07 نوفمبر 2024
الخليج وكل هذا التشريح
لا تزيّد في الزعم إن نحو مئتي ورقة بحثية في شؤون دول الخليج العربية، شارك بها معدّوها المختصون في الدورات الخمس لمنتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية، في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، تعدّ ثروةً نوعيةً في درس مجتمعات دول هذه المنطقة، سيما وأن هذه الدراسات ذهبت إلى السياسي والاقتصادي والتعليمي والاجتماعي والهوياتي، وإلى التاريخي والراهن والمستقبل، وإلى علاقات دول الخليج الست مع محيطها وجوارها، ومع القوى الكبرى. وإذ ساهم في هذا الإنجاز العلمي باحثون من المنطقة، ومن دولٍ عربيةٍ أخرى، وأجانب غير قليلين، فإن من أسبابٍ تُضاف إلى تثمين هذه الجهود أن هؤلاء الدارسين والمختصين والخبراء متنوّعون في أعمارهم، من شبابٍ يعبرون، بهمّةٍ واعدةٍ، فضاء الأكاديميا، ومتقدّمين في أعمارهم وشيوخ مخضرمين. ولمّا كان هؤلاء جميعُهم وفدوا إلى عملية البحث من جامعاتٍ مختلفة، في الغرب والشرق، وإذ عرضت أوراقهم أمام جمهورٍ ناقشهم بشأنها، فذلك كله يجعل النفع الواسع الذي يُحرزه الإسهام الذي بادر إليه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في خصوص درس منطقة الخليج، لا يتعلق فقط بالمستوى النوعي لهذه الأوراق، وإنما أيضا في هذا الحوار بين هذه النخب في هذه الشؤون، ما قد يسوّغ الحديث عن فضاءٍ أكاديميٍّ خليجي، يحوز مساحته الخاصة، يتداول، بحرية البحث والمعرفة، في ما يثور بشأن بلدان الخليج العربية الست من همومٍ ومخاوف وتحدياتٍ وعوائق راهنة وأخرى متوقعه، كثير منها يهجس به المواطن الخليجي بشيء من القلق.
مناسبة الإتيان على هذا الأمر هنا اختتام الدورة الخامسة للمنتدى أمس الأحد، في مقر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في الدوحة، والتي توزّعت الأوراق الثمانية والثلاثون فيها على موضوعي: إشكالية الهوية والتحولات الاجتماعية في دول الخليج العربية، العلاقات الخليجية بالولايات المتحدة الأميركية. وإذ في البال أن أكاديميين ومختصين وخبراء من الإمارات والعربية السعودية والبحرين شاركوا في الدورات الثلاث الأولى بمساهماتٍ مقدّرة، ثم غاب في دورة العام الحالي وسابقتها من كان في وسعهم أن يشاركوا من البلدان الثلاثة، بفعل منع السلطات فيها مواطنيها من السفر إلى دولة قطر، إذ في البال هذا الحال، كان أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الكويت، عبد الله الشايجي، محقّا في تعبيره عن الأسف لغياب زملائه هؤلاء. وكان محقّا أيضا في تشديده على ضرورة إنهاء الأزمة الخليجية الراهنة، لما في ذلك من نفعٍ مؤكّد لدول الخليج جميعها، ولشعوبها.
ولمّا كانت مسألة الهوية وإشكاليتها في الخليج أحد موضوعي الدورة، كان من الطبيعي أن تنظر أوراقٌ مشاركةٌ بما أحدثته الأزمة الخليجية في هذا الشأن، ومن ذلك أن طالبة الدكتوراه في برنامج الدراسات الخليجية في جامعة قطر، العنود آل خليفة، جاءت، في ورقتها "مستقبل الهوية الخليجية في ظل الخلافات السياسية بين دول الخليج العربية"، على تحدّيات رئيسية تواجه هذه الهوية، قد تكون أهمها الخلافات السياسية بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون، وغياب رؤية سياسة موحدة لمستقبل المنطقة. ورأى طالب الدكتوراه في جامعة برونيل في بريطانيا، محمد هاشم الهاشمي، في ورقته "الهوية الخليجية وحصار قطر"، أن الشرخ السياسي في منظومة مجلس التعاون ما هو إلا انعكاس لشرخ اجتماعي غُطّي بالمصالح الأمنية القصيرة الأمد تارة، وبالمصالح الاقتصادية ذات الطبيعة الريعية والمتقلبة تارة أخرى.
