صورتان لتل الزعتر واليرموك

13 اغسطس 2014
+ الخط -


سقط المخيم، أو أسقط، المهم أنّ أكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني دفنوا في تل الزعتر. كانت الأسباب كثيرة في نظر الجلاد، ليمارس تدميره للمخيم. لكن الضحية ما زالت عائقاً في أكثر من مكان لمشاريع كثيرة، حيث لا يهم المكان بالنسبة إلى القتيل، لأنه مغبون، إن كان في أيلول الأردن الأسود، أو حرب لبنان، أو حرب الخليج، وفي مكافحة الإرهاب في مخيم نهر البارد، كما في قتال النظام السوري، وأحداث كثيرة أخرى.

تلخص حكاية أبو حسين بعض الواقع من تغريبة فلسطينية لم تنته. ولد في مخيم النبطية في جنوب لبنان عام 1968، بعد ثلاثة أعوام دمرت إسرائيل المخيم. اضطر بعدها إلى الرحيل مع عائلته، عند عمه في مخيم تل الزعتر. ليعود وينزح مع من تبقوا من أهله على قيد الحياة، إلى مخيم نهر البارد في شمال لبنان. وفي أثناء هذه الرحلة، حصل على شهادة مهنية من معهد "أونروا"، ليغادر بعد ذلك إلى الكويت، قبل عام من اندلاع حرب الخليج، ثم وقع تكرار الرحيل، فعاد إلى نهر البارد مجدداً. تزوج، وعمل في لبنان في أكثر من مهنة، حتى استطاع، أخيراً، أن يفتح محلاً لبيع أنواع الدهانات في المخيم. وكبر عمله، حتى أصبح لديه مصنع. لكن، تدمر كل شيء مجدداً، حين شن الجيش اللبناني حربه ضد "فتح الإسلام" عام 2007.

يسكن أبو حسين، حالياً، في مخيم عين الحلوة، جنوبي لبنان، في منزل متواضع، في انتظار إعمار المخيم؛ ومعه عوائل تقرب زوجته، لجأت من مخيم اليرموك بعد تدميره.

رِحلة الرجل لم تضع أوزارها خارج الحروب والنكسات، يقول "بيتي تدمر بسبب سياسي، قتل أفراد عائلتي لأسباب طائفية، وتركت عملي، أكثر من مرة، لأسباب عنصرية؛ دائماً الفلسطيني يدفع الثمن".

يتابع أبو حسين العدوان على غزة، ويتذكّر حصار مخيم تل الزعتر عام 1976، خصوصاً وأن ذكرى سقوطه صادف 12 أغسطس/آب. يقول إنه لم يكن يستوعب كل ما يجري سياسياً حينها، لكن "حنفية" المياه كانت مكان الموت؛ فقد انقطعت المياه عن المخيم، والناس عطشى، وكل من يذهب لتعبئة قنينة مياه من "الحنفية" الوحيدة التي فيها مياه، كان هدفاً للقنص. وكانت "الصورايخ تدكّ المخيم في غالبية الوقت، واستشهد والدي بقذيفة، وهو يبحث عن خبز". تدخل قريبته، من مخيم اليرموك، على وقع الحديث، فتؤكد أن ذلك ما يحصل في مخيمها الدمشقي. هذا هو الموت الذي يتوحد بصوره عند الفلسطينيين، كما الحصار.

صمود غزال
صمود غزال
صحافية فلسطينية لاجئة في لبنان. من فريق موقع العربي الجديد قسم السياسة.