الاتفاق النووي الإيراني بانتظار الحسم
الاتفاق النووي الجديد مع إيران بات ناجزاً حسب الرواية الإيرانية، بينما تؤكّد واشنطن أنه لا تزال هناك مسافة كبيرة، فيما يتصرّف الاتحاد الأوروبي وروسيا على أساس أن الاتفاق بات وشيكاً، وسيُوقَّع خلال الفترة الباقية من حكم الرئيس حسن روحاني الذي سيسلّم السلطة لخلفه ابراهيم رئيسي في الثالث من أغسطس/ آب المقبل. وحسب صحيفة نيويورك تايمز، لن تُمنَح هذه الهدية للحكم الجديد الذي لا يحظى بتعاطفٍ في واشنطن بسبب طابعه المحافظ. وذكرت الصحيفة أن القرار النهائي لإحياء الاتفاق النووي سيكون قبل تنصيب رئيسي، في وقتٍ لا تزال فيه الحكومة المعتدلة موجودة في السلطة الإيرانية. وفي جميع الأحوال، ستكون الجولة السابعة في الأسبوع الأول من الشهر المقبل (يوليو/ تموز) هي الحاسمة، بعد ست جولات في فيينا بدأت في الثاني من إبريل/ نيسان بمشاركة أطراف الاتفاق المكونة من روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيران، وكانت الجولة الأخيرة في نهاية الأسبوع الماضي، وشهدت حصول تفاهماتٍ حول بعض الخلافات الفنية المرتبطة بتنفيذ إيران تعهداتها النووية، وآثار خطواتها النووية خلال السنوات الأخيرة، لكنها لم تحلّ بالكامل. ومع ذلك، خرج المفاوض الإيراني، عباس عراقجي، ليعلن أن أوراق الاتفاق باتت جاهزة، وعودة الوفود إلى العواصم ليست للتشاور، بل لاتخاذ القرار. وثمّة حديث في أوساط سياسية وإعلامية إيرانية يرجّح التوصل إلى اتفاق في الذكرى السنوية لتوقيع الاتفاق النووي يوم 14 يوليو/ تموز 2015. وإذا باتت الأجواء جاهزةً لتوقيع الاتفاق قبل نهاية الشهر المقبل، فإن الذي يحدّد ساعة الصفر هو مرشد الثورة الإيرانية. وإذا وافق على توقيع روحاني، فسيكون الاتفاق بمثابة مكافأة نهاية الخدمة من المرشد لروحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، وإذا أجّل التوقيع حتى يتسلم رئيسي مهامه، فإن الهدية ستكون للرئيس الجديد، لمساعدته على تجاوز التحدّي الرئيسي لحكمه، وهو الاقتصادي. ويبدو من تصريحات رئيسي، في أول مؤتمر صحافي بعد فوزه، أن هذه الورقة بيده.
وفي وقت تروّج فيه أوساط إسرائيلية أن إدارة الرئيس جو بايدن تستعد لتقديم تنازلاتٍ كبيرةٍ وخطيرة لإيران، تجعل الاتفاق الجديد أخطر من الاتفاق الأصلي، تحدثت صحيفة هآرتس عن وثيقةٍ أعدها ثلاثة من الأمنيين السابقين حذّرت من الاتفاق أخطر من السابق، إلا أنه لا يبدو أن هناك خياراً أمام إسرائيل سوى التعاون مع الأميركيين، من أجل وضع خطوط حمر يجب ألا يتجاوزها الاتفاق، فضلاً عن الحرص على تجهيز خيار عسكري لمواجهة البرنامج النووي الإيراني إن تطلب مسار الأمور ذلك. ولهذا، جاءت زيارة رئيس الأركان الاسرائيلي، أفيف كوخافي، لواشنطن، وكذلك الأمر مع الرئيس الاسرائيلي، رؤوفين ريفلين، الذي يلتقي نظيرة الأميركي في نهاية الشهر الحالي. وفي جميع الأحوال من غير المتوقع أن تفلح الضغوط الإسرائيلية في التأثير بموقف الإدارة الأميركية من الاتفاق. ومن المرجح أن تقدم الولايات المتحدة مساعداتٍ لإسرائيل لتعزيز ترسانتها العسكرية، فيما يجري تداول تسريباتٍ عن جهودٍ مكثفة تقوم بها واشنطن من أجل مفاوضات إيرانية إسرائيلية في الكواليس، للتوصل إلى تفاهمات إقليمية.
أما في ما يخصّ العالم العربي والشروط التي حدّدتها واشنطن بشأن التزام إيران وقف الأعمال التخريبية في الإقليم والترتيبات الخاصة بأمن الخليج، فإن المفاوضات التي تجري بخصوص اليمن في مسقط، وفي بغداد بين إيران والسعودية، ليست بعيدةً عن ترتيبات الاتفاق النووي، وتحاول طهران الربط بين المسارات، كي يظهر الاتفاق النووي جزءاً من اتفاقٍ شاملٍ يخصّ الوضع في المنطقة، لكن المسألة تبقى غير واضحة، ولا تحمل تعهداتٍ وضماناتٍ من عدم استمرار سياسات التخريب الإيرانية في سورية، العراق، اليمن، ولبنان.