25 اغسطس 2024
ألقاب كوميدية: المربعات صارت ورانا
في بداية الثورة، أطلقَ النظامُ السوري على الفضائيات التي تغطي الأحداث السورية ألقاباً مختلفة، منها "فضائيات الفتنة" و"قنوات التحريض" و"أبواق التآمر". ولأن هذا النظام ذو تاريخ طويل في مجال المداراة والتستّر والكتمان ومقاطعة الصحافة الحرة، والاعتماد على إعلام الصوت الواحد، فقد شرعتْ تلك الفضائياتُ تبتكرُ طرائقَ بالغة الطرافة، لتتسلل من خلالها إلى داخل الحدث السوري، منها الاتصالُ هاتفياً بشخصٍ لا يُذْكَرُ اسمُه الحقيقي، وإنما اسمُه الحركي، ويكتبون في أسفل الشاشة عبارة "اتصال مع شاهد عيان".. وكان من أغرب غرائب تلك الفترة أن الأحداث تجري في مناطق (سنيّة) بينما يحمل الشاهدُ العياني اسماً يوحي بأنه (شيعي): أبو جعفر.
المحللون الاستراتيجيون الذين اعتمدهم النظام السوري للدفاع عنه حينما تريد "فضائيات الفتنة" ذاتها أخذَ رأي دمشق، سرعان ما أطلقوا على الـ"شاهد عيان" لقب "شاهد عَمْيَان". وراحوا يفنّدون حكايته، فيقولون إن الواحدة من تلك الفضائيات المتآمرة ترسل أحدَ موظفيها إلى خارج الأستوديو، وتُملي عليه ما يجب قوله، ثم يتصلون به هاتفياً ليباشر الافتراء على القيادة السورية الوديعة الأليفة، متهماً إياها بالقتل والتدمير وإفلات قطعان الشبيحة على المتظاهرين، لإذلالهم وكبت تطلعهم إلى الحرية.
وَجَّهَتْ مذيعةٌ في إحدى الفضائيات الفتنوية، مرة، لأحد المحللين الاستراتيجيين السؤال: إذا كانت رواية الشاهد العيان (أو العَمْيان) ليست حقيقية، فما الحقيقة إذن؟ فابتسم ابتسامة العارف، وأخرج من جيبه "Flash Memory"، ومدّها باتجاه الكاميرا، وقال: الحقيقة موجودة ضمن هذه الفلاشة. وفي مقابلةٍ تاليةٍ مع المحلل نفسه، تحدث عن كونه مطلعاً على تفاصيل خطيرة جداً عن المؤامرة (الأميركية الإسرائيلية السعودية التركية القطرية) التي تستعد لزعزعة صمود سورية في وجه الاستعمار الصهيوني الاستيطاني، متمثلاً، أي الصمود، بوجود القائد التاريخي الدكتور بشار الأسد. فلما طلب منه المذيع إطلاعَ الإخوة المشاهدين على بعض بنود المؤامرة، قال إن تسريب هذه المعلومات يؤثر سلبياً على الخطة المحكمة التي تنتهجُها القيادة السورية الحكيمة لإجهاض المؤامرة، وعلى كل حال، فإن التفاصيل موجودة في "الفلاشة"!
اعتباراً من ذلك التاريخ، أطلق السوريون على ذلك المحلل لقب "أبو الفلاشة". وأما سعادة النائب البرلماني الأستاذ خالد العبود، فحينما سئل عن طوق الحصار الذي فرضه الجيش السوري على مدينة بانياس، قال إنكم الآن تعملون في مربع غير المربع الذي نعمل نحن فيه، فالمربع الذي نحن فيه هو أن الحكومة السورية امتصّت الصدمة، وانتقلت إلى المواجهة مع الجماعات الإرهابية المسلحة.
أطلق السوريون، بشكل أوتوماتيكي، على خالد العبود لقب "أبو المربعات". وبعد مدة ليست طويلة، لجأ بعضهم إلى "دبلجة" مقطع تمثيلي من مسلسل "افتح يا سمسم"، وفيها (الدميتان) أنيس وبدر نائمان في سرير واحد، ويستيقظ بدر ويلكز أنيساً، ويقول له ببرود شديد: بدر، يا بدر، أنا أحب المربعات. ولأن بدر مستغرقٌ في النوم لا يكترث، فيقول له: نعم المربع شيء جميل، له أربعة أضلاع متساوية وأربع زوايا متساوية أيضاً.
