داعش .. عبدة شيطان العصر

17 فبراير 2015
+ الخط -
كنا في أنظمة استبداد، وتأملنا أن نتحرّر منها، فإذا نحن نعيش تحت رحمتها ورحمة داعش القذرة، لا قضية لهذه، بل هي تتلذذ بنحر الناس والقضاء على أحلامنا. تتباهى بحرق معاذ وسبي النساء وذبح أقباط. هذا ليس إجراماً فقط، بل أنتم جبناء من دون ضمير أو أخلاق، تقتلون وتنكلون وتعطون كل الذرائع للطغاة لكتم أنفاسنا، فلا دين لكم، فلا تتظاهروا أو تدّعوا.
كنا دائماً نقول إن إسرائيل أكبر اختراع للاستعمار، يمزق قلب العالم العربي والعروبة، لكنكم في داعش، ومن يؤيدكم ويمولكم ومن يصدقكم، أكبر هدية لإسرائيل والاستعمار وقوى الطغيان. إنكم أهم أداة لاستمرار الأنظمة القمعية، وأهم ذريعة لشرعنة التدخل العسكري والسياسي الغربي، حاضرون للتغطية على جرائم الأنظمة وإسرائيل والعنصرية ضد العرب والمسلمين.
أقول لا أعرف من أنتم، لأنكم تخفون وراء وجوهكم المقنعة نفوساً مشوهة، فأنظمة الاستبداد استعملت الدين في مناهجها، لإحكام السيطرة والخنوع، وأنتم نتاجها، لأن الهدف كان، منذ الأساس، خنق الحرية وحبس العدالة في الروح والعقل، فلا تبقى إلا غرائز الانتقام العدمي والتوحش.
أفلام الرعب الذي تنتجونها لا تشبه أي دعوة سياسية أو دينية، إنها ليست أكثر من أفلام snuff films السايكوباتية، أي الفيديوهات الرخيصة ثمناً وأخلاقاً، ويتفنن مجرمون فيها بالقتل والتعذيب الحقيقي وليس تمثيلا، ليس أكثر من هدف تحقيق متعة مريضة، وبيعها لأنفس مريضة، تغوي مشاهدة لحظات الرعب الأخيرة للضحايا.
أنتم لا تختلفون عن ذلك، بل أقبح بكثير؛ لأنكم تدّعون أن لكم قضية، وتتحدثون باسم الدين، بل وتتفننون في إخراج هذه الأفلام وإنتاجها، لتسرقوا جمال البحر والأمواج من أذهاننا، لأننا أصبحنا لا نرى إلا وجوه العمال الذين لاحقوا فرص عمل، لإعالة أهلهم وأسرهم، فجعلتم مشهد الشاطئ مسرحاً لهوسكم وطقوسكم الدموية.
لا أعرف مع من أتكلم ومن أخاطب. لكن، إلى كل من يؤيد داعش وأمثالها من منظمات وعصابات، أليست هذه طقوساً وحشية؟ المتعصبون دينياً ومذهبياً يسمون أي احتفال لا يفهمونه أو يجهلونه، طقوس "عبدة الشيطان"، يرون في الرقص والموسيقى عبادة للشيطان، وهو تعبير عن كبت وتخلف، لكنكم أنتم في داعش عبدة الشيطان الفعليون.
قد يجيب بعضهم بالسؤال: ماذا عن جرائم الحرق والقتل الأميركية والإسرائيلية ووحشية الأنظمة؟ هذه التساؤلات مرفوضة إذا كانت بغية التقليل من جرائم داعش، لأن داعش لا تختلف عن أي مجرم، وجرائمها لا تختلف عن جرائم إسرائيل وحروب الدمار الأميركية. ولكن لها ما يميزها؛ إنها جرائم تحاول سرقة صوتنا ضد الاستعمار وإسرائيل والظلم والقمع، جرائمها تشوه صورة كل مناضل في تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، وتوفر على جميع قوى الظلم الجهد وملايين الدولارات التي تنفقها عادة لتكميم الأفواه، وتجريم المعارضة، وتبرير مذابحها.
أنتم الذين تخطفون إنسانيتنا. إذا كانت الحروب الاستعمارية تعتمد على إلغاء إنسانية الشعوب، بهدف تشريع عمليات القتل والدمار وتسهيلها، أنتم تقومون بهذه المهمة، وببراعة وتفوّق مرعب، حتى ليخال المرء أن من يقودكم يعمل لشركة إنتاج إعلامية مختصة بترهيب الإنسان العربي وتحريض العنصرية ضد العرب والمسلمين، وكأن التحريض الذي نتعرض له لا يكفي.
لا أعرف من أنتم. لكن، من يحرككم ليس أكثر من قاتل وحشي، يعرف ماذا يقوم به تماما، لأنه جعل منكم أكبر خدمة وقتلة مأجورين، فحسرة على كل قلب أم فقدت ابنها، ليصبح عبداً لداعش، أو ضحية لها.