25 اغسطس 2024
الفنانون الكبار وإدارة النجومية
سمعت بمصطلح إدارة النجومية، أول مرة، من الموسيقار المصري حلمي بكر. كان يتحدّث عن عبد الحليم حافظ، فقال إنه بارع في إدارة نجوميته. خطر لي، حينئذ، أن إدارة النجومية على مستوى العالم العربي تكاد أن تكون شأناً مصرياً خالصاً. لا يُنكر أحدٌ أن البلدان العربية الأخرى قد نبغ فيها كتابٌ وفنانون ومفكّرون، وأصبحوا كباراً ومهمين، ولكنهم لم يحقّقوا نجومية كبيرة، لأنهم لم يديروها كما ينبغي.
لا يوجد في مصر وخارجها من لا يعرف طه حسين، وسيد درويش، وبديع خيري، ومنيرة المهدية، وعباس محمود العقاد، وأحمد فؤاد نجم، وأحمد شوقي، ونجيب محفوظ، ويوسف إدريس، وأم كلثوم، ورفاعة الطهطاوي، ومحمد عبد الوهاب، وعبد الرحمن الأبنودي، وصالح عبد الحي، وقائمة طويلة قد لا تكفي مساحة هذه المقالة لاستيعابها.. وإذا وصلنا إلى أبي خليل القباني وفريد الأطرش وأسمهان ونجاة الصغيرة وسعاد حسني الذين جاؤوا من سورية، وبيرم التونسي، ووردة الجزائرية، نزعم أنهم لم يحققوا نجومية عالية في بلادهم، وحققوها في مصر. وعلى سبيل الاستثناء، يمكن القول إن قلة من المبدعين السوريين تمكنوا من إدارة نجوميتهم بمعزل عن مصر، منهم نزار قباني، وصباح فخري، وحنا مينة، ودريد لحام، وزكريا تامر.
أخبرني أحد الأصدقاء أن زكريا تامر قال لمحمد الماغوط أنت كاتبٌ كبير، ففوجئ الماغوط وقال: أنا؟! اندهش الماغوط واستغرب، فكأنه لا يعرف أن أي ناقدٍ مدافعٍ عن مشروعية قصيدة النثر العربية يتخذ من شعره حجّة، وأية مجلةٍ يكتب فيها إحدى مقالاته الساخرة تنفد من الأسواق خلال ساعة، حتى لو كانت "مجلة الشرطة"!
الموسيقار الكبير بليغ حمدي الذي وصفه عبد الحليم حافظ، ذات يوم، بأنه "أمل مصر في الموسيقى" تأخر، ذات مرة، في تلحين أغنية كان عبد الحليم قد أعطاه كلماتها، فلم يحتمل ذلك، اتصل بحلمي بكر الذي كان يسهر في بيته عددٌ كبير من نجوم مصر، وطلب منه أن يأتي بمفرده ليراه، وعندما حضر سأله إن كان يحب أن يلحن له. قال بكر: أكيد وبكل سرور. قدّم له عبد الحليم الكلمات نفسها التي سبق أن أعطاها لبليغ، فلحنها حلمي بكر في الجلسة ذاتها، ولحن له بعدها ست أغنيات.
المدهش الذي حصل في تلك الأيام أن بليغ حمدي حقق نجومية خارقة، وقفز دفعة واحدة إلى صف الملحنين الكبار، زكريا أحمد ورياض السنباطي ومحمد القصبجي ومحمد عبد الوهاب، وربما كان هذا سبب تأخره بتلحين الأغنية، فأبت نجومية عبد الحليم أن تتراجع أمام نجومية بليغ التي كانت يومئذ في صعودٍ مذهل.
