04 مايو 2017
قطر وحماس.. لماذا وإلى أين؟
نهاد الشيخ خليل
كاتب وأستاذ جامعي فلسطيني، دكتوراة في التاريخ الحديث، محاضر في قسم التاريخ في الجامعة الاسلامية في غزة
أبدى كثيرون استغرابهم، سنوات عديدة، من تعاطف دولة قطر مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ومساعداتها إلى غزة، واعتبر هؤلاء ما يجري جزءاً من مؤامرة، تنفذ قطر فيها دوراً مشبوها: اعتبر فريق أن قطر أرادت تشجيع "حماس" للانفصال عن السلطة الفلسطينية التي تقودها حركة فتح، ورأى فريق آخر أن قطر خططت لترويض "حماس"، وجعلها تتخلى عن خيار المقاومة. ويستدل الفريقان على صحة ما ذهبوا إليه، على الرغم من أنهما مختلفان، بالقول إن قطر حليفة أميركا، ويوجد فيها أكبر القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة، إضافة إلى أنها تقيم علاقات حسنة مع إسرائيل، والسفير القطري، محمد العمادي، لا يدخل غزة ولا يخرج منها إلا بتصريح من إسرائيل.
العلاقة القطرية الأميركية متينة، وهذا يجعل علاقات قطر مع "حماس" محل تساؤل. هل هي دور محدد ضمن مؤامرة كبرى تسعى إلى تحقيق تعزيز الانقسام الفلسطيني، وترويض "حماس"، أم أن لهذه العلاقة أبعاداً أخرى؟
تدرك قطر أنها تعيش واقعاً صعباً، إذ إنها دولة صغيرة، وتقع في مرمى دول ذات مطامع مختلفة، وعلى سبيل المثال، فإن السعودية تسعى إلى الهيمنة، ولم تكن راضية عن حكم الأمير الشيخ حمد بن خليفة منذ البداية، واتخذت موقفاً من حكم الشيخ تميم بن حمد، وحاولت المملكة مرات أن تفرض إرادتها على قطر، وتوجد مخاوف قطرية من تجدّد هذه المحاولات السعودية.
ويضاف إلى ما تقدّم وجود إيران، ذات المطامح المعلنة في الخليج، والتي تمتلك برامج للتأثير داخل الدول الخليجية، وتعرف قطر أن تحقيق الطموح الإيراني باستخدام الأدوات العسكرية غير متاح، بسبب وجود القواعد الأميركية، لكن استخدام إيران القوة الناعمة في منطقة الخليج لا تستطيع أن توقفه أميركا، بل ربما يكون وجود القواعد الأميركية عاملاً مساعداً في نجاح الدعاية الإيرانية ضد دول الخليج.
وإزاء هذا الحال، أعتقد أن قطر حاولت اتباع نهج يعتمد على: أولاً: الوفاء بالالتزامات تجاه
الولايات المتحدة، والتمسّك بمقتضيات الصداقة أو التحالف مع الولايات المتحدة، لكنها أدركت أن الأخيرة لن تتحمس لحل كل المشكلات القطرية مع دول الجوار، وتعزّز هذا الإدراك عندما بدأت أميركا تنسحب من المنطقة في عهد الرئيس السابق، باراك أوباما. وبناءً عليه، قررت العمل في الهوامش التي تحقق مصالح قطر، ولا تُغضب الأميركان.
ثانياً: بعد مؤتمر مدريد، دخلت دول عربية في علاقات مباشرة مع إسرائيل، وكانت قطر واحدةً منها، باعتبار أن هذا سيعزّز العلاقة مع الولايات المتحدة، لكن يبدو أن قطر استنتجت مبكراً أن العلاقة مع إسرائيل ستكون، بقدر ما هي رافعة في العلاقة مع أميركا، ستكون عبئاً عليها على الصعيد العربي الشعبي.
ثالثاً: وبناءً على ما تقدم، أرادت قطر، على ما يبدو، الدخول في علاقاتٍ تمنحها قدراً من التوازن في مواجهة التحديات. ولهذا ذهبت باتجاه علاقات استراتيجية مع تركيا، باعتبار الأخيرة دولة كُبرى في المنطقة، ليس لديها طموحات هيمنة، بل لديها رغبة في الاستفادة اقتصادياً، وبناء علاقة مع العرب، بعد أن اتضح لها أن أبواب الاتحاد الأوروبي مغلقة.