لقب (صارت ورانا)، هو، في الحقيقة، أكثر الألقاب السورية غرابةً، وحكايتُه تعود إلى أواخر شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2013، حينما أصدر بشار الأسد مرسوماً، يعفي نائب رئيس مجلس الوزراء الدكتور قدري جميل من مهامه، بسبب: غيابه عن مقر عمله، ومن دون إذن مسبق، وعدم متابعته واجباته المكلف بها في ظل الظروف التي تعاني منها البلاد، إضافة إلى قيامه بنشاطات ولقاءات خارج الوطن، من دون التنسيق مع الحكومة، وتجاوزه العمل المؤسساتي والهيكلية العامة للدولة.
بعد صدور مرسوم الإعفاء بحوالي أسبوعين، كانت إحدى الفضائيات تحاوره في موضوع آخر، فقاطعها قائلاً: سيدتي، أنت لم تسأليني عن موضوع إعفائي من منصبي. قالت المذيعة: حسناً، الآن أسألك. قال: سيدتي، هاي القصة صارت ورانا.
المحللون الاستراتيجيون الذين اعتمدهم النظام السوري للدفاع عنه حينما تريد "فضائيات الفتنة" ذاتها أخذَ رأي دمشق، سرعان ما أطلقوا على الـ"شاهد عيان" لقب "شاهد عَمْيَان". وراحوا يفنّدون حكايته، فيقولون إن الواحدة من تلك الفضائيات المتآمرة ترسل أحدَ موظفيها إلى خارج الأستوديو، وتُملي عليه ما يجب قوله، ثم يتصلون به هاتفياً ليباشر الافتراء على القيادة السورية الوديعة الأليفة، متهماً إياها بالقتل والتدمير وإفلات قطعان الشبيحة على المتظاهرين، لإذلالهم وكبت تطلعهم إلى الحرية.
وَجَّهَتْ مذيعةٌ في إحدى الفضائيات الفتنوية، مرة، لأحد المحللين الاستراتيجيين السؤال: إذا كانت رواية الشاهد العيان (أو العَمْيان) ليست حقيقية، فما الحقيقة إذن؟ فابتسم ابتسامة العارف، وأخرج من جيبه "Flash Memory"، ومدّها باتجاه الكاميرا، وقال: الحقيقة موجودة ضمن هذه الفلاشة. وفي مقابلةٍ تاليةٍ مع المحلل نفسه، تحدث عن كونه مطلعاً على تفاصيل خطيرة جداً عن المؤامرة (الأميركية الإسرائيلية السعودية التركية القطرية) التي تستعد لزعزعة صمود سورية في وجه الاستعمار الصهيوني الاستيطاني، متمثلاً، أي الصمود، بوجود القائد التاريخي الدكتور بشار الأسد. فلما طلب منه المذيع إطلاعَ الإخوة المشاهدين على بعض بنود المؤامرة، قال إن تسريب هذه المعلومات يؤثر سلبياً على الخطة المحكمة التي تنتهجُها القيادة السورية الحكيمة لإجهاض المؤامرة، وعلى كل حال، فإن التفاصيل موجودة في "الفلاشة"!
اعتباراً من ذلك التاريخ، أطلق السوريون على ذلك المحلل لقب "أبو الفلاشة". وأما سعادة النائب البرلماني الأستاذ خالد العبود، فحينما سئل عن طوق الحصار الذي فرضه الجيش السوري على مدينة بانياس، قال إنكم الآن تعملون في مربع غير المربع الذي نعمل نحن فيه، فالمربع الذي نحن فيه هو أن الحكومة السورية امتصّت الصدمة، وانتقلت إلى المواجهة مع الجماعات الإرهابية المسلحة.
أطلق السوريون، بشكل أوتوماتيكي، على خالد العبود لقب "أبو المربعات". وبعد مدة ليست طويلة، لجأ بعضهم إلى "دبلجة" مقطع تمثيلي من مسلسل "افتح يا سمسم"، وفيها (الدميتان) أنيس وبدر نائمان في سرير واحد، ويستيقظ بدر ويلكز أنيساً، ويقول له ببرود شديد: بدر، يا بدر، أنا أحب المربعات. ولأن بدر مستغرقٌ في النوم لا يكترث، فيقول له: نعم المربع شيء جميل، له أربعة أضلاع متساوية وأربع زوايا متساوية أيضاً.
لقب (صارت ورانا)، هو، في الحقيقة، أكثر الألقاب السورية غرابةً، وحكايتُه تعود إلى أواخر شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2013، حينما أصدر بشار الأسد مرسوماً