رئيس "الائتلاف" السوري .. والديمقراطية العشائرية

27 فبراير 2022

سالم المسلط في زيارة مجلس العشائر في ريف حلب (15/2/2022/مجلس القبائل والعشائر السورية)

+ الخط -

الخبر الذي نُشر، يوم 15 فبراير/ شباط الجاري، على صفحة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، المتضمن زيارة رئيس الائتلاف، سالم المسلط، مجلس القبائل والعشائر السورية في المناطق المحرّرة، مع وفد من الأعضاء، عادي من جهة، واستثنائي من جهات أخرى. عادي؛ لأن من واجب رئيسِ ائتلافٍ يمثل قوى الثورة والمعارضة أن يتفقد مجموعة من الناس المحسوبين على الثورة والمعارضة، كالعشائر.. وأن يتبادل مع مستقبليه التحيات، فور وصول موكبه، مبتعدين، بالطبع، عن العادات القديمة، مثل الحبحبة على الرؤوس، وتبويس الشوارب، والمخاشمة، فهذه عادات حَرمنا منها الفيروس اللعين، كوفيد 19، وذلك من حسن الحظ طبعاً، فهي ليست صحية على الإطلاق، وأذكر أن الأديب الراحل عبد السلام العجيلي (وهو طبيب) كتب، في صحيفة تشرين ذات يوم، محذّراً منها، بوصفها سبباً قوياً لنقل الأمراض من شخص إلى آخر.

وبعد السلام والتحية، والتي واللتيّا، يتباحث الطرفان، الائتلاف ومجلس العشائر، في شؤون الثورة، والعزّة، والكرامة، والمعارضة، وإسقاط النظام، وطرد كل المحتلين من سورية، ويتساءلان عن سبب تأخر انتصار ثورة الكرامة، محاولينَ مقاربةَ الأسباب الموضوعية التي أدّت إلى ذلك الاستعصاء.

هذا كله عادي، ولكن الجديد، الاستثنائي، برأيي، يكمن في إمكانية عبور رئيس الائتلاف وبعض أعضائه، إلى الداخل السوري، فهذا الأمر كان، حتى أواخر سنة 2016، صعباً، ولولا دخولُ الأستاذين سمير نشار وجورج صبرة إلى حلب في تلك الفترة، بطريقةٍ ما، لقلنا إنه مستحيل.. ولستُ وحدي الذي يعرف، بل ناسٌ كثيرون يعرفون أن "الائتلاف" مكروه لدى عموم ثوار الداخل، وبالأخص في المناطق التي أطلقت عليها تلك التسمية الملتبسة (المحرّرة)، وياما خرجت مظاهرات ضده، في المناطق (المحرّرة)، وبُثت فيديوهات غير لائقة، استخدمت فيها الأحذية في الضرب على صور أعضاء "الائتلاف" الأكارم.

أبو عبد العزيز، سالم المسلط، صديقُ كاتب هذه الأسطر الشخصي. لذلك أرجو من القراء أن يستبعدوا فكرة أنني أهاجمه، أو أقلّل من شأنه.. ولكن فكرة بذاتها هي التي دفعتني إلى أن أكتب عن هذه الزيارة، فقد جاء، في سياق الخبر المذكور، حرفياً، أن سالم المسلط أكد على دَوْر القبائل والعشائر في الثورة، وأهميتها في وحدة النسيج المجتمعي السوري، وضرورة الاستمرار في العمل ضمن مسارٍ موحد للجهود، يفضي إلى أهداف الشعب السوري، في بناء دولة "ديمقراطية".

لا يوجد لدي، كذلك، موقف معاد للعشائر السورية، فهم، شئتُ أنا وغيري أم أبينا، موجودون على الأرض، ويتمتعون بقوة سياسية واجتماعية ضاربة. وقد لا أختلف مع لجنة الائتلاف الإعلامية التي صاغت الخبر، بشأن العبارات الإنشائية التي وردت فيه منسوبة لرئيس الائتلاف.. يعني، ومن الآخر؛ سواء أكان للعشائر دور في وحدة النسيج المجتمعي السوري، أم لا، وإن كان انضمامهم للثورة نافعاً، أم لا، أو كان "الائتلاف" يمثل الثورة السورية أم لا، ولكن، لا يجوز، ولا ينفع أن يقال إن العشائر تساهم في بناء دولة "ديمقراطية". أبداً، هنا سوف نختلف، ونتخاصم إلى حد نصبح معه شبيهين بضيفي برنامج "الاتجاه المعاكس"، اللذين يجيل كل منهما بصره في الاستوديو، بحثاً عن شيءٍ حاد، أو صلب، أو ثقيلٍ يفيد في شجّ رأس خصمه، فإن لم يجد يرشقه بما في الكأس من ماء.

ديمقراطية إيه اللي أنت جاي تقول عليها، يا أستاذ سالم المسلط؟ أنت خير من يعرف أن شيخ العشيرة يقول شيئاً، والأنفار ينفّذونه، وأن العُرْف يحكمها بدلاً من القانون، وأن البطاقات الانتخابية لأعضاء العشيرة تُجمع وتعطى لمرشّح العشيرة لكي ينتخب بها نفسه، أو يبادل عليها الآخرين. وأن العشيرة تحمي ابنها إذا قتل شخصاً من عشيرة أخرى، وتجمع له المال لكي يدفع الدية.

ما أغناكم، يا جماعة "الائتلاف"، عن استخدام كلمة ديمقراطية في هذا السياق.

خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...