قوات خامنئي في الجنوب السوري

07 ابريل 2015
+ الخط -
تعود بداية قضية التدخل المباشر من عند حزب الله التابع عقائدياً لولاية الفقيه، وقد دخل سورية في بدايات اندلاع المظاهرات في درعا، عندما كان المتظاهرون يهتفون "لا إيران ولا حزب الله، بدنا حاكم يخاف الله، وسورية حرة حرة حزب الله يطلع برا"، والدافع إلى تلك الهتافات كان، بحسب مطلعين، اتهام الناشطين والمعارضين السوريين للنظام باستقدام عناصر من حزب الله، للمساهمة في قمع المظاهرات والتنكيل بالمعتقلين.
ومع تطور الأحداث وتحول الحراك السلمي إلى مسلح، بقي اتهام المعارضة المسلحة للنظام بجلب مقاتلين من حزب الله إلى درعا إلى البلدات والمدن التي لها مكانة عقائدية لدى حزب الله مثل بصرى الشام الأثرية، فكان وجود الحزب في المدينة بدعوى حماية المدينة والشيعة، أمر استفاد منه النظام في حماية أهم المداخل من درعا إلى محافظة السويداء. حيث وثق الناشطون رفع أعلام الحزب على مؤسسات حكومية ومبانٍ سكنية.
وإلى البلدات التي لها أهمية استراتيجية في الصراع المسلح الدائر مع قوات المعارضة المسلحة، مثل بلدة خربة غزالة على الطريق الدولي، دمشق درعا، والتي كانت المعارضة من خلالها تحكم حصارها على مدينة درعا التي استطاع النظام إعادة السيطرة عليها في منتصف عام 2013، بعد معارك طويلة استمرت أكثر من خمسين يوماً، وكان مقاتلو المعارضة المسلحة يتحدثون عن سماع اللكنة اللبنانية واللغة الفارسية على ترددات اللاسلكي التي كانت تستخدم في تواصل جيش النظام مع بعضهم.
لم يكن الحديث عن وجود هؤلاء المقاتلين في صفوف النظام يحظى بأي دليل ملموس من قوات المعارضة، حتى بدأت المعارك الحاسمة في الريف الشمالي الغربي في درعا في عام 2014، تحديداً في مدينة الشيخ مسكين، الخاصرة الرخوة لمدينتي إزرع والصنمين اللتين تعتبران خط الصد الأخير للنظام عن مدينة دمشق وريفها.
وتمكنت المعارضة من قتل قيادات من حزب الله والحرس الثوري الإيراني، كما استطاعت اعتقال مقاتلين إيرانيين، كعماد شيرزاي، وهو مقاتل في لواء الفاطميين، والذي تحدث عن وجود أكثر من 900 مقاتل جاءوا إلى الشيخ مسكين في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 لحماية ما تبقى من الشيخ مسكين.
المعارك الطاحنة بين قوات المعارضة المسلحة والقوات الشيعية متعددة الجنسيات استمرت لتشمل معارك بلدة قرفا على الطريق الدولي من الجهة الغربية لدرعا، والقريبة من مدينة الشيخ مسكين.
هذه المعارك الشرسة بينهما امتدت، بعد ذلك، إلى المثلث الذي يجمع أطراف درعا والقنيطرة في ريف دمشق الغربي، والذي يضم تلالاً عديدة مهمة، كتل مرعي وبلدات الهبارية والدناجي ودير ماكر على أطراف ريف دمشق الغربي والمتصلة ببلدات دير العدس والسلطانة وحمريت في ريفي درعا والقنيطرة. حيث استقدم النظام أعداداً كبيرة، قدرت بخمسة آلاف مقاتل من هذه القوات، وكانت تتقدمها قيادات كبيرة من الحرس الثوري الإيراني، كالعميد محمد أردكاني، وعباس عبد إلهي واللذين قتلا مع عشرات من تلك القوات، داخل المثلث الذي سمي، في ما بعد بمثلث الموت.
أجبر مقتل هذه القيادات الإعلام الموالي للنظام السوري على الاعتراف بوجودهم مقاتلين بدلاً من بقايا جيش النظام السوري. بل وتعدى ذلك إلى الترويج العلني والسافر لكل القوانين الدولية، لوجودهم في أماكن مهمة في محافظة درعا، كالفيديو الذي نشرته القناة الثانية لإيران، ويتحدث عن وجود كتائب تابعة للواء السيدة رقية في بلدة نامر بين بلدة خربة غزالة ومدينة إزرع، إذ أوكلت إليها مهمة حماية البلدة من السقوط بيد قوات المعارضة المسلحة، بدعوى حماية مرقد السيدة زينب في دمشق من أن يسبى، مرة ثانية، لو سيطرت المعارضة على الطريق الدولي الواصل إلى دمشق.
وجود هؤلاء المقاتلين التابعين لخامنئي بدعاوى دينية، استغلت لجلبهم من أجل حماية نظام بشار الأسد، ومنعه من السقوط. يقابلها غضب كبير من السوريين الذين يرون أن المجتمع الدولي ينظر إلى قضيتهم بعين الزور، ففي وقت ضجت فيه وسائل الإعلام الغربية والتصريحات الأممية بالتنديد بوجود مقاتلين عرب إلى جانب الجيش السوري الحر، يلتزم هؤلاء أنفسهم الصمت المخزي، عندما يتعلق الأمر بحماة الأسد الذين احتلوا علانية أراضي سورية، بعد أن ذبحوا أهلها بسكاكين الحقد الطائفي.
D861DA22-7918-488C-8181-923F9708CD77
D861DA22-7918-488C-8181-923F9708CD77
محمد نور (سورية)
محمد نور (سورية)