الانتخابات النصفية الأميركية ... لماذا لم تحدُث "الموجة الحمراء"؟

15 نوفمبر 2022

مرشّحا الحزب الديمقراطي كاثي هوكول وأنطونيو ديلجادو فائزيْن في نيويورك (9/11/2022/Getty)

+ الخط -

أسفرت نتائج الانتخابات النصفية الأميركية، في الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، عن استمرار سيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ، في حين يتّجه الجمهوريون، على الأرجح، إلى السيطرة على مجلس النواب، ولكن بأغلبية ضئيلة جدًا، وهو ما كنّا توقّعناه في ورقة تقدير موقف سابقة. وكانت استطلاعات الرأي تتوقع فوزًا كاسحًا للجمهوريين في مجلس النواب، مع احتمال سيطرتهم على مجلس الشيوخ. وفي ضوء النتائج المخيّبة لآمال الحزب الجمهوري على المستويَين الفدرالي والولائي، يشهد الحزب تبادلًا للاتهامات بالمسؤولية عن الأداء المتواضع في الانتخابات، ويحتدم الصراع تحديدًا بين المؤسسة التقليدية للحزب والرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يقول خصومه إنّ دعمه مرشحين "غير أكفاء" تسبب في هزائم ما كان ينبغي أن تقع. 

الإطار العام للانتخابات

جرت الانتخابات في ظروفٍ كانت تعطي الجمهوريين الأفضلية؛ إذ تشير المعطيات إلى أنّ حزب السلطة غالبًا ما يخسر الانتخابات النصفية. وإذا أضفنا إلى ذلك مستوى التأييد الشعبي المنخفض للرئيس جو بايدن (نحو 40%)، وارتفاع مستويات التضخّم ومعدلات الجريمة، والقلق من دخول البلاد في حالة ركود اقتصادي واستمرار تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19)، فإن فوزًا جمهوريًا كاسحًا كان مرجّحًا. وعلى هذا الأساس، بنى الجمهوريون توقعاتهم بانتزاع 30 مقعدًا إضافيًا على الأقل في مجلس النواب، أما الآن فإنّ أغلبيتهم سوف تراوح، على الأرجح، بين 220 و224 مقعدًا، وربما أكثر من ذلك بقليل، علمًا أنّ الحد الأدنى للأغلبية في المجلس هو 218 مقعدًا.

وقد كشفت الانتخابات عن نقاط ضعف في كلا الحزبين، وكانت سببًا في عدم حصول أيٍّ منهما على فوزٍ حاسم، رغم أنهما أنفقا مجتمعَين أكثر من تسعة مليارات دولار في الحملات الانتخابية. ديمقراطيًا، حاول أغلب المرشّحين أن يجعلوا بينهم وبين الرئيس بايدن مسافةً من جرّاء تدنّي شعبيته، في الوقت الذي حاولوا فيه تجاوز صورة الحزب المنقسم بسبب خلافات ممثليهم في الكونغرس على الأجندة التشريعية في العامَين الماضيَين. ولم يكن الجمهوريون أحسن حالًا؛ إذ وجدوا أنفسهم مضطرّين إلى الموازنة بين مكوّنات مختلفة في قاعدتهم الانتخابية، فهناك الشعبويون الذين يتبنّون مزاعم ترامب حول تزوير انتخابات 2020، ومواقفهم المتشدّدة في مسألة الإجهاض، وهناك المعتدلون الذين يريدون التركيز على الأجندة التقليدية للحزب، مثل الضرائب والهجرة والاقتصاد. ومع نجاح عدد كبير من المرشّحين المتطرّفين الذين دعمهم ترامب في الانتخابات التمهيدية للحزب، أصبح من الصعب جدًا على الجمهوريين احتواء هذه التناقضات. 