لا يوجد بين أساطين الكتاب والملحنين من لا يرغب بتقديم كلماته أو ألحانه إلى "العندليب الأسمر". أبو النور محمد عبد المطلب الذي كان يملأ الدنيا بصوته الكبير أحب عبد الحليم، وأطلق عليه لقب "نور"، لأنه اعتبره كابنه، وقال "لما يغني عبد الحليم يفرض علينا نبقى في بيوتنا عشان نسمعه". وأما الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، حينما لحّن لعبد الحليم رائعته "فاتت جنبنا" أحسّ بوجود مشكلة يمكن أن تطرأ إذا غناها عبد الحليم مع الأغاني التي لحنها بليغ في حفل واحد، وقد تكون المقارنة لدى الجمهور لمصلحة بليغ، لذا طالب بأحد احتمالين، أن يغنّي عبد الحليم "فاتت جنبنا"، أو الأغاني الأخرى. وتجدر الإشارة هنا إلى أن سليم صبري وجّه سؤالاً إلى عبد الوهاب قال فيه: على مَن تقع مسؤولية مشوار الغناء في مصر؟ فقال: على الأستاذ عبد الحليم حافظ. قال: وبين المطربات؟ قال: معرفش.
نصل مما تقدم إلى أن المبدع الحقيقي لا يكفيه أن يبدع وينام عن شواردها مثلما فعل المتنبي، ولا بد له من إيلاء شخصيته الإبداعية بعض الاهتمام.
أخبرني أحد الأصدقاء أن زكريا تامر قال لمحمد الماغوط أنت كاتبٌ كبير، ففوجئ الماغوط وقال: أنا؟! اندهش الماغوط واستغرب، فكأنه لا يعرف أن أي ناقدٍ مدافعٍ عن مشروعية قصيدة النثر العربية يتخذ من شعره حجّة، وأية مجلةٍ يكتب فيها إحدى مقالاته الساخرة تنفد من الأسواق خلال ساعة، حتى لو كانت "مجلة الشرطة"!
الموسيقار الكبير بليغ حمدي الذي وصفه عبد الحليم حافظ، ذات يوم، بأنه "أمل مصر في الموسيقى" تأخر، ذات مرة، في تلحين أغنية كان عبد الحليم قد أعطاه كلماتها، فلم يحتمل ذلك، اتصل بحلمي بكر الذي كان يسهر في بيته عددٌ كبير من نجوم مصر، وطلب منه أن يأتي بمفرده ليراه، وعندما حضر سأله إن كان يحب أن يلحن له. قال بكر: أكيد وبكل سرور. قدّم له عبد الحليم الكلمات نفسها التي سبق أن أعطاها لبليغ، فلحنها حلمي بكر في الجلسة ذاتها، ولحن له بعدها ست أغنيات.
المدهش الذي حصل في تلك الأيام أن بليغ حمدي حقق نجومية خارقة، وقفز دفعة واحدة إلى صف الملحنين الكبار، زكريا أحمد ورياض السنباطي ومحمد القصبجي ومحمد عبد الوهاب، وربما كان هذا سبب تأخره بتلحين الأغنية، فأبت نجومية عبد الحليم أن تتراجع أمام نجومية بليغ التي كانت يومئذ في صعودٍ مذهل.
لا يوجد بين أساطين الكتاب والملحنين من لا يرغب بتقديم كلماته أو ألحانه إلى "العندليب الأسمر". أبو النور محمد عبد المطلب الذي كان يملأ الدنيا بصوته الكبير أحب عبد الحليم، وأطلق عليه لقب "نور"، لأنه اعتبره كابنه، وقال "لما يغني عبد الحليم يفرض علينا نبقى في بيوتنا عشان نسمعه". وأما الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، حينما لحّن لعبد الحليم رائعته "فاتت جنبنا" أحسّ بوجود مشكلة يمكن أن تطرأ إذا غناها عبد الحليم مع الأغاني التي لحنها بليغ في حفل واحد، وقد تكون المقارنة لدى الجمهور لمصلحة بليغ، لذا طالب بأحد احتمالين، أن يغنّي عبد الحليم "فاتت جنبنا"، أو الأغاني الأخرى. وتجدر الإشارة هنا إلى أن سليم صبري وجّه سؤالاً إلى عبد الوهاب قال فيه: على مَن تقع مسؤولية مشوار الغناء في مصر؟ فقال: على الأستاذ عبد الحليم حافظ. قال: وبين المطربات؟ قال: معرفش.
نصل مما تقدم إلى أن المبدع الحقيقي لا يكفيه أن يبدع وينام عن شواردها مثلما فعل المتنبي، ولا بد له من إيلاء شخصيته الإبداعية بعض الاهتمام.