شواغل مغربية
لا رحمة في تسديد السهام على حكومة بنكيران، الأمر الذي يحدثك صديق من خارج حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي، إن فيه مبالغات عديدة، مع التسليم بأن ثمة أوضاعاً غير مرضية، كثير منها نتاج تراكم سوء تدبير وتسيير موروثٍ من سنوات سبقت وصول حزب بنكيران إلى مسؤولية الجهاز التنفيذي في المملكة، بعد انتخاباتٍ حقق فيها، في 2011، أزيد من مائة مقعد في البرلمان الحالي، ما لم يسبق أن وصل حزب مغربي إليه. وإذا ما قيل إن تناقصاً يحدث في شعبية "العدالة والتنمية"، الإسلامي النزوع والهوى، بين الجمهور العام في أثناء مسؤولياته في السلطة، وأن ذلك يعني أنه سيفقد عدة مقاعد في برلمان الانتخابات المقبلة، فذلك كله لا يقود إلى أنه سيخسر المرتبة الأولى، إذ يُرجح بقاؤه في رئاسة الحكومة، وبقاء المعارضة الراهنة معارضةً، تمارس الضربات والمبالغات إياها.
لا يمكن، أياً تكن وجهتك السياسية، في يمينٍ أو يسار أو وسط، أو في موقع منظور أو غير منظور في ثورةٍ مضادة هنا أو هناك، إلا أن تُعاين، وأنت في المغرب، مناخاً يمنح وجاهة لتقرير شبكة مبادرة الإصلاح العربي، في تصنيفه، قبل أيام، المغرب الدولة الأولى عربياً في الممارسة الديمقراطية، فالتقدم مضطرد وكبير في هذه الممارسة، وفي احترام حرية الرأي والتعبير. ويورد التقرير أن المغرب لم يشهد تسجيل أي حالة لخرق الدستور من السلطات، وشهد تطوراً مهماً في التشريعات الخاصة بفصل السلطات مع إقرار الدستور الجديد في 2011، واتخذ مجموعة من الإجراءات الخاصة بمناهضة التعذيب. وإنَّ تقدماً مهما يحدث في المغرب، على صعيد حرية الصحافة والإعلام.
لأصدقاء وزملاء مغاربة ناشطين في العمل العام، وحاضرين فاعلين في الفضاء الإعلامي والحقوقي والسياسي أن يروا ملاحظةً هنا وهناك، وأن يجدوا نواقص في غير مطرح في هذا كله، غير أن عينَ قادمٍ من المشرق العربي غير السعيد سينظر إلى المشهد العريض في المغرب من زوايا أخرى، أولها أن غير بلد عربي يهوي، الآن، في قيعان التسلط والتجبر، بل والتفكك والاحتراب، ولو أخذ صناع القرار في هذه الأوطان بقسط يسير مما تيسر للمغاربة في السنوات الأربع الماضية، بعد نضالات كثيرة خاضتها نخبٌ عريضة، لما صار المشرق المتحدث عنه على النحو الذي يُغبط المغاربة على عدم قراءتهم أخبارَه في جرائدهم، وهي التي تنشغل، منذ أيام، بوفاة بائع متجول، فيما الموت في غير بلد عربي مشرقي يتجول، الآن، بيسر وعادية.