عمل الديمقراطيون بنجاح على تصوير الحزب الجمهوري ومرشّحيه، وخصوصا المدعومين من ترامب، على أنهم متطرّفون، ومن ثم، إثارة مخاوف الأميركيين على حقوقهم وحرّياتهم

وتُظهر النتائج أنّ الديمقراطيين حافظوا على كل المقاعد التي ترشّحوا عنها في هذه الجولة في مجلس الشيوخ، إضافةً إلى انتزاع مقعد جمهوري في ولاية بنسلفانيا، وهو ما ضمن لهم الأغلبية (50 مقابل 49)، وهناك احتمال أن يفوزوا بمقعدٍ إضافي في ولاية جورجيا في انتخابات الإعادة في السادس من كانون الأول/ ديسمبر 2022. أما على صعيد مجلس النواب، فقد تكبّد الجمهوريون خسائرَ مفاجئة من ولاية مين Maine إلى ولاية واشنطن، رغم أنهم حققوا تقدّما سيمكّنهم، على الأرجح، من تحقيق أغلبية ضئيلة. وينطبق الأمر نفسه على عدد من المناصب المهمة على مستوى الولايات، كالحاكم أو المدّعي العام. فقد خسر الجمهوريون بعض الولايات الترجيحية، كما في بنسلفانيا وميتشغان وويسكونسن، ويكافحون للفوز في أخرى، مثل أريزونا ونيفادا، بسبب نوعية مرشّحيهم المدعومين من ترامب، وسيكون لهذا تداعيات في انتخابات 2024. فقد كانت هذه الانتخابات جيدة عمومًا للديمقراطيين، إذا ما أخذنا في الاعتبار التوقعات السابقة بهزيمةٍ كاسحة لهم، في حين كانت سيئة بالنسبة إلى الجمهوريين.

أسباب انكسار "الموجة الحمراء"

يمكن تحديد ثلاثة عوامل أساسية تسبّبت في منع حصول الجمهوريين على نصرٍ انتخابي كاسح في الانتخابات النصفية، وهي:

1. تأثير ترامب

تميل معظم التحليلات إلى تحميل ترامب مسؤولية فشل الجمهوريين في تحقيق انتصار انتخابي كاسح، كما كانت تشير استطلاعات الرأي؛ إذ إنّ دعم ترامب مرشّحين غير أكفاء ومتطرّفين في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، على حساب آخرين أكثر كفاءة في ولايات متأرجحة، أعطى الديمقراطيين ميزةً في الانتخابات العامة. والمعيار الوحيد الذي كان يهمّ ترامب هو مدى تبنّي المرشحين الذين يطلبون دعمه مزاعمه عن سرقة الانتخابات الرئاسية منه عام 2020، والتي فاز بها بايدن، وقابليتهم لإعلان الولاء التام له، فقد خسر، مثلًا، المرشّح الذي دعمه ترامب في بنسلفانيا، محمد أوز، أمام المرشّح الديمقراطي جون فيترمان، رغم أن المنافسة كانت تجري على مقعدٍ لسناتور جمهوري متقاعد. وفي نيفادا، تمكّنت السناتور الديمقراطية، كاثرين كورتيز ماستو، من الحفاظ على مقعدها أمام مرشّح ترامب، آدم لاكسالت. وفي أريزونا، هزم السناتور الديمقراطي، مارك كيلي، المرشّح الجمهوري بليك ماسترز الذي دعمه ترامب. وكذلك في نيوهامشر، حيث هزمت السناتور الديمقراطية، ماغي حسن، مرشّح ترامب، دونالد بلودغ. أما في جورجيا، فلم يتمكّن كل من السناتور الديمقراطي رفائيل وارنوك والجمهوري المدعوم من ترامب هيرشل ووكر، من بلوغ نسبة الحسم من الجولة الأولى (50%)، ومن ثم، فإنهما سيخوضان جولة إعادة الشهر المقبل، مع أفضلية لوارنوك. ويصحّ الأمر على عددٍ من دوائر مجلس النواب، التي كان يفترض أن يربحها الجمهوريون، لولا نوعية المرشحين الذين دفع بهم ترامب على حساب مرشحي المؤسسة التقليدية في الحزب.

