11 نوفمبر 2024
ماثيو هيدجز وتيسير النجار
أسبوعان فقط قضاهما البريطاني ماثيو هيدجز (31 عاما) في الإمارات، قبل احتجازه وهو يغادرها، في مطار دبي في مايو/ أيار الماضي، غير أنهما كانا كافيين ليس فقط لمزاولته "التجسّس لأجهزة استخبارات أجنبية" (هكذا بالضبط)، وإنما أيضا لـ "تسخير وتدريب عناصر لاستخدامها في التجسّس والمعلومات السرية المستهدفة"، بحسب بيانٍ لوزارة الخارجية الإماراتية أمس، أعلنت فيه عفو رئيس الدولة، خليفة بن زايد، عن هيدجز، بعد أن تلقّى التماسا، في رسالةٍ إليه، من عائلة هذا الشاب الذي قضت محكمة استئناف أبوظبي الاتحادية عليه، الأربعاء الماضي، بالسجن المؤبد، بتهمة "التجسّس لصالح دولة أجنبية".
وبعيدا عن الهزال الفادح في القصة كلها، وعن مقادير التنكيت التي ضجّت بها وسائل التواصل الاجتماعي، وواكبت الاتهام والحكم، وعن مقادير التنكيت التي استجدّت أمس بعد العفو الذي جعل السجن المؤبد ستة أيام، ودلّ على أن "العين الحمراء" التي أظهرتها الحكومة البريطانية لأبوظبي هي التي أفرجت عن هيدجز، وليس غيرها، بعيدا عن هذا كله، الرسالةُ شديدةُ الوضوح، فالشاب البريطاني طالب دكتوراه، زار دبي وأبوظبي في إطار بحث أطروحته الجامعية "تأثير الأمن الإماراتي والسياسات الخارجية في أعقاب الربيع العربي". والظاهر أن فائضا من ثقةٍ مفرطةٍ لديه، وهو يتجاسر على القدوم إلى الإمارات، وفي باله أن يخوض في هذا الموضوع. غير أن في الوسع أن يُحسب احتجازُه شهورا، ثم محاكمته واتهامه بالتجسّس والحكم عليه بالسجن المؤبد (25 عاما) خلاصاتٍ تنتهي بها أطروحته، فليس من ربيعٍ عربي أبدا، وإنما هو الاحتكام دائما إلى الأمن، بالمعنى البوليسيّ طبعا، الأمر الذي له كبير التأثير على السياسات الخارجية. وإذا كان هيدجز قد ناله الحبس شهورا، والحبس المؤبد ستة أيام (!)، فإن عليه أن يغتبط بذلك، إذ لم يلحق به ما عوقب به الشاب الإيطالي، جوليو ريجيني (28 عاما)، لمّا أراد إنجاز أطروحة دكتوراه في كامبريدج عن نقابات العمال وتشكيلاتهم في مصر، عذّبوه ثم قتلوه "كما لو كان مصريا"، بحسب تعبير والدته، وعُثر على جثّته المشوّهة في الطريق الصحراوي هناك.
وبعيدا عن الهزال الفادح في القصة كلها، وعن مقادير التنكيت التي ضجّت بها وسائل التواصل الاجتماعي، وواكبت الاتهام والحكم، وعن مقادير التنكيت التي استجدّت أمس بعد العفو الذي جعل السجن المؤبد ستة أيام، ودلّ على أن "العين الحمراء" التي أظهرتها الحكومة البريطانية لأبوظبي هي التي أفرجت عن هيدجز، وليس غيرها، بعيدا عن هذا كله، الرسالةُ شديدةُ الوضوح، فالشاب البريطاني طالب دكتوراه، زار دبي وأبوظبي في إطار بحث أطروحته الجامعية "تأثير الأمن الإماراتي والسياسات الخارجية في أعقاب الربيع العربي". والظاهر أن فائضا من ثقةٍ مفرطةٍ لديه، وهو يتجاسر على القدوم إلى الإمارات، وفي باله أن يخوض في هذا الموضوع. غير أن في الوسع أن يُحسب احتجازُه شهورا، ثم محاكمته واتهامه بالتجسّس والحكم عليه بالسجن المؤبد (25 عاما) خلاصاتٍ تنتهي بها أطروحته، فليس من ربيعٍ عربي أبدا، وإنما هو الاحتكام دائما إلى الأمن، بالمعنى البوليسيّ طبعا، الأمر الذي له كبير التأثير على السياسات الخارجية. وإذا كان هيدجز قد ناله الحبس شهورا، والحبس المؤبد ستة أيام (!)، فإن عليه أن يغتبط بذلك، إذ لم يلحق به ما عوقب به الشاب الإيطالي، جوليو ريجيني (28 عاما)، لمّا أراد إنجاز أطروحة دكتوراه في كامبريدج عن نقابات العمال وتشكيلاتهم في مصر، عذّبوه ثم قتلوه "كما لو كان مصريا"، بحسب تعبير والدته، وعُثر على جثّته المشوّهة في الطريق الصحراوي هناك.
تحقّق لماثيو هيدجز ذلك العفو، فصار اسمُه بين 785 مشمولا بأمر رئاسيٍّ بالإفراج عنهم، ودفع غرامات محكومين بها، بمناسبة اليوم الوطني للإمارات (2 ديسمبر). أما الصحافي الأردني، تيسير النجار (43 عاما)، والذي يتمّ بعد أسبوعين ثلاث سنواتٍ محبوسا، وهي مدة الحكم الشنيع عليه، ما يجعله لا يحتاج إلأ لإنقاذه من غرامة الخمسمائة ألف درهم إماراتي. ولا شططَ في ذهاب كثيرين، جهروا أمس بغضبهم من عدم إطلاق سراح النجار، إلى أن هيدجز، الذي رُمي بتهمة التجسّس الثقيلة، ما كان ليحوز إفراجا لولا أنه بريطاني، فيما تم إهمال النجار لأنه أردني. ومعلومٌ أن الحكومة والصحافة والرأي العام في بريطانيا ضجّوا ضاغطين، من أجل إنقاذ مواطنهم من الحبس في "البلد المتوحش"، بحسب ما نعتت "الصنداي تايمز" دولة الإمارات. أما الحكومة والصحافة الأردنيتان، فبالكاد استوضحتا، بنزر يسير، عن الزميل الصحافي الذي أُلقي في السجن بتهمةٍ بُنيت على منشور في "فيسبوك"، اعتُبر مسيئا لدولة الإمارات، كتبه قبل عامٍ من قدومه للعمل في أبوظبي، بل زار في غضون ذلك العام الإمارات، بدعوة من جهة ثقافية حكومية، بعد ذلك المنشور، وقبل بدئه العمل في مطبوعةٍ في أبوظبي.
ولكن، تحدّثت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان أمس عن استثناء عشراتٍ من معتقلي الرأي من عفو رئيس الإمارات، بينما شمل محكومين في قضايا مالية، وضمّ البريطاني المتهم بالتجسّس (!). .. ومن العجيب أن وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، جاء على رأفة صاحب العفو ومكارمه بشأن هيدجز، وعلى متانة العلاقات بين بلاده والمملكة المتحدة، فيما الرأفة والمكارم نفسُهما لم تتعطفّا بشيءٍ على مواطنٍ أردني أتمّ مدة الحكم الجائر عليه، والعلاقات بين بلاده والإمارات متينةٌ أيضا.