في رحيل مهندس الإعلام العُماني
كاتب وقاص عُماني، صدرت له تسع مجموعات قصصية، وأربع روايات، فاز بعدة جوائز عربية
رحل عن دنيانا في الـ18 من أغسطس/ آب الحالي، وزير الإعلام العُماني الأسبق والمستشار الثقافي للسلطان قابوس، عبد العزيز الرواس، بعد حوالي نصف قرن أمضاها بين المنصبيْن. ... كان وراء مجموعة مهمة من المشاريع الإعلامية والثقافية في عُمان، ليس من المبالغة القول بصعوبة حصرها وتحديدها، لتبرز مبعثرة، متوهجة هنا ونابضة هناك إلى وقت قريب من وفاته. كما أنه بعد الوزارة، لم يكن مستشارا اسميّاً، ارتكن إلى الراحة، إنما قام بإنجازات توثيقية لآثارعُمانية متعدّدة، إلى جانب السعي إلى دعم جمعيات أهلية، من أهمها الجمعية العُمانية للصحافيين.
عُرف الراحل بأنه قارئ جيّد ومتابع وصديق لمثقفين عرب. أتذكّر في زيارة الطيّب صالح عُمان كانت بدعوة من الروّاس، حيث أحيا أمسية وأجرى لقاء تلفزيونيا تحدّث فيه عن معرفته بعبد العزيز الروّاس قبل أن يصبح وزيراً. كان الروّاس أيضا وراء تأسيس مجلة نزوى الثقافية. وبشأن الدراما التلفزيونية، تعدّ فترته ذهبية، حيث دعم مسلسلاتٍ طويلة، اشترك فيها عُمانيون (وكأنما يتدرّبون عمليّا في بداياتهم) مع ممثلين عرب معروفين، مثل مسلسلي "عُمان في التاريخ" و"الخليل بن أحمد الفراهيدي" وغيرهما.
وتبرُز أهم إنجازات الروّاس، الثقافية والفنيّة، دعوته الموسيقار ورجل الآثار، يوسف شوقي، إلى الإقامة في عُمان، حتى وفاته ودفنه فيها (1987). كان نتاج ذلك أن شوقي جاب مناطق عُمان، ووثّق التراث الموسيقي العُماني، كما ساهم في إنشاء مركز عُمان للموسيقى والتراث الذي كان من السهولة أن يندثر ويضيع، لولا هذه الخطوة الحيوية التي وجدت مباركةً واهتماما من السلطان قابوس رحمه الله. ويوسف شوقي من علامات الموسيقى في مصر، كتبه عنه أنيس منصور "أحد علماء الموسيقى في زماننا، وأكثر الناس وعياً بها وتاريخها، وكان متفجر الحيوية في كل اتجاه، كان أديبا وذوّاقا للشعر وعازفا على العود. محمد عبد الوهاب قال إنه أمهر عازف على العود".
كان الروّاس أيضاً وراء إقامة ندوة الدراسات العُمانية الموسعة التي جُمعت أوراقها في ثلاثة مجلدات. ومن الأسماء العربية المهمة التي استدعاها إلى عُمان، بحكم علاقاته، القاص المصري يوسف الشاروني الذي أقام في مسقط، وألّف عدّة كتب عن عُمان. لا يمكن أيضا إغفال دعوته صنع الله إبراهيم للإقامة الإبداعية في مسقط، والتي كان من نتاجها تأليفه رواية "وردة"، وهي أول رواية عن ثورة ظفار، وكان لها ما بعدَها، حيث صدرت تباعاً بعدها روايات عُمانية عديدة تتخيّل تلك الفترة السياسية الغامضة من التاريخ العُماني.
عُرف عبد العزيز الروّاس بدماثته وتجاوزه الضغائن والصغائر، إلى جانب مواقفه الشخصية المتّصفة بالنّبل. يذكر الإعلامي، زاهر المحروقي، في كتابه "سارق المنشار"، أنه كان يقدّم برنامج "البثّ المباشر" الذي يميل إلى النقد الخدماتي، ويستقبل مكالمات تتسم بالصراحة والشكوى، يذكر أن بعض المسؤولين لم يتحمّلوا ذلك النقد وضغطوا على الروّاس مراراً بغرض إغلاق البرنامج، بسبب هذا المذيع الذي لا يتدخّل في تصويب ما يروْنه خاطئا، فوافق فقط على تغييره بمذيع آخر، وظلّ البرنامج على ما هو عليه في صيغته اليومية.
لم أصادف الراحل حين كان وزيراً للإعلام في أي موقف، ولكنه حين صار مستشاراً ثقافياً كان من الممكن رؤيته في أروقة معرض مسقط للكتاب. كنتُ مرّة في المعرض لتوقيع نوفيلا "خريطة الحالم"، (دار الجمل، بغداد، 2010)، وقد أهديتُه نسخة من الإصدار، فرفعه وهزّه وهو يبتسم، قبل أن يودعه كيس الكتب الذي كان يحمله.
كاتب وقاص عُماني، صدرت له تسع مجموعات قصصية، وأربع روايات، فاز بعدة جوائز عربية