لقد بات واضحًا خلال الانتخابات أخيرا أنّ ترامب يجلب معه عناوين سيئة، مثل هجوم أنصاره على مبنى الكونغرس في السادس من كانون الثاني/ يناير 2021، والتحقيقات الجنائية حول أخذه ملفات ووثائق سرية من البيت الأبيض بعد انتهاء رئاسته، فضلًا عن التحقيقات في سجّلاته الضريبية ومعاملاته المالية. وثمَّة من يشير إلى أن تسديد اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري فواتير ترامب القانونية هو محاولةٌ لتحفيزه على البقاء خارج السباق الرئاسي. لكن، مع صعود أسهم حاكم ولاية فلوريدا الجمهوري، رون ديسانتيس، وبدء الإعلام اليميني تسويقه بأنه سيكون مرشّح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة 2024، أعلن ترامب، قبل يوم من الانتخابات النصفية، أنه سيعلن عن موقفه من الترشّح بعد أسبوع، رغم ضغوط من داخل الحزب بتأجيل أيّ كلام في هذا الشأن إلى ما بعد الانتخابات النصفية.

يرى بعضهم أنه لا ينبغي اختزال المشكلة في ترامب، بل يجب أن يتحمّل الحزب الجمهوري أيضًا قسطًا من المسؤولية

ويمثّل ترامب معضلةً مزدوجة للجمهوريين. من جهة، يمثّل استفزازًا لشرائح واسعة من الرأي العام الأميركي. لكنه، من جهة أخرى، ما زال يتمتّع بشعبية كبيرة لدى قواعد الجمهوريين، ومن ثم، سيحتاجه من يخوض انتخابات تمهيدية، أو على الأقل يحتاج تجنّب غضبه. علاوة على ذلك، ما زال ترامب الأقدر على جمع المال للحزب الجمهوري ومرشّحيه. لكن ثمَّة من يرى أنه لا ينبغي اختزال المشكلة في ترامب، بل يجب أن يتحمّل الحزب أيضًا قسطًا من المسؤولية؛ لأنه احتضن ترامب منذ أعلن عن ترشّحه للرئاسة عام 2015، ودعم بعض سياساته العنصرية ضد المهاجرين والملوّنين، وتبنّى مواقفه المتصلة بقانون الرعاية الصحية وتعيين قضاة يمينيين في المحكمة العليا، ثمَّ تراجع الحزب أمام قرار عزله وإدانته في مجلسَي النواب والشيوخ مطلع عام 2021، بعد أحداث اقتحام أنصاره الكونغرس. 

وقد تمكّن الديمقراطيون من توظيف المعضلة التي يمثلها ترامب لحزبه، ونجحوا في جعل الانتخابات التي انتظمت أخيرا خيارًا بين بايدن وترامب بدلًا من محاولات الجمهوريين جعلها استفتاءً على سياسات بايدن. وهكذا، حينما كان ترامب يتدخّل في تحديد هوية مرشّحي حزبه ونوعيتهم، كان بايدن يتجنّب الذهاب إلى الولايات الترجيحية التي لا يحظى فيها بشعبية عالية، كما في نيفادا وأريزونا وجورجيا، في حين ذهب إلى بنسلفانيا رفقة الرئيس الأسبق، باراك أوباما. من ناحية أخرى، شكّل الديمقراطيون لجنةً خاصةً هدفها ترويج انتقادات سابقة وجّهها مرشّحون جمهوريون أكفاء لشخص ترامب؛ ما جعله يستبعدهم لصالح مرشّحين أقلّ كفاءة، وقد حقّقت هذه الاستراتيجية نجاحًا كبيرًا بالنسبة إلى الديمقراطيين في ولاياتٍ مثل أريزونا ونيوهامشر.   

