سفاسف الأمور

26 يونيو 2015

غناء أم كلثوم: ننسى فلا نأسى على ماضٍ تولى

+ الخط -
* لماذا لا نفكر في إعادة التقارب بين السنة والشيعة فوراً؟ لماذا لا يستأنف الأزهر الدور الذي كان يلعبه في هذا المجال المهم؟ لماذا لا نتناسى كل خلافاتنا الدامية في هذه الأيام الفضيلة؟ قلت ذلك لنفسي، بعد أن قرأت عن فتوى أصدرها شيخ إيراني، يجيز شرب الماء خلال الصوم في حالة العطش الشديد؟ وهي فتوى تستحق أن نتقارب مع الشيعة فوراً. ولو اتفق علماء الإسلام على تعميم هذه الفتوى، خصوصا للذين لا يتعبهم في صيام الصيف إلا العطش، لأصبح اسمي "بلال صائم الدهر". 
* يعلمنا شهر رمضان، كل عام، أن استنكار الشر ورفضه لا يعني أبدا اختفاءه، لأن ما يُبقي الشر حاضرا ومنتعشا، هو قدرته على جلب المال أو منح المال، ولو كان الشر يختفي حين يستنكره الكثيرون أو يرفضونه، لاختفت برامج المقالب الرزيلة منذ سنين.
* لا يتذكّر بعض هواة الكيل بمكيالين أهمية التثبت من الوثائق والتسجيلات المسربة، ولا يرددون قوله تعالى "إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا"، إلا حين تقف التسريبات ضد مصالح الاتجاه السياسي الذي ينتمون إليه.
* قال لي: غريبة يعني لم ترد على رسالتي التي "نقضتك" فيها، لكي تتهمني بأنني خروف؟ قلت له: طبعا لا يمكن أن أصفك بأنك خروف، لأنه حتى الخروف يعرف أن كلمة "النقد" تُكتب بالدال وليس بالضاد.
* "إيش تطلبي يا نفس فوق كل ده؟"، ردت عليّ النفس قالت لي: لو حتتين رُقاق كمان يبقى تمام.
* س: هل تعتقد أن الإنسان مُخيّر أم مُسيّر؟
ج: أعتقد أن الإنسان مُخيّط.
* ظللت أعتقد، لوقت طويل، أن سيدنا يوسف لا بد أن يكون شديد الفتنة والجمال والجاذبية، إلى درجة أن امرأة يمكن أن تجرح يدها بدلاً من التفاحة من شدة انبهارها بجماله. وعندما عرفت أن هناك بنات ونساء حاولن الانتحار فعلاً، وليس مبالغة من أجل بعض من أتفه ممثلينا ومطربينا شأنا، وأثقلهم ظلا ودما، أدركت أن سيدنا يوسف ربما كان شخصاً عادياً، وكل ما في الأمر أن النسوة في المدينة اللواتي رأينه وقطعن أيديهن، وقلن ما هذا بشرا، إن هذا إلا ملك كريم، كُنّ فاسدات الذوق ومستنفرات حسيّا أكثر من اللازم.
* سيبدأ علماء الاجتماع في الدول المتقدمة في دراسة كيفية مكافحة الحروب الأهلية القادمة، بتخصيص شهر كامل لعرض المسلسلات التلفزيونية، يسمى شهر رمضان.
* سألني الكاتب الموهوب بالميم وليس بالباء: يعني انت مش حاسس إن كتابتي شبه كتابة هيمنجواي؟ ولأن الأيام علمتني ألا أنصح موهوماً، قلت له: مش عارف. يمكن لما تنتحر، وتعدي فترة على انتحارك هاحس بكده، خلينا نشوف الأول.
* أعطني تعليما منحطا وثقافة سمعية، وسأجعل أي مصري يعتقد أولا أن هتلر شخصية عظيمة تستحق الاستشهاد بها، ويعتقد ثانيا أن هتلر أصلا قال "أعطني جندياً مصرياً وسلاحاً ألمانيا وسأغزو العالم".
* صدقني، أنا لست ضد نظرتك المتفائلة أبداً، أنا ضد أن تتفاءل وأنا موجود، انتظر حتى أمشي، وتفاءل على روحك براحتك.
* مشاعر مركبة ومتناقضة تجتاحك كأب، عندما تسمع ابنتك الصغيرة تقول غاضبة، من دون أن تدري أنك نصف نائم، وستسمعها: "مش معقول.. آخر علبة زبادي كلها بابا.. وآخر حتتين بفتيك كلهم بابا.. وآخر خوخاية كلها بابا.. يعني أخبي الأكل بعد كده ولا أعمل إيه".
* مع احترامي للسيدة أم كلثوم والأخوين محمد عبد الوهاب والهادي آدم، ليس مهماً أن "تأتلق الجنة أنهارا وظلا"، الأهم والألزم لاستمرار الحياة، أن "ننسى فلا نأسى على ماضٍ تولى".
* كان الشاب الحائر قد تأثر بذلك الأسلوب الذي يستخدمه الوعّاظ لنشر الفضيلة، حيث يقولون للعبد الذي يرغب في الصلاح: إذا امتنعت عن شرب الخمر في الدنيا ستستمتع بأنهار الخمور في الجنة، وإذا امتنعت عن الزنا في الدنيا ستستمتع بالحور العين في الجنة. سألني الشاب الحائر قائلا: طيب، يا ترى، إذا امتنعت عن مشاهدة الأفلام السكس في الدنيا، هل يمكن أن أكون بطلا لها في الجنة؟ انعقد لساني، ولم أملك إلا أن أستغفر الله لي وله ولوعّاظ المسلمين.
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.