قطر والمونديال ورهان التحدّي

10 نوفمبر 2022

جدارية عن كرة القدم في الدوحة قبل انطلاق مباريات كأس العالم (8/11/2022/فرانس برس)

+ الخط -

أكملت دولة قطر استعداداتها النهائية لاحتضان بطولة كأس العالم لكرة القدم. ومنذ 2 ديسمبر/ كانون الأول 2010، عندما فازت باستضافة تنظيم هذا المونديال الأكبر في عالم الرياضة على مستوى العالم، وقطر في حالة سباق مع الزمن، للإيفاء بالتزاماتها الفنية التي وعدت بها ضمن ملفها المنافس لكبريات دول العالم في هذا المضمار، من جهة، ولمواجهة بعض الحملات المسعورة والمحاولات الممنهجة للضغط على رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) من أجل سحب تكليف الدوحة بهذه الاستضافة من جهة أخرى.

ومع قرب انطلاق المونديال، ما زالت المحاولات الخبيثة تُطرح من هذا الطرف أو ذاك، تارة لاستهداف الدولة و"فيفا"، وأخرى لاستهداف الجماهير الدولية التوّاقة لمؤازرة منتخباتها وزيارة هذا البلد العربي الشرق أوسطي المثير، من جهة أخرى. ومع كل هذه المحاولات، كانت حكومة قطر والوحدات التنفيذية والإدارية والشعبية ممثلةً بأصحاب الفنادق والمرافق الخدمية والترويحية في حالةٍ من تحدّي محاولات التأثير النفسي السلبي الذي يشكك بقدرة قطر على إكمال المشوار وإنجاز المهمة بما يليق بقطر دولة عربية إسلامية تؤمن تماماً بأنها تمثل الأمتين العربية والإسلامية في العرس العالمي، بكل مسؤولياته ورهاناته.

تتوقّع قطر أن يزورها أكثر من مليون شخص لحضور مباريات المونديال

تتوقّع قطر أن يزورها أكثر من مليون شخص لحضور مباريات المونديال. ومن حق الجميع، من سيزور الدوحة أو من سيتابع أخبار المونديال من الخارج، أن يعرف حجم الاستعدادات اللوجستية للدولة المنظمة. ومن معلومات عامة مؤكّدة، سوف ترسو سفينتان سياحيتان فاخرتان في ميناء الدوحة، طوال فترة المونديال، تتضمّن 3898 كابينة، وتسعة حمّامات سباحة، وعشرة خيارات للأطعمة الراقية، وتشمل المرافق الأخرى منتجعًا صحيًا وملاعب تنس، وأكبر منزلق جاف في البحر حول العالم. كما وفّرت وكالة قطر للإسكان ما يُقارب 100 ألف إلى 130 ألف غرفة، في أيّ ليلة من أيام البطولة، والتي تستمر 28 يومًا، إضافة إلى عدد كبير من الفلل المجهزة بالكامل، إضافة إلى قرى المشجّعين، وتحوي كابينات مجهّزة بأدوات معيشية كاملة، مع خيام عربية لمن يريد تجربة الأجواء البدوية مجهّزة بالماء والكهرباء وبقية الخدمات.

وأعربت منظمة الصحة العالمية عن ثقتها في الإجراءات التي اتخذتها بنجاح دولة قطر لإدارة المخاطر خلال استضافتها نهائيات كأس العالم لكرة القدم. وأوضح مدير الطوارئ في المنظمة مايكل ريان أن "التجمّعات الجماهيرية المُدارة والمُخطط لها يمكن أن تجري بكل أمان".

دولة بقيادة واعية، مرنة، حكيمة، لا تتشنج ولا تنساق وراء محاولات ثنيها عن طريقٍ رسمته بدراية وعناية

وهيأت قطر وسائل نقل مريحة، آمنة، وسريعة، كمترو الدوحة الذي يؤمّن بـ110 قطارات الوصول المباشر إلى خمسة ملاعب من أصل ثمانية. فيما ستتولى 800 حافلة حديثة مهمة إيصال الجمهور إلى الملاعب الثلاثة الأخرى، وهذا كله مع حساب دقيق لحجم (وكثافة) الجمهور المستخدم هذا الخطوط، إضافة إلى وسائل النقل الخاصة.

من الناحية الخاصة بالأمن خلال البطولة، سواء في ما يتعلق بالملاعب أم بالمناطق العامة التي ستشهد تجمّعات جماهيرية كبيرة، أعدت قطر منهاجاً علمياً طموحاً يمزج التجربة بالفرضيات الأمنية العالمية بقيادة وزارة الداخلية القطرية، مع الاستعانة بدول بعينها ذات تجربة في هذا المجال، سيكون منتسبون منها تحت إمرة القيادات القطرية التي أمضت سنين تتدرب وتستعد لهذا الحدث الكبير.

أفضل ما يمكن أن يقال عن قطر إنها دولة بقيادة واعية، مرنة، حكيمة، لا تتشنج ولا تنساق وراء محاولات ثنيها عن طريقٍ رسمته بدراية وعناية. ورغم استخدام بعض المنظمات أدوات غير لائقة باسمها، لترتيب حملات دعائية ضد قطر، إلا أن ردة الفعل دائماً ما تضّيع على المتربصين فرص النيل من برامج قطر التنموية الهادفة. وفي ملف كأس العالم تحديداً، جرى توضيح موقف قطر من أمور كثيرة مطروحة، مع التمسّك بثوابت مجتمعها العربي وثقافتها الإسلامية المحافظة، والطلب إلى شعوب العالم التي توفّر لها قطر كل أنواع الخدمات احترام هذه الثقافة خلال وجودها في أراضي الدولة.

قطر على موعد مع التاريخ، بل هي في مواجهة معه، لثبت في سِفره ما يجعل الأجيال العربية عموما، والقطرية خصوصا، الحالية واللاحقة، تفخر بهذا الإنجاز العظيم ولتُذكر على مدى التاريخ وعلى مستوى العالم أنها الدولة الوحيدة ذات الـ2.9 مليون نسمة، والـ11.571 كلم، تمكنت من استضافة أكبر كرنفالات العالم الرياضية بنجاح، وببصماتٍ لا يمكن أن تشبهها أي بصمات على مدى التاريخ.

F51601CD-AABE-44C5-B957-606753EEC195
فارس الخطاب

كاتب عراقي مقيم في لندن