الخلافات داخل المعسكر الجمهوري

منذ آب/ أغسطس 2022، برز خلاف واضح بين اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري التي تشرف على اختيار مرشّحي الحزب لمجلس الشيوخ، ويقودها السناتور ريك سكوت، وبين زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ السناتور ميتش ماكونيل، واللجنة السياسية المرتبطة به لدعم المرشّحين الجمهوريين في انتخابات مجلس الشيوخ. ففي حين رأى سكوت ضرورة دعم كل المرشّحين الجمهوريين، بمن فيهم أولئك الذين لا يملكون فرصًا قوية، ويدعمهم ترامب، رأى ماكونيل أنّ الدعم يجب أن يكون فقط للمرشّحين الذين يملكون فرصًا حقيقية. وقد أنفق كل طرف عشرات الملايين من الدولارات في الدعاية الانتخابية من دون تنسيقٍ بينهما، في حين كان الديمقراطيون يعملون بتنسيقٍ كامل بين لجانهم الوطنية واللجان السياسية المرتبطة بهم. 

قضايا الإجهاض والتطرّف

حتى الرابع والعشرين من حزيران/ يونيو 2022، كانت معظم استطلاعات الرأي تعطي الجمهوريين فوزًا كاسحًا في الانتخابات النصفية، من جرّاء ارتفاع نسب التضخم والأسعار ومعدلات الجريمة والصعوبات التي واجهها الديمقراطيون في تمرير أجندتهم التشريعية في الكونغرس. وقد حاول الجمهوريون تركيز حملاتهم الانتخابية على هذه القضايا، إلا أنّ قرار المحكمة العليا، بأغلبيتها المحافظة، إلغاء حقّ الإجهاض المعمول به منذ عام 1973، وتخويل كل ولاية سلطة تشريعه على حدة، استفزّ الديمقراطيين والنساء صغيرات السن والمستقلين، وهو ما خلق دافعيةً أكبر لديهم للتصويت في الانتخابات النصفية. وقد عمل الديمقراطيون بنجاح على تصوير الحزب الجمهوري ومرشّحيه، وخصوصًا المدعومين من ترامب، على أنهم متطرّفون، ومن ثم، إثارة مخاوف الأميركيين على حقوقهم وحرّياتهم، وخصوصًا أنّ القضاة الثلاثة الذين عيّنهم ترامب في المحكمة العليا هم من رجّح نقض حق الإجهاض دستوريًا. وكان بايدن قد ألقى خطابًا قبل أسبوع من الانتخابات، حذّر فيه ممّا وصفه تهديد "قوى الظلام" المتمثّلة في التيار المؤيد لترامب، والذي تحرّكه مزاعمه عن سرقة انتخابات عام 2020 منه. وجاء خطاب بايدن على خلفية الاعتداء الجسدي الذي استهدف قبل ذلك بأسبوع زوج رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، في منزلهما في سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا، والذي نفّذه شخص عنصريٌّ أبيض مهووس بنظريات المؤامرة ومزاعم سرقة انتخابات 2020 من ترامب. 

سيظل ترامب معضلة للجمهوريين، خصوصًا أنه يعمل على ابتزاز قادة حزبه وإضعافهم في الكونغرس

ووفقًا لاستطلاعات الرأي التي أُجريت مباشرة بعد الانتخابات، ذكر 27% من الناخبين أنّ الإجهاض كان القضية الأهم بالنسبة إليهم خلال إدلائهم بأصواتهم، مقارنةً بـ 31% قالوا إن التضخّم كان القضية الأهم في نظرهم. وقد صوّت 76% ممن قالوا إنّ الإجهاض هو أوليتهم الأولى لصالح الديمقراطيين. وتشير استطلاعات الرأي، كذلك، إلى أنّ ستة من كل عشرة ناخبين يرون أنّ الإجهاض ينبغي أن يكون قانونيًا في معظم الأحوال، وهو ما يطالب به الديمقراطيون. وكان لافتًا أنّ نسبة من جعلوا الإجهاض على رأس قائمة أولوياتهم في ولاية بنسلفانيا قريبة من نسبة من يرون أن التضخّم هو القضية الأهم. وقد فاز الديمقراطيون بمقعد مجلس الشيوخ في تلك الولاية الذي كان يشغله جمهوري. كما صوّت أغلب الناخبين في ولايتَي كانساس وكنتاكي المحافظتَين ضد حظر الإجهاض، وبذلك لم يكن الأمر مقصورًا على ولاياتٍ ديمقراطية، ككاليفورنيا، أو متأرجحة كميشيغان وأريزونا، حتى إن نسبة 11% الذين قالوا إن الجريمة هي أهم قضية عندهم حينما أدلوا بأصواتهم (جمهوريون في غالبيتهم)، قال مثلهم إنّ عنف السلاح هو القضية الأهم بالنسبة إليهم (ديمقراطيون في غالبيتهم). 

