أميركا بين الليبرالية وداعش
بعد مضي أربعة أسابيع على الغارات الجوية التي يشنها التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، على داعش، لا يزال الأخير على الأرض كأن شيئاً لم يكن. إذ أصبح ممارسة يومية لمن يريد الانتماء إلى هذا التيار المتطرف الذي يرتمي في حضن الإسلام. وكأننا في مرحلة نشوء تيار مماثل للنازية. لكن، بطابع وممارسات مختلفة.
وكانت السلفية الجهادية مطية تحقيق الأهداف بجعلها وسيلته الأساسية. والآن، تسير الولايات المتحدة بضرباتها بهدف القضاء على هذا التطرف، ولكن المفارقة بليبرالية جديدة، تقوم على أمرين، أولهما التجييش على التيار "النازي" الجديد المتمثل في تنظيم الدولة "داعش"، هذا التنظيم الذي لم تعد تختلف سلوكياته عن سلوكيات النظام، وثانيهما التغاضي عن جرائم النظام السوري. بحيث تتجاهل القنابل التي تلقى على المدنيين في المناطق السورية كافة، وتكتفي برسم الخطوط الحمراء ذات الطابع الوهمي.
وهل تتصور الولايات المتحدة النجاح في حربها؟ هذه الحرب التي تشنها ضد الإرهاب كما تدعي، والسير ببراغماتية إطلاق الذئب بين الأغنام. فهي، من جهة، تريد محاربة النسخة الجهادية من داعش، وترك النسخة السوفييتية الأخرى التي يملثلها الأسد ونظامه، النسخة التي يرعاها الكرملين، ويضع خطوطه الحمراء حولها.
وفي التعقيب نقول، إن داعش ليس وليد اللحظة، بل نتاج تزاوج بين الضعف الديني والعمل المخابراتي الغربي لإحداث صراع إسلامي إسلامي في المنطقة، هذا التزاوج قطع فترة المخاض بسرعة كبيرة، وانتشر كالطاعون.
هذا التوزيع الضمني للمهمات جعل المعارضة السورية تهيم على وجهها، سياسية أم عسكرية كانت. حيث يتجه سياسيو المعارضة إلى الظهور بموقف الفاعل، وكأنهم استشيروا، وأخذت موافقتهم في هذه الحملة. فأعضاء الائتلاف يظهرون بمظهر المؤيد وصانعي القرار، بينما فعليّاً لا تأثير يذكر لهم.
بينما ينحو العسكريون منحى مخالفاً، فمنهم من يرفض هذه الضربات، ومنهم من يسير في محاربة داعش علناً لاعتبارات عدة وضعوها، وساروا تحت ظلها، ومنهم من يريد النجاة من الضربات، كونه صنف مع التنظيم.
وهذه هي النتائج التي سببها المولود الجديد في المنطقة، المولود الذي احتضنته الليبرالية الجديدة الأميركية.