زوجة ونائب ووطن

13 ابريل 2017
+ الخط -
إنّ تجسيد المثل الدارج "وراء كل رجل عظيم إمراة"، يكاد ينطبق بالفعل على عضو المجلس التشريعي الفلسطيني وزوجة المناضل الثوري، مروان البرغوثي، الذي يقضي حكماً بالمؤبد خمس مرات في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بعد اعتقاله على خلفية نشاطه الثوري ضد الاحتلال في الخامس عشر من إبريل/ نيسان من العام 2002 في خضم عملية السور الواقي وحصار الشهيد ياسر عرفات.
يحمل البرغوثي شهادتي البكالوريوس في التاريخ والعلوم السياسية والماجستير في العلاقات الدولية، وعمل، حتى اعتقاله، محاضراً في جامعة القدس في أبو ديس، وفاز، أخيرا، بعضوية اللجنة المركزية لحركة فتح، بعد نتائج المؤتمر السابع.
مروان متزوج من المحامية الفلسطينية فدوى البرغوثي، والتي تعمل، منذ سنوات طويلة في المجال الاجتماعي، وفي مجال المنظمات النسائية، إلا أنّها غيّرت من طريقة عملها لتصبح وجهاً سياسياً وإعلامياً ناطقاً ومدافعاً عن حرية الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، خصوصا بعد اختطاف الاحتلال زوجها، حيث تمكنت بجدارة منقطعة النظير من إيصال رسالته إلى كل الدول والمنظمات الحقوقية، وفي وسائل الإعلام المختلفة.
لن يتوقف صوت فدوى البرغوثي (أم القسّام)عن الهدير في وجه الاحتلال، حتى يتم تتويجه رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية ولمنظمة التحرير، وهي الطريقة الأمثل والأنجع لإخراج أبو القسّام من براثن الاحتلال الإسرائيلي.
أم القسّام، فازت أخيرا بعضوية المجلس الثوري لحركة فتح، تلك السيدة والمحامية والإعلامية والسياسية التي تزوجت القضية الفلسطينية، وأخذت على عاتقها أن تكون الزوجة المقاتلة لحرية زوجها، تسعى إلى تكرار تجربة الزعيم الراحل نيلسون مانديلا الذي حارب نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وهي التي زارت أكثر من 20 بلد، متحدثة عن الانتفاضة والمقاومة والأسرى، ممثلة بذلك صوت زوجها القابع خلف القضبان.
لم تقف أم القسّام مكتوفة الأيدي في وقت خذلها كثيرون، فقد ذهبت بقضية زوجها إلى أبعد الحدود. زارت جنوب أفريقيا، ومن هناك أطلقت حملة دولية في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2003 من زنزانة المناضل الأممي الكبير نيلسون مانديلا، في جزيرة روبين آيلاند، التي كانت معتقلاً لمناضلي الحركة الوطنية الجنوب إفريقية ضد نظام الأبارتيد السابق، لتكون باكورة الأعمال من أجل حصول مروان ورفاقه على حريتهم.
ربّما حان الوقت للتغيير، كيف لا وأنّ الأسرى داخل السجون هم من يرسلون إلينا يومياً إشارات الصمود والتحدّي في وجه الاحتلال الإسرائيلي، فرسالة الحوار الوطني الفلسطيني ووثيقة المصالحة كان منبعها زنازين الاحتلال، ففي التاسع من مايو/ أيار عام 2006 وقع البرغوثي نيابة عن حركة فتح وثيقة الوفاق الوطني الصادرة عن القادة الأسرى في سجون الاحتلال، وقد تبنتها منظمة التحرير باعتبارها أساساً لمؤتمر الوفاق الوطني.
لم تبق هناك تساؤلاتٌ كثيرة عن واقع القضية الفلسطينية لطرحها للنقاش، فالقضية تعيش أسوأ فصولها منذ العام 1948، قضايا متراكمة تتمثل باحتلال دنس الأرض، وقتل الأطفال واستيطان الأرض، في ظلّ واقع عربي يعيش خريفاً يثمر مزيداً من حالات التشرذم، ولا أريد أن أنسى واقعنا الفلسطيني المنقسم على نفسه، وتخبّط السياسيين في جدران العلاقات مع الدول العربية.
يلوح السابع عشر من أبريل، يوم الأسير الفلسطيني الذي أقرّه المجلس الوطني الفلسطيني في 1974، وقد سبقت ذلك دعوة إلى الإضراب عن الطعام، أطلقها الأسير البرغوثي ورفاقه، لتوحيد جهود سبعة آلاف أسير فلسطيني خلف قضبان الاحتلال الإسرائيلي، يعيشون ظروفاً معيشية صعبة ما بين العزل الانفرادي وعدم نيل حقوقهم ومطالبهم المشروعة.
يخوض البرغوثي الإضراب، في وقت غابت فيه قضية الأسرى عن الطاولة الوطنية الفلسطينية، لتكون هي الأخرى حبيسة مثل أصحابها، لا يمكن الحديث فيها إلا في المناسبات الوطنية، كما في السابع عشر من أبريل. ويبدو أنّ يوم الأسير هذا العام سيمرّ كباقي الأيام في ظل انشغال مواطني غزة والضفة بأزمة تقليص الرواتب والحوار الفلسطيني الداخلي وزيارة الرئيس محمود عباس إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترامب.
8981FDE1-0454-4CBC-894E-2351C53A26E0
8981FDE1-0454-4CBC-894E-2351C53A26E0
أشرف أبوخصيوان (فلسطين)
أشرف أبوخصيوان (فلسطين)