تحدّيات تواجه الحزبين 

رغم أنّ أيًّا من الحزبين لم يحقق فوزًا كاسحًا في هذه الانتخابات، يمكن القول إن الديمقراطيين تمكّنوا من تجنّب هزيمة ساحقة كانت أغلب استطلاعات الرأي تتوقعها. وفي حال تمكّن الجمهوريون من السيطرة على مجلس النواب بأغلبية ضئيلة، وهو الأرجح، سوف يمثل هذا تحدّيًا كبيرًا ليس فقط لإدارة الرئيس بايدن، بل أيضًا للحزب الجمهوري نفسه؛ فزعيم الأقلية الجمهورية الحالي، كيفين مكارثي، سيغدو رهينة لعدد قليل من المشرّعين الجمهوريين الأعضاء في ما يسمّى Freedom Caucus، أو "كتلة الحرية"، وهو جناح يميني متشدّد يدين بالولاء لترامب. ويحتاج أيّ مرشّح لرئاسة مجلس النواب إلى 218 صوتًا حتى يظفر بالمنصب، وهكذا، فإن كل صوت جمهوري سيكون ضروريًا في ظل أغلبية ضئيلة جدًا. وكان مساعد ترامب البارز، جايسون ميلر، واضحًا بقوله: "إذا ما أراد مكارثي رئاسة المجلس، فعليه أن يعلن من الآن دعمه غير المشروط لترشح ترامب للرئاسة عام 2024". وتطالب كتلة الحرية أيضًا بأن يرأس بعض أعضائها لجانا مهمة في مجلس النواب، ويطالبون أيضًا بإجراء تحقيقات حول بايدن وابنه هنتر، وقد يدفعون إلى عزل الرئيس، تنفيذًا لرغبة ترامب في الانتقام. إذا رضخ مكارثي لشروط هذه الكتلة، التي تمثل أقليةً بين مشرّعي حزبه، فإن هذا قد يثير غضب أغلبية الأعضاء الآخرين من المعتدلين، كما أنه سيسهم في تعطيل أجندة إدارة بايدن التشريعية، وحينها قد يتحمّل الجمهوريون مسؤولية الفشل في الحكم في انتخابات عام 2024. قد يدفع هذا الأمر مكارثي إلى العمل مع الديمقراطيين لتأمين أغلبية تلتفّ على ابتزاز كتلة الحرية داخل حزبه، ومن ثم، توفير أغلبية من الحزبين، وهذا قد يعزّز من حظوظ تمرير أجندة بايدن الداخلية، وخصوصًا أن الديمقراطيين يتمتعون بأغلبية في مجلس الشيوخ. أما في ما يتعلق بالسياسة الخارجية، فللرئيس مساحة أوسع للمناورة. 

في كل الأحوال، سيظل ترامب معضلة للجمهوريين، خصوصًا أنه يعمل على ابتزاز قادة حزبه وإضعافهم في الكونغرس، من أجل ضمان بقائه زعيمًا للحزب، والترشّح لانتخابات الرئاسة المقبلة، رغم تحميله مسؤولية تراجع الجمهوريين، والدعوات المتزايدة له من حلفاء سابقين بأن ينسحب من المشهد ويسمح لحزبه بأن يختار قيادة جديدة. وهو ما يعني أن الحزب الجمهوري قد يكون على أعتاب صراعٍ داخلي شديد.