اتحاد الحيوان في الشعر الجاهلي

25 أكتوبر 2015

نضال الصالح رئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية

+ الخط -

سررتُ لانتهاء ولاية رئيسِ اتحاد الكتاب العرب، الأستاذ الدكتور حسين جمعة؛ صاحبِ كتاب (الحيوان في الشعر الجاهلي)، الذي اكتفى بالجلوس على كرسي الاتحاد عشر سنوات فقط، بينما حكمَ سَلَفُه الأستاذ الدكتور علي عقلة عرسان الاتحادَ أكثر مما حكم الدكتاتور حافظ الأسد سورية الحبيبة.

تَجري الانتخابات في هذا الاتحاد مثلما تجري في أية دولة ديمقراطية تحترم نفسَها وشعبَها وتاريخَها، حيث يدخل السادة الناخبون إلى غرفة الاقتراع السرية، ويجلس الواحد منهم مع ضميره وجهاً لوجه، ويدلي بصوته. ومع ذلك، يفوز الأشخاص الذين تختارهم القيادة القطرية لحزب البعث قبل يومين من موعد العملية الانتخابية، تنفيذاً لتوجيهات الشُّعَب المخابراتية الكبرى، ومكتب القصر الجمهوري؛.. ثم تُعلن النتائج النهائية، وعدد الأصوات التي حصل عليها كل واحد من المرشحين، وخلال 48 ساعة، أو أقل، يجري تعيين أحدهم رئيساً للاتحاد من القيادة القطرية، بتوجيهات من الجهات المخابراتية والقصرية، المشار إليها آنفاً.

تمخضت الهمروجة الانتخابية التي جرت، أخيراً، في اتحاد الكتاب عن تعيين الأستاذ الدكتور نضال الصالح رئيساً للاتحاد لفترة لا يدري أحد إن كانت ستطول أو ستقصر، لكن الأكيد أن نضال الصالح لم يكن ليوفر أية عملية انتخابية على مستوى فرع حلب، أو ‏على مستوى الاتحاد العام، إلا ويرشح نفسه لها، ويرسب بعدد أصواتٍ ‏مخجلة، لأن قادة المخابرات في تلك الأيام، على ما يبدو، كانوا ينفرون منه، أما تبنيه، هذه المرة، فيعني أن عدوَّنا، نظام الأسد، قد بلغ ذروة الانحطاط.       

‏لا يوجد في الحياة إنسان سيئ، أو صغير، بشكل كامل؛ لكنَّ الظروف، أو ربما بعضَ القوى المجهولة؛ تلعبُ لعبتَها، أحياناً، لصالح شخصٍ ما، فترفعه، أو تلعب ضد صالح آخر فتخفضه. وهنالك اعتقاد شعبي مفادُه بأن الله تعالى إذا أحب عبداً من عباده فإنه يُلهمه أن يقوم بسلسلة من الأفعال التي تجعل الناس يحبونه، ويخطبون ودَّهُ، ويعشقون مجلسه، وإذا أبغض عبداً آخر ألهمه على ارتكاب الأفعال المُنفِّرة، ليكرهه الناس ويهربوا من مجالسته، كما هو الحال مع الرفيق الدكتور نضال الصالح.

في مطلع الثمانينات، حينما نزلتُ من إدلب إلى حلب، أول مرة، بقصد التعرف على الوسط الثقافي، لاحظتُ وجود خلافات بين أفراد و(شلل) حلبية، لكن الغريب في الأمر أن الجميع كانوا متحدين ضد نضال الصالح! وبعضهم كانوا يروون طرائف مضحكة عن تصرفاته التي تتسم بالغرور المترافق مع نقص الموهبة.

أراد نضال الصالح أن يستفيد من مقولة شاعت في الأوساط الثقافية، خلال هاتيك الأيام، تقول إن الكاتب الفاشل يمكن أن يكون ناقداً ناجحاً، فما كان منه إلا أن هجر القصة القصيرة والرواية، وبدأ يشتغل على دراسة النقد الأدبي، وما إن حصل على لقب الدكتوراه حتى أصبح يتعامل تعاملَ الرجل الواقف على رأس الجبل، يرى الناس صغاراً، وهم يرونه صغيراً.

بالنسبة لإخفاق تجربة نضال الصالح الإبداعية والنقدية، لا يمكننا أن نضع الحق كله على غياب الموهبة، والغرور، إذ هنالك عناصر أخرى، لا يجوز إغفالها، أهمها الفذلكة. وقد حضرتُ له موقفاً، في أيام مسابقة عبد السلام العجيلي للقصة القصيرة، في مدينة الطبقة 2009، حينما وقعت تحت يده أديبة إماراتية شابة، وأراد أن يمسح بها الأرض، فقال، في مداخلة ألمعية طويلة، إن بعض الأدباء، ومنهم هي، لا يمتلكون ناصية الإبداع، وقد جاءوا إلينا من عالم الشابكة.. إلخ إلخ.. (وقتها لم نكن نعلم ما هي الشابكة، لكننا فهمنا من حديثه أنها الإنترنت).

أخيراً: جاء نضال الصالح إلى رئاسة الاتحاد، حقيقة، في أيام النحس، فمع السقوط الوشيك لنظام الأسد، سيكون، بلا شك، مثل آخر نغمة في مزمار العرس.

 

 

خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...