11 نوفمبر 2024
"اتحاد الأدباء العرب".. فالج لا تعالج
تحتاج عند قراءتك بيانات مؤتمرات الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب واجتماعاته، في الأعوام الثلاثة الماضية، إلى أن تتبيّن بشأن بعضِها ما إذا كان منسوباً حقيقةً إلى كتّابٍ عربٍ واتحادٍ عامٍ يضمهم، أم إلى مجلس وزراء الداخلية العرب، وذلك لفرط الحرص فيها على مواجهة التطرّف والعنف والإرهاب والتعصّب، في الوطن العربي. والبادي أن الدأب على هذا الكلام صار ديدن هذه الاجتماعات. ومع تثمين ما يُكابده الزملاء المنتخبون في قيادات الروابط والاتحادات القُطرية التي يجمعها الاتحاد العام، وهم يدبّون الصوت، بمثابرةٍ ظاهرةٍ، من أجل أن تشفى الأمة من الإرهاب الحادث في بلادها، إلا أن الواحد منا لا بد وأن يرتاب في هذا الشأن (وغيره)، فهؤلاء الزملاء، في مأثورهم الذي يتراكم، كل ستة شهور، يضنّون على شعوبهم بأي كلمةٍ تتعاطف مع أشواقها من أجل التحرّر من الاستبداد، وبأي كلمةٍ تناصر هذه الشعوب، وهي تغالب ترويعاً في غير بلد. ومن ذلك أن البيان الختامي لاجتماع المكتب الدائم للأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب العرب، والذي استضافته دبي الأسبوع الماضي (بدل دمشق في قرار المؤتمر العام في أبوظبي في ديسمبر/ كانون الأول 2015)، يقول إن الاجتماع بحث ما تتعرّض له سورية والعراق ومصر وليبيا وتونس والسودان من إرهاب، ... ويدعو إلى تأسيس منتدىً ثقافيٍّ عربي لمواجهة مختلف أشكال التطرّف والتعصّب والإرهاب في الوطن العربي.
هذا ما رآه أكثر من خمسين مثقفاً من 15 دولة عربية، أو على الأرجح ما رآه من صاغوا البيان (ومنهم رئيس اتحاد الكتاب في سورية، الملتحق بنظام البراميل المتفجرة الحاكم في دمشق، نضال الصالح، وهو الذي تلا البيان)، ذلك أن مشاركين في مثل هذه المؤتمرات يكفيهم السفر نفسه إلى دبي (وطنجة وأبو ظبي وغيرهما سابقاً)، ولا يعنيهم ما يصدر عنها. وفضيحةٌ كبرى، أن لا يُرى ما يحدث في سورية سوى أنه إرهاب، (والتعامي عن مقتل أكثر من 300 سجين لدى النظام في مصر أيضاً). ولا توجب هذه الفضيحة فقط غسل اليد من أي رهانٍ على إصلاح الاتحاد المذكور وذهنيّات القائمين عليه، وإنما أيضاً التوافق على إصدار بيانٍ مضادٍّ يُدين هذا التعرّض المسفّ للشعب السوري الذي ووجهت ثورته السلمية بحرب إبادةٍ وتهجير، يخرس بشأنها اجتماع مثقفين عرب، بل يمتدحها ضمناً، طالما أنه لا يرى غير الإرهاب يحدث في سورية.
ووجدت كلمة الأمانة العامة للاتحاد، في ختام الاجتماع، أن تحدياتٍ كبيرةً أمامه، "في هذه الظروف المطبوعة بظهور نزعات التوحش والتعصّب والعنف". وبشأن تقرير الحريات العامة، البادي أن معدّيه شربوا حليب السباع، وقد اعتبروا أن "حرية التعبير ترقى إلى درجة القداسة"، لكنه لم يجعلهم يؤشرون إلى الأعور في عينه أنه أعور، فلم يعيّنوا أياً من البلدان العربية التي يجري فيها ما تحدّث عنه التقرير الطريف، والذي يُحسب له قوله إن الاتحاد يطالب السلطات الأمنية والقضائية العربية بتوضيحٍ شفافٍ موضوعيٍّ للموقف القانوني لأي معتقل، وإنْ يترُك لكلّ من على رأسه بطحةٌ أن يحسّس عليها. ولم يغفل من صاغوا البيان الثقافي الصادر عن الاجتماع الإتيان على "خرّافية" الإرهاب، فقد أوصى بفتح دوراتٍ ولقاءاتٍ حواريةٍ ممنهجةٍ بين الشباب لفضح "الخطابات الظلامية".
جاء من لوازم التهذيب التقليدي أن تُرفع باسم المجتمعين برقيةُ شكر إلى رئيس دولة الإمارات، غير أن من المشروع أن يُسأل، هنا، عمّا إذا كانت الوفود المستضافة تعرف شيئاً عن "جهود الإمارات لاستئصال تيارات التطرّف ومشروعاته المشبوهة"، وهي الجهود التي تقول البرقية إن الاتحاد العام يؤيدها، كما يساند "كل ما اتخذته وتتخذه (الإمارات) من إجراءاتٍ لحفظ أمنها الوطني". حمى الله الإمارات دائماً. .. ولأن البرقية امتدحت "أجواء الحرية والاستعداد المطلق لتقبل الآراء واحترامها" في الاجتماع، فإن السطور السابقة جاءت بكل حرية (؟)، وإنْ من خارج الاجتماع، على بعض ما حفلت به وثائقه من مضامين التسييس القسري والموظّف، جرياً على خط واضح صار عليه الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، أخيراً، ولا يبدو أن في الوسع شفاء الاتحاد من هذا الحال، والمثل يقول "فالج لا تعالج".
هذا ما رآه أكثر من خمسين مثقفاً من 15 دولة عربية، أو على الأرجح ما رآه من صاغوا البيان (ومنهم رئيس اتحاد الكتاب في سورية، الملتحق بنظام البراميل المتفجرة الحاكم في دمشق، نضال الصالح، وهو الذي تلا البيان)، ذلك أن مشاركين في مثل هذه المؤتمرات يكفيهم السفر نفسه إلى دبي (وطنجة وأبو ظبي وغيرهما سابقاً)، ولا يعنيهم ما يصدر عنها. وفضيحةٌ كبرى، أن لا يُرى ما يحدث في سورية سوى أنه إرهاب، (والتعامي عن مقتل أكثر من 300 سجين لدى النظام في مصر أيضاً). ولا توجب هذه الفضيحة فقط غسل اليد من أي رهانٍ على إصلاح الاتحاد المذكور وذهنيّات القائمين عليه، وإنما أيضاً التوافق على إصدار بيانٍ مضادٍّ يُدين هذا التعرّض المسفّ للشعب السوري الذي ووجهت ثورته السلمية بحرب إبادةٍ وتهجير، يخرس بشأنها اجتماع مثقفين عرب، بل يمتدحها ضمناً، طالما أنه لا يرى غير الإرهاب يحدث في سورية.
ووجدت كلمة الأمانة العامة للاتحاد، في ختام الاجتماع، أن تحدياتٍ كبيرةً أمامه، "في هذه الظروف المطبوعة بظهور نزعات التوحش والتعصّب والعنف". وبشأن تقرير الحريات العامة، البادي أن معدّيه شربوا حليب السباع، وقد اعتبروا أن "حرية التعبير ترقى إلى درجة القداسة"، لكنه لم يجعلهم يؤشرون إلى الأعور في عينه أنه أعور، فلم يعيّنوا أياً من البلدان العربية التي يجري فيها ما تحدّث عنه التقرير الطريف، والذي يُحسب له قوله إن الاتحاد يطالب السلطات الأمنية والقضائية العربية بتوضيحٍ شفافٍ موضوعيٍّ للموقف القانوني لأي معتقل، وإنْ يترُك لكلّ من على رأسه بطحةٌ أن يحسّس عليها. ولم يغفل من صاغوا البيان الثقافي الصادر عن الاجتماع الإتيان على "خرّافية" الإرهاب، فقد أوصى بفتح دوراتٍ ولقاءاتٍ حواريةٍ ممنهجةٍ بين الشباب لفضح "الخطابات الظلامية".
جاء من لوازم التهذيب التقليدي أن تُرفع باسم المجتمعين برقيةُ شكر إلى رئيس دولة الإمارات، غير أن من المشروع أن يُسأل، هنا، عمّا إذا كانت الوفود المستضافة تعرف شيئاً عن "جهود الإمارات لاستئصال تيارات التطرّف ومشروعاته المشبوهة"، وهي الجهود التي تقول البرقية إن الاتحاد العام يؤيدها، كما يساند "كل ما اتخذته وتتخذه (الإمارات) من إجراءاتٍ لحفظ أمنها الوطني". حمى الله الإمارات دائماً. .. ولأن البرقية امتدحت "أجواء الحرية والاستعداد المطلق لتقبل الآراء واحترامها" في الاجتماع، فإن السطور السابقة جاءت بكل حرية (؟)، وإنْ من خارج الاجتماع، على بعض ما حفلت به وثائقه من مضامين التسييس القسري والموظّف، جرياً على خط واضح صار عليه الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، أخيراً، ولا يبدو أن في الوسع شفاء الاتحاد من هذا الحال، والمثل يقول "فالج لا تعالج".