وفي الموضوع الآخر، تمّ درسٌ معمق، في أوراق كثيرة، اجتهد في تفكيك العلاقات الخليجية الأميركية، ربما يكون أساسيا في صدده أن مرحلةً جديدةً في هذه العلاقات بدأت مع انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، وهذا ما أوضحته أوراق غير قليلة (شفيق الغبرا مثلا). ولافتٌ أن الخبراء الأميركيين المشاركين في المنتدى اعتنوا، بتركيزٍ شديدٍ أكثر من غيرهم، بمسألة الطاقة وإمداداتها، باعتبارها من أهم العوامل التي تربط الولايات المتحدة بمنطقة الخليج. وكان متّسقا مع المستجدات المنظورة أن يجد باحثون في العلاقات السعودية الأميركية (عبدالله باعبود مثلا) أن تحولا يحدث الآن في هذه العلاقات.. ومن عنديّاته، يرى صاحب هذه الكلمات أن انعطافةً ما سيُحدثها هذا التحوّل إلى ما لم نعرف بعد. لننتظر ونرَ.
مناسبة الإتيان على هذا الأمر هنا اختتام الدورة الخامسة للمنتدى أمس الأحد، في مقر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في الدوحة، والتي توزّعت الأوراق الثمانية والثلاثون فيها على موضوعي: إشكالية الهوية والتحولات الاجتماعية في دول الخليج العربية، العلاقات الخليجية بالولايات المتحدة الأميركية. وإذ في البال أن أكاديميين ومختصين وخبراء من الإمارات والعربية السعودية والبحرين شاركوا في الدورات الثلاث الأولى بمساهماتٍ مقدّرة، ثم غاب في دورة العام الحالي وسابقتها من كان في وسعهم أن يشاركوا من البلدان الثلاثة، بفعل منع السلطات فيها مواطنيها من السفر إلى دولة قطر، إذ في البال هذا الحال، كان أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الكويت، عبد الله الشايجي، محقّا في تعبيره عن الأسف لغياب زملائه هؤلاء. وكان محقّا أيضا في تشديده على ضرورة إنهاء الأزمة الخليجية الراهنة، لما في ذلك من نفعٍ مؤكّد لدول الخليج جميعها، ولشعوبها.
ولمّا كانت مسألة الهوية وإشكاليتها في الخليج أحد موضوعي الدورة، كان من الطبيعي أن تنظر أوراقٌ مشاركةٌ بما أحدثته الأزمة الخليجية في هذا الشأن، ومن ذلك أن طالبة الدكتوراه في برنامج الدراسات الخليجية في جامعة قطر، العنود آل خليفة، جاءت، في ورقتها "مستقبل الهوية الخليجية في ظل الخلافات السياسية بين دول الخليج العربية"، على تحدّيات رئيسية تواجه هذه الهوية، قد تكون أهمها الخلافات السياسية بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون، وغياب رؤية سياسة موحدة لمستقبل المنطقة. ورأى طالب الدكتوراه في جامعة برونيل في بريطانيا، محمد هاشم الهاشمي، في ورقته "الهوية الخليجية وحصار قطر"، أن الشرخ السياسي في منظومة مجلس التعاون ما هو إلا انعكاس لشرخ اجتماعي غُطّي بالمصالح الأمنية القصيرة الأمد تارة، وبالمصالح الاقتصادية ذات الطبيعة الريعية والمتقلبة تارة أخرى.
وفي الموضوع الآخر، تمّ درسٌ معمق، في أوراق كثيرة، اجتهد في تفكيك العلاقات الخليجية الأميركية، ربما يكون أساسيا في صدده أن مرحلةً جديدةً في هذه العلاقات بدأت مع انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، وهذا ما أوضحته أوراق غير قليلة (شفيق الغبرا مثلا). ولافتٌ أن الخبراء الأميركيين المشاركين في المنتدى اعتنوا، بتركيزٍ شديدٍ أكثر من غيرهم، بمسألة الطاقة وإمداداتها، باعتبارها من أهم العوامل التي تربط الولايات المتحدة بمنطقة الخليج. وكان متّسقا مع المستجدات المنظورة أن يجد باحثون في العلاقات السعودية الأميركية (عبدالله باعبود مثلا) أن تحولا يحدث الآن في هذه العلاقات.. ومن عنديّاته، يرى صاحب هذه الكلمات أن انعطافةً ما سيُحدثها هذا التحوّل إلى ما لم نعرف بعد. لننتظر ونرَ.