رابعاً: وعلى الصعيد الشعبي، عمدت قطر إلى بناء علاقاتٍ مع الحركات السياسية ذات الوزن، مثل الإخوان المسلمين وحركة حماس، باعتبار أن هذه التيارات هي التي تستطيع أن توازن النموذج الشيعي الذي يحاول أن يُعمِّق تأثيره في المنطقة من خلال أدواته المختلفة.
خامساً: وفي الوقت نفسه، حافظت قطر على علاقات جيدة مع إيران، ومع كل الدول والأحزاب التي يمكن بناء علاقات مفيدة في الجانب المادي والمعنوي لقطر.
سادساً: عندما انطلق الربيع العربي، رأت قطر أن الفرصة أصبحت سانحة، لوجود دول عربية، قادرة على بناء حالة من التوازن في المنطقة، فساهمت في دعم قوى الثورة،
ومؤسسات الدولة في عدد من البلدان، لعل وعسى أن يساهم ذلك بيناء دولٍ قوية قادرة على إحداث حالةٍ من التوازن، تُتيح لقطر الاستمرار دولة مؤثرة، وقادرة على مواجهة المخاطر والتحديات في محيطها.
سابعاً: التزمت قطر، في كل خطواتها وسياساتها، بالقانون الدولي، وحاولت ألا تُزعج أحداً، فهي تمتلك علاقة قوية مع حركة حماس، وفي الوقت نفسه، تقدم المساعدات للحكومة الفلسطينية في رام الله، ولا تؤسس أي مشروع في غزة، إلا عن طريق المؤسسات الحكومية في رام الله.
ربما كشفت الأزمة الحالية التي قطعت خلالها السعودية والإمارات والبحرين علاقاتها مع قطر أن السلوك القطري السابق كان مبنياً على سياسةٍ خاصة بالدولة، تهدف إلى حماية مصالحها، بدخولها في علاقات توفر لها حالةً من توازن القوة، في المجالين المادي والمعنوي، مع جاراتها، وهكذا فإن علاقة قطر مع حماس مبنية على أساس رؤية شاملة للمصالح القطرية، وليست جزءاً من مؤامرة أو مخطط يهدف إلى تحقيق أهداف لأميركا وإسرائيل.
ولهذا، وعلى ضوء ما حدث من تحالفٍ ضدها، فإن قطر ستزداد تمسّكاً بسياستها الخارجية، وفي القلب منها علاقتها مع حركة حماس، على الرغم من أن هذه العلاقة أحد أسباب انزعاج جاراتها الخليجيات منها، لكن ربما تشهد العلاقة خطوةً أو اثنتين إلى الوراء. وفي المجمل، ستتواصل العلاقة، وستبقى في الإطار نفسه.
العلاقة القطرية الأميركية متينة، وهذا يجعل علاقات قطر مع "حماس" محل تساؤل. هل هي دور محدد ضمن مؤامرة كبرى تسعى إلى تحقيق تعزيز الانقسام الفلسطيني، وترويض "حماس"، أم أن لهذه العلاقة أبعاداً أخرى؟
تدرك قطر أنها تعيش واقعاً صعباً، إذ إنها دولة صغيرة، وتقع في مرمى دول ذات مطامع مختلفة، وعلى سبيل المثال، فإن السعودية تسعى إلى الهيمنة، ولم تكن راضية عن حكم الأمير الشيخ حمد بن خليفة منذ البداية، واتخذت موقفاً من حكم الشيخ تميم بن حمد، وحاولت المملكة مرات أن تفرض إرادتها على قطر، وتوجد مخاوف قطرية من تجدّد هذه المحاولات السعودية.
ويضاف إلى ما تقدّم وجود إيران، ذات المطامح المعلنة في الخليج، والتي تمتلك برامج للتأثير داخل الدول الخليجية، وتعرف قطر أن تحقيق الطموح الإيراني باستخدام الأدوات العسكرية غير متاح، بسبب وجود القواعد الأميركية، لكن استخدام إيران القوة الناعمة في منطقة الخليج لا تستطيع أن توقفه أميركا، بل ربما يكون وجود القواعد الأميركية عاملاً مساعداً في نجاح الدعاية الإيرانية ضد دول الخليج.
وإزاء هذا الحال، أعتقد أن قطر حاولت اتباع نهج يعتمد على: أولاً: الوفاء بالالتزامات تجاه
ثانياً: بعد مؤتمر مدريد، دخلت دول عربية في علاقات مباشرة مع إسرائيل، وكانت قطر واحدةً منها، باعتبار أن هذا سيعزّز العلاقة مع الولايات المتحدة، لكن يبدو أن قطر استنتجت مبكراً أن العلاقة مع إسرائيل ستكون، بقدر ما هي رافعة في العلاقة مع أميركا، ستكون عبئاً عليها على الصعيد العربي الشعبي.
ثالثاً: وبناءً على ما تقدم، أرادت قطر، على ما يبدو، الدخول في علاقاتٍ تمنحها قدراً من التوازن في مواجهة التحديات. ولهذا ذهبت باتجاه علاقات استراتيجية مع تركيا، باعتبار الأخيرة دولة كُبرى في المنطقة، ليس لديها طموحات هيمنة، بل لديها رغبة في الاستفادة اقتصادياً، وبناء علاقة مع العرب، بعد أن اتضح لها أن أبواب الاتحاد الأوروبي مغلقة.
رابعاً: وعلى الصعيد الشعبي، عمدت قطر إلى بناء علاقاتٍ مع الحركات السياسية ذات الوزن، مثل الإخوان المسلمين وحركة حماس، باعتبار أن هذه التيارات هي التي تستطيع أن توازن النموذج الشيعي الذي يحاول أن يُعمِّق تأثيره في المنطقة من خلال أدواته المختلفة.
خامساً: وفي الوقت نفسه، حافظت قطر على علاقات جيدة مع إيران، ومع كل الدول والأحزاب التي يمكن بناء علاقات مفيدة في الجانب المادي والمعنوي لقطر.
سادساً: عندما انطلق الربيع العربي، رأت قطر أن الفرصة أصبحت سانحة، لوجود دول عربية، قادرة على بناء حالة من التوازن في المنطقة، فساهمت في دعم قوى الثورة،
سابعاً: التزمت قطر، في كل خطواتها وسياساتها، بالقانون الدولي، وحاولت ألا تُزعج أحداً، فهي تمتلك علاقة قوية مع حركة حماس، وفي الوقت نفسه، تقدم المساعدات للحكومة الفلسطينية في رام الله، ولا تؤسس أي مشروع في غزة، إلا عن طريق المؤسسات الحكومية في رام الله.
ربما كشفت الأزمة الحالية التي قطعت خلالها السعودية والإمارات والبحرين علاقاتها مع قطر أن السلوك القطري السابق كان مبنياً على سياسةٍ خاصة بالدولة، تهدف إلى حماية مصالحها، بدخولها في علاقات توفر لها حالةً من توازن القوة، في المجالين المادي والمعنوي، مع جاراتها، وهكذا فإن علاقة قطر مع حماس مبنية على أساس رؤية شاملة للمصالح القطرية، وليست جزءاً من مؤامرة أو مخطط يهدف إلى تحقيق أهداف لأميركا وإسرائيل.
ولهذا، وعلى ضوء ما حدث من تحالفٍ ضدها، فإن قطر ستزداد تمسّكاً بسياستها الخارجية، وفي القلب منها علاقتها مع حركة حماس، على الرغم من أن هذه العلاقة أحد أسباب انزعاج جاراتها الخليجيات منها، لكن ربما تشهد العلاقة خطوةً أو اثنتين إلى الوراء. وفي المجمل، ستتواصل العلاقة، وستبقى في الإطار نفسه.
دلالات
نهاد الشيخ خليل
كاتب وأستاذ جامعي فلسطيني، دكتوراة في التاريخ الحديث، محاضر في قسم التاريخ في الجامعة الاسلامية في غزة
نهاد الشيخ خليل