ريمي بندلي.. ومذاق الكرز

13 يوليو 2015
+ الخط -
متعجّلين.. ولا مكان يتّسع لهذا الارتباك. عصبيّين.. لا ننتبه إلى أين تقودنا خطانا. متوترين وقلقين.. من دون معرفة السبب. والشوارع تمتلىء بِنَا، وكأنها تردّد علينا السؤال نفسه، كما في كلّ مرّة: إلى أين؟ بتنا مناضلين على ورق، وملائكة على سبيل الافتراض، وكائنات تبحث عن الحل، وهي كلّ المشكلة، فيما أصبح باب "الاجتهاد" الذي كان رحمةً للناس مفتوحاً على مصراعيه للاختلاف على شكل الموت.
الأخبار تترصّد بنا في كلّ لحظة ومن كلّ مكان، من دون أن تسمح لنا بهدنةٍ واحدة، لنفكّر فيها بـ "لون الكرز"، بعيداً عن تدخّل أبواق السيارات، وأصوات الباعة المتجوّلين. في الأرجاء، كلامٌ أسود كثيف يحجب أشعة الشمس، وأفكارٌ مستعملة، وأفعالٌ تبدو بلا جدوى كالسراب، وشاشاتٌ تعجّ بالفوضى غير الخلّاقة، واختلاط المفاهيم، وأزمة الهوية... ! من يعلِّق قنديلاً في آخر النفق..؟ ومن لديه الشجاعة للذهاب إلى ما هو قادم، من دون أن توقفه شرطة المرور إلى المستقبل؟
من يمدّ يده إلى الآخرين، ويفتح نوافذ قلبه للشمس، متحلّلاً من إرث الكراهية؟ ياااه، كيف يمكن لنا أن نتسلّق شجرة الأمنيات في عالمٍ مثقلٍ بواقعيةٍ سحرية، تفوح في أرجائه رائحة البارود. وتحزّ أعناقنا فيه سكاكين الحدود؟ نعم، تذكّرني الحدود بصديقي الشاعر الذي كان مغرماً بالكرز. هاجر إلى السويد، بعد أن ضاقت به الأمسيات الشعرية، وبمجرد أن تجاوز تلك الحدود؛ تحوّل من شاعر متخصّص في الكتابة عن المنافي إلى إنسان، أكبر أمانيه في الحياة زيارة مطعم هاشم في وسط البلد في عمّان ترفاً، وليس "طفراً" هذه المرّة.
انتقل ذلك الصديق إلى مكان يجد فيه نفسه، ويعرفها في آنٍ معاً، فربحته الحياة وخسر الشرق الأوسط موته المحتوم. ترى، هل ستموت هذي البلاد في خواطر أصحابها، وتتحوّل إلى قبر كبير؟ ترى؛ متى سيختلف العرب على مذاق الكرز، وأوتار الكمان، بدلاً من خلافهم على جنس الملائكة وشكل الآلهة؟ "وينك يا ريمي بندلي نغنّي معك: اعطونا السلام"؟



avata
avata
عبد الله المبيضين (الأردن)
عبد الله المبيضين (الأردن)