07 نوفمبر 2024
النظام السوري أقوى من كورونا
انشغل العالم بوباء كورونا. أعلنت الصين التي تنافس أميركا حرباً شرسة ضدّه، وتكاد تتغلب عليه. إيطاليا أغلقت مدنها وكل فعالياتها الثقافية والتعليمية. أخباره تتصدّر الإعلام العالمي. فقط في سورية لا يوجد هذا الفيروس! وقبل سورية، تأخرت إيران بالحديث عنه لاعتباراتٍ انتخابية، فانتشر، وأودى بأعضاء في البرلمان، وأصاب نائب الرئيس وعدّة وزراء، وفي النهاية أغلقت مدناً كثيرة، وبدأت تناشد العالم بالمساعدة لمحاربته، ومات بسبب ذلك كثيرون، والمأساة مستمرة.
عمّمت أجهزة الأمن في سورية أن البلاد خالية منه، وأن هناك ارتفاعا في عدد المصابين بالتهاب رئوي حاد فقط! يؤكد حديث السوريين وجود الفيروس، وهناك خوف من تزايد أعداد المصابين به. وأخيرا، التقطت منظماتٌ حقوقية أخبار هذا الفيروس في أربع مدن سورية. وحالياً، هناك "هلع" من انتشاره عبر إيران، حيث علاقة النظام بهذه الدولة متعدّدة المستويات، عسكرية، سياحية، دينية، دبلوماسية، تجارية. وعدا ذلك كله، تفرض إيران هيمنةً واسعةً على النظام، وتوجد في كل المدن السورية، وهذا يعني أن كورونا يعشّش في المدن السورية بكل بساطة ووضوح.
لا أحد يعلم الحكمة من كذب النظام ونفيه وجود هذا الفيروس في سورية، وقد اضطر أخيرا لاتخاذ إجراءات طبيّة متشدّدة مع العراق والأردن ولبنان، وليس من كلامٍ عن ذلك مع إيران. النظام يكذب حتى في كورونا؛ فمن أوقع مأسي بالسوريين لن يهتم بمرضٍ تافه ككورونا "حرارة مرتفعة، وموت 2% من عدد السكان، وملاقاة الأفراد المنخفضة مناعتهم من كبار السن
وضعاف البنية الرفيق الأعلى". الأخطر أن قطاعات شعبية كبيرة تعتقد فعلاً أن الفيروس لم يطأ بعد أرض سورية، وهي عصيّة عليه، وهو مرض "إمبريالي". وعدا ذلك، هناك مشكلة حقيقيّة؛ فسورية متشظيّة كليّة، ونظامها الصحي يلفظ أنفاسه منذ عقود، والأطباء والخبراء في الطب غادرت أغلبيتهم سورية. أمّا المشافي، فيُشار لبعضها باسم المسالخ، وأكثريتهم برداءة الخدمات الطبية، وبالتالي كيف سيتم مواجهة هذا الفيروس الذي أعلنت منظمة الصحة العالمية أنّه أصبح وباءً، وهو ينتشر في دولٍ لديها نظام صحي دقيق، وفيها استقرار سياسي، وعراقة في النظام الديمقراطي، كإيطاليا وسواها.
النظام الذي لم ينشغل بقضايا السوريين عشر سنوات، بل ومارس بحقهم كل أشكال القمع والتهجير والتجويع، وتجاهل أدنى حقوقهم، وسَلَم البلاد لإيران وروسيا، لن يشغل باله مرض سخيف كهذا. لا يغير في الأمر، لو ماتت بسببه شخصيات نافذة، سياسية وعسكرية في الدولة ذاتها، حيث العلاقة مع إيران أكثر من وطيدة. نعم هذا احتمال ممكن، ومن الغباء تجاهله. حتى كتابة هذا المقال، لا أخبار مؤكدة عن عدد وفيات الفيروس، ولا عن إصابة بعض قادة النظام به، أو سعة انتشاره ومدى خطورته.
يندر أن ترى أشخاصاً يرتدون الكمّامات أو الكفوف الطبية في الشوارع؛ ولكن هذه الأدوات ومواد التعقيم استهلكت أغلبيتها من المحالّ. في سورية الخوف، يَصعُبُ على الشعب أن يتخذ سلوكاتٍ من دون إعلانٍ رسميٍّ من النظام بأن هذا مسموح به، وهذا ممنوع. الأسوأ في هذا أن
النظام اعتقل أطباء أعلنوا عن حالات كورونا في المشافي. المدارس والجامعات ومراكز التجمعات لم تغلق على الإطلاق، وكذلك ثكنات الجيش؛ إيران ذاتها أفرجت عن أعدادٍ كبيرة من السجناء. وفي سورية، لا مؤشرات أن النظام فيها بدأ يعي خطورة تأخره عن إيقاف العلاقات مع إيران. لبنان المُسيطَر عليه من حزب الله والتيار الوطني الحر، تأخر، وحتى لحظته لم يُعلِن إيقافاً كاملاً للعلاقات مع إيران، على الرغم من أن وزيره صحته أكد أن الفيروس انتقل من مرحلة الدلع إلى مرحلة "الرشد" والخروج عن السيطرة. والسؤال إذا كانت هذه حالة لبنان "المستقر"، فما هي حالة سوريّة المفكّكة، ووطيدة العلاقات مع إيران، ثاني أكثر دولة توسع فيها انتشار الفيروس، وبدأت تنادي العالم لإنقاذها.
