16 نوفمبر 2024
رسالة الإرهاب من تونس
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
رسالة الإرهاب من تونس موجهة، أولاً، لمن حاولوا من العرب أن يجدوا الأعذار لإرهابيي باريس، الذين ارتكبوا، مساء 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، عدة مجازر بحق أبرياء. في عمليات باريس، قتل إرهابيو داعش 130 شخصاً، وجرحوا أكثر من 300، وكان واضحاً أنه يقف خلفها منطق واحد، هو الإرهاب الأعمى الذي لا يستند إلى أي تفسير. وقام بالاعتداءات جانحون، أجريت لهم عمليات غسل دماغ، تؤهلهم للقتل، وتوهمهم أنهم يذهبون إلى الجنة، حيث تنتظرهم الحوريات.
واللافت أنه، بعد مرور أسبوعين على الجريمة، لم تصدر الجهة التي تبنت العمليات (داعش) أي بيان تشرح فيه الأسباب التي دفعتها لارتكاب الفعل الإجرامي. ومع أن الإرهاب مدان، مهما كانت المبررات، فقد كان تبرير عملية "شارلي إيبدو" إعادة نشر المجلة الفرنسية الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول.
المؤلم في الأمر بروز أصواتٍ حاولت تفهم الجرائم الإرهابية، وبعضها لا يزال يجتهد لإيجاد خلفيات اجتماعية وثقافية واقتصادية لها. ولا يقتصر الأمر، هنا، على بعض الأقلام الصحافية، بل يتجاوزها إلى رجال دين وسياسة. ولو أن المقاربات تناولت المسألة من زواياها كافة، لكان يمكن أخذها على محمل النقاش، لكن الكثيرين داسوا فوق جثث الضحايا، وصاروا يبحثون في الخلفيات والأسباب البعيدة، التي حولت شاباً ولد في ضواحي باريس، أو بروكسيل، إلى إرهابي. ووجد هؤلاء في التهميش الذي تعرفه بعض الضواحي والتمييز مبرراً لهؤلاء القتلة العدميين، ولم يخوضوا في أصل الخطاب الديني المنحرف، الذي غسل دماغ هؤلاء الشباب، ودفعهم إلى قتل أبرياء. وللأسف، هناك مؤسسات لا تزال ترعى هذا الخطاب، وتدافع عنه، وتعمل على تصديره، عوضاً عن أن تشكل العمليات الإرهابية الأخيرة فرصة لكل الهيئات والمؤسسات المعنية بالخطاب الديني لمراجعة واسعة، لكي لا ينزلق الموقف إلى أخطر مما هو عليه اليوم. ومن دون شك، المسؤولية مشتركة لوضع أسس عامة تشكل مرجعيات نهائيةً، أولها إدانة الإرهاب، مهما كانت الأسباب التي تقف خلفه، ورفض الخطاب المتهافت الذي يعتبر الإقصاء والتهميش مبرراً للتطرف، لا سيما وأن قوانين الدول الغربية تطورت كثيراً، في العقود الأخيرة، للحد من التمييز، وإعلاء شأن المساواة.
أما النقطة الثالثة فهي ضرورة أن تبادر الدول العربية والإسلامية إلى حملات إعلامية ونشاطات ثقافية واجتماعية، من أجل مواجهة الصور النمطية والتواصل مع المجتمعات الغربية.
رسالة الإرهاب من تونس موجهة لكل عربي ومسلم، أن الإرهاب مرشح لأن يفتك بحياتنا ويخرّب علاقتنا مع بعضنا، ويهدم كل جسور التواصل بيننا وبين العالم، وإذا لم نقف بوجهه بشجاعةٍ، سوف يدمرنا ويتحول إلى مركب سرطاني، ولكي نواجهه، لا بد من أن نتحلى بشجاعة المراجعة، التي يجب أن تبدأ من المؤسسات الدينية التي تتحمل مسؤولية الوقوف بوجه المفاهيم المغلوطة، بوصفها مقدسات دينية، وهذا أمر يطرح مهام كبيرة على الدول العربية، من أجل عدم زج الدين في السياسة وشؤون حياة البشر.
رسالة الإرهاب من تونس موجهة لكل مسلم وعربي في الخارج، لكي يعيد النظر بخطابه وعلاقاته بالآخرين، وقوانين البلاد التي يعيش على أرضها، فإذا تعذر عليه ذلك، فإن الحل ليس في التطرف، وإنما في الرحيل.
رسالة الإرهاب من تونس هي رسالة حرية لبقية العرب، الذين لم يصل إليهم الحريق العربي الحالي، مفادها أن الاستبداد لا يمكن أن يكون ضمانة للاستقرار، وأن المدخل الفعلي لقطع الطريق على الإرهاب هو فتح الفضاء واسعاً، للمشاركة السياسية والديموقراطية.
