائراً عدة ساعات، فهل يهنئها بالفوز أم يتجاهلها كالعادة؟
بعد أن انهالت مئات البرقيات والرسائل والمكالمات الهاتفية من أنحاء العالم على سفيتلانا، بينها برقيات عدد من رؤساء الدول، أولهم الرئيس الألماني، وبرقيات أشهر أدباء العصر، ورسائل قرائها في شتى أنحاء العالم، ليوجه لوكاشينكو بعد ست ساعات على إعلان فوزها بالجائزة برقية خجولة جاء فيها: "أرجو أن تكون هذه الجائزة في مصلحة بيلاروسيا"، قاصدا بذلك مصلحة النظام دون شك.
سفيتلانا سخرت من هذه التهنئة الباردة، لأنها جاءت بعد برقيات زعماء عدد من الدول الأوروبية، لكنها قالت إن لوكاشينكو استطاع التغلب على العائق النفسي، وهنأها بالفوز، على الرغم من أنها، ومنذ سنوات عديدة، تعد من ألد خصوم النظام .
سأل صحفي بيلاروسي سفيتلانا: "كيف ستتصرفين بمبلغ جائزة نوبل؟ أجابت: "اعتدت أن أنفق مبلغ أية جائزة أحصل عليها لأشتري بها حريتي، وجائزة نوبل هي حماية لي من نظام لوكاشينكو".