لم تكن سورية تحتاج إلى كوارث "طبيعية"، لتكتمل المأساة، والآن، تتعرّض لكارثةِ تجاهل النظام هذا الفيروس، ولم توقف علاقاتها مع دولةٍ تصدّره إلى العراق والخليج ولبنان وسورية بالتأكيد. وبالتالي هناك مشكلة كبيرة، وستذهب بأعدادٍ كبيرة من السكان. مليشيات إيران المنتشرة في سورية ستنشر هذا الفيروس، وستتوسع أعداد المصابين فيه، والجيش وأفرع الأمن والسجون ستصاب به، وعدا ذلك هناك المدارس والجامعات ومراكز التجمع التي ما زالت مفتوحةً. هذه ستكون نتيجة طبيعية للعلاقات مع إيران ولبنان، وبالتالي من العبث الصمت حيال ذلك.
لا يجوز تناول الموضوع من زاوية سياسيّة؛ فالقضية صحيّة وإنسانيّة بامتياز، ولكنها تتسيّس بالتأكيد، وهذا ما يُلاحظ في الإعلام العالمي، ويتم تضخيم خطورته. ومن المضحك تناول الموضوع من زاوية أنّه فيروس أميركي لتدمير الاقتصاد الصيني؛ فهو أحدث شلًلاً واسعاً في الاقتصاديات العالمية، والخسارات بسببه بالمليارات، وحركة الإنتاج والتجارة تباطأت، وسواه كثير، كما تؤكد التقارير الاقتصادية. وبذلك، أصبح تأثيره كارثيّاً على العالم. وفي سورية سيكون كذلك، سيما أن النظام منشغل بتحرير إدلب من أهلها! ونظامه الصحي هش وضعيف، وعلاقاته مع إيران في أحسن حالاتها، وإعلامه يسميه وباء رئوياً، وهناك عقوباتٌ شديدةٌ على سورية.
لا أحد يعلم الحكمة من كذب النظام ونفيه وجود هذا الفيروس في سورية، وقد اضطر أخيرا لاتخاذ إجراءات طبيّة متشدّدة مع العراق والأردن ولبنان، وليس من كلامٍ عن ذلك مع إيران. النظام يكذب حتى في كورونا؛ فمن أوقع مأسي بالسوريين لن يهتم بمرضٍ تافه ككورونا "حرارة مرتفعة، وموت 2% من عدد السكان، وملاقاة الأفراد المنخفضة مناعتهم من كبار السن
النظام الذي لم ينشغل بقضايا السوريين عشر سنوات، بل ومارس بحقهم كل أشكال القمع والتهجير والتجويع، وتجاهل أدنى حقوقهم، وسَلَم البلاد لإيران وروسيا، لن يشغل باله مرض سخيف كهذا. لا يغير في الأمر، لو ماتت بسببه شخصيات نافذة، سياسية وعسكرية في الدولة ذاتها، حيث العلاقة مع إيران أكثر من وطيدة. نعم هذا احتمال ممكن، ومن الغباء تجاهله. حتى كتابة هذا المقال، لا أخبار مؤكدة عن عدد وفيات الفيروس، ولا عن إصابة بعض قادة النظام به، أو سعة انتشاره ومدى خطورته.
يندر أن ترى أشخاصاً يرتدون الكمّامات أو الكفوف الطبية في الشوارع؛ ولكن هذه الأدوات ومواد التعقيم استهلكت أغلبيتها من المحالّ. في سورية الخوف، يَصعُبُ على الشعب أن يتخذ سلوكاتٍ من دون إعلانٍ رسميٍّ من النظام بأن هذا مسموح به، وهذا ممنوع. الأسوأ في هذا أن
لم تكن سورية تحتاج إلى كوارث "طبيعية"، لتكتمل المأساة، والآن، تتعرّض لكارثةِ تجاهل النظام هذا الفيروس، ولم توقف علاقاتها مع دولةٍ تصدّره إلى العراق والخليج ولبنان وسورية بالتأكيد. وبالتالي هناك مشكلة كبيرة، وستذهب بأعدادٍ كبيرة من السكان. مليشيات إيران المنتشرة في سورية ستنشر هذا الفيروس، وستتوسع أعداد المصابين فيه، والجيش وأفرع الأمن والسجون ستصاب به، وعدا ذلك هناك المدارس والجامعات ومراكز التجمع التي ما زالت مفتوحةً. هذه ستكون نتيجة طبيعية للعلاقات مع إيران ولبنان، وبالتالي من العبث الصمت حيال ذلك.
لا يجوز تناول الموضوع من زاوية سياسيّة؛ فالقضية صحيّة وإنسانيّة بامتياز، ولكنها تتسيّس بالتأكيد، وهذا ما يُلاحظ في الإعلام العالمي، ويتم تضخيم خطورته. ومن المضحك تناول الموضوع من زاوية أنّه فيروس أميركي لتدمير الاقتصاد الصيني؛ فهو أحدث شلًلاً واسعاً في الاقتصاديات العالمية، والخسارات بسببه بالمليارات، وحركة الإنتاج والتجارة تباطأت، وسواه كثير، كما تؤكد التقارير الاقتصادية. وبذلك، أصبح تأثيره كارثيّاً على العالم. وفي سورية سيكون كذلك، سيما أن النظام منشغل بتحرير إدلب من أهلها! ونظامه الصحي هش وضعيف، وعلاقاته مع إيران في أحسن حالاتها، وإعلامه يسميه وباء رئوياً، وهناك عقوباتٌ شديدةٌ على سورية.