رسالة الإرهاب من تونس أن الإعلام العربي يحتاج إلى ميثاق شرف، يضع على رأس أولوياته تحريم خطاب التكفير والطائفية والقتل.
واللافت أنه، بعد مرور أسبوعين على الجريمة، لم تصدر الجهة التي تبنت العمليات (داعش) أي بيان تشرح فيه الأسباب التي دفعتها لارتكاب الفعل الإجرامي. ومع أن الإرهاب مدان، مهما كانت المبررات، فقد كان تبرير عملية "شارلي إيبدو" إعادة نشر المجلة الفرنسية الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول.
المؤلم في الأمر بروز أصواتٍ حاولت تفهم الجرائم الإرهابية، وبعضها لا يزال يجتهد لإيجاد خلفيات اجتماعية وثقافية واقتصادية لها. ولا يقتصر الأمر، هنا، على بعض الأقلام الصحافية، بل يتجاوزها إلى رجال دين وسياسة. ولو أن المقاربات تناولت المسألة من زواياها كافة، لكان يمكن أخذها على محمل النقاش، لكن الكثيرين داسوا فوق جثث الضحايا، وصاروا يبحثون في الخلفيات والأسباب البعيدة، التي حولت شاباً ولد في ضواحي باريس، أو بروكسيل، إلى إرهابي. ووجد هؤلاء في التهميش الذي تعرفه بعض الضواحي والتمييز مبرراً لهؤلاء القتلة العدميين، ولم يخوضوا في أصل الخطاب الديني المنحرف، الذي غسل دماغ هؤلاء الشباب، ودفعهم إلى قتل أبرياء. وللأسف، هناك مؤسسات لا تزال ترعى هذا الخطاب، وتدافع عنه، وتعمل على تصديره، عوضاً عن أن تشكل العمليات الإرهابية الأخيرة فرصة لكل الهيئات والمؤسسات المعنية بالخطاب الديني لمراجعة واسعة، لكي لا ينزلق الموقف إلى أخطر مما هو عليه اليوم. ومن دون شك، المسؤولية مشتركة لوضع أسس عامة تشكل مرجعيات نهائيةً، أولها إدانة الإرهاب، مهما كانت الأسباب التي تقف خلفه، ورفض الخطاب المتهافت الذي يعتبر الإقصاء والتهميش مبرراً للتطرف، لا سيما وأن قوانين الدول الغربية تطورت كثيراً، في العقود الأخيرة، للحد من التمييز، وإعلاء شأن المساواة.
أما النقطة الثالثة فهي ضرورة أن تبادر الدول العربية والإسلامية إلى حملات إعلامية ونشاطات ثقافية واجتماعية، من أجل مواجهة الصور النمطية والتواصل مع المجتمعات الغربية.
رسالة الإرهاب من تونس موجهة لكل عربي ومسلم، أن الإرهاب مرشح لأن يفتك بحياتنا ويخرّب علاقتنا مع بعضنا، ويهدم كل جسور التواصل بيننا وبين العالم، وإذا لم نقف بوجهه بشجاعةٍ، سوف يدمرنا ويتحول إلى مركب سرطاني، ولكي نواجهه، لا بد من أن نتحلى بشجاعة المراجعة، التي يجب أن تبدأ من المؤسسات الدينية التي تتحمل مسؤولية الوقوف بوجه المفاهيم المغلوطة، بوصفها مقدسات دينية، وهذا أمر يطرح مهام كبيرة على الدول العربية، من أجل عدم زج الدين في السياسة وشؤون حياة البشر.
رسالة الإرهاب من تونس موجهة لكل مسلم وعربي في الخارج، لكي يعيد النظر بخطابه وعلاقاته بالآخرين، وقوانين البلاد التي يعيش على أرضها، فإذا تعذر عليه ذلك، فإن الحل ليس في التطرف، وإنما في الرحيل.
رسالة الإرهاب من تونس هي رسالة حرية لبقية العرب، الذين لم يصل إليهم الحريق العربي الحالي، مفادها أن الاستبداد لا يمكن أن يكون ضمانة للاستقرار، وأن المدخل الفعلي لقطع الطريق على الإرهاب هو فتح الفضاء واسعاً، للمشاركة السياسية والديموقراطية.
رسالة الإرهاب من تونس أن الإعلام العربي يحتاج إلى ميثاق شرف، يضع على رأس أولوياته تحريم خطاب التكفير والطائفية والقتل.
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
بشير البكر
مقالات أخرى
09 نوفمبر 2024
02 نوفمبر 2024
26 أكتوبر 2024