الزكاة والإمام الجائر ... تقويض المجتمع ونهب الناس

11 يوليو 2014
+ الخط -


منذ يوم 14 يونيو/حزيران 2014، تطالعنا الصحف ونوافذ النشر المختلفة في مصر بمشروع اتفق عليه قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، مع شيخ الانقلاب، أحمد الطيب، في لقاء بينهما حضره مفتي الانقلاب، شوقي علام، ووكيل الأزهر، عباس شومان، وكل من نصر فريد واصل، والأحمدي أبو النور، ومحمد عبد الفضيل القوصي، أعضاء هيئة كبار علماء أحمد الطيب.

وقررت مشيخة الأزهر، كما جاء على لسان محمد العبد، مدير الحسابات، مدّ فترات ساعات العمل في مكاتب تلقي أموال الزكاة والتبرعات في مشيخة الأزهر والجامع الأزهر الشريف، لتصبح من التاسعة صباحاً إلى العاشرة مساءً، طوال شهر رمضان الكريم، بما فيها أيام الجمعة والعطلات الرسمية.

يقضي المشروع بإنشاء ما أسموه بيت الزكاة والصدقات المصري الذي يجب أن يتم تزويده بآليات متكاملة تضمن من خلالها الدولة حسن إنفاق الأموال في المصارف الشرعية للزكاة، ووصول الصدقات إلى مستحقيها.

صحيح أن الحاكم في الإسلام، إذا اعترفنا، أساساً، بقائد الانقلاب حاكماً، من واجباته أن يجمع الزكاة، ويوزعها على مستحقيها، لكن هذا المشروع يأتي في إطار آخر، وسياق مختلف يوجب على الناس الحذر من هذا المشروع المشبوه، وقد صرح قائد الانقلاب، من قبل، بأنه المسؤول عن القيم والمبادئ والأخلاق والدين في مصر.

لا ندري كيف يتحدث عن الدين والأخلاق والمبادئ، وهو مَنْ مارس القتل الجماعي بحق الناس، وحرق الجثث، وأضرم النيران في بيوت الله، وأقام الحصار حولها، لكنه وجد له ظهيراً ونصيراً من مشايخ، استبدلوا دينهم بدنيا غيرهم، وخانوا الله والدين والأخلاق، وحرضوا على القتل، وأمروا بسفك الدماء، وعجلوا تنفيذ أحكام الإعدام بالجملة.
للتحفظ على المشروع ورفضه سببان:

الأول: لا نأمن لمجرم سفاح منقلب أن يزعم أنه المسؤول عن الدين والأخلاق والقيم والمبادئ، وهو أبعد ما يكون عنها، وأن يكون هو قيّماً على فريضة من فرائض الله؛ فهذا قضاء على دور المجتمع وجمعياته الأهلية ومؤسساته المدنية الخيرية التي تقوم، في هذا الصدد، بما لا تستطيع أن تقوم به الدولة؛ وهو، أي قائد الانقلاب، كان قد صرح من قبل، بل أغلق الجمعيات الخيرية التي تعمل على خدمة الشعب، وتكفل معوزيه.

الثاني: لا نأتمن سفاحاً، ولا شيوخاً للانقلاب أفتوا بالقتل والحرق، وكتموا قول الله من بعد ما تبين لهم الحق، على أموالنا، حتى لو كانت من الصدقات، فقد تقرر فقهاً أن المسلم يجب أن يتحرى حين يُخرج زكاته، وإذا كان الإمام إمام جور، فلا يعطه ماله، فكيف بمنقلب قاتل.

كما أن هذه حيلة لنهب أمول الناس، وصرفها لغير مستحقيها في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها مصر، بل ربما تذهب إلى مؤسسات الأمن، لتقتل بها الناس، وتعتدي بها على دافعيها، وتحرم منها مستحقيها؛ لأن هذا كله يأتي في سياق الشحاذة التي فاحت رائحتها، وبلغت الآفاق، والتي يمارسها كل من يصفق للانقلاب، ويستجدون دولاً إقليمية، ورجال الأعمال في مصر. وهو الذي دعا الشعب المصري للتقشف في وقت زاد فيه أعضاء حكومة الانقلاب عن 36 وزارة، وميزانية الجيش زادت 30%، وراتب قائد الانقلاب 42000 جنيه مصري!

لن يكتب لمشروع بيت الزكاة والصدقات المصري أي نجاح، ولن يتجاوب معه أحد من شرفاء مصر، إلا ممن هم على شاكلة السيسي وشيخ الأزهر؛ لأنه مشروع قائم على تخريب مؤسسات المجتمع، وعلى نهب أموال الشعب الذي يجب عليه شرعاً أن يتحرّى مصارف زكاته، وأن يوصلها بنفسه إلى مستحقيها في زمن يستحلّ فيه العسكريون ورؤوس المؤسسات الدينية، على السواء، دماءَ الشعب المصري، فضلاً عن أمواله.

FB60D549-0DD4-495D-92DF-375BFFE48969
FB60D549-0DD4-495D-92DF-375BFFE48969
وصفي عاشور أبو زيد (مصر)
وصفي عاشور أبو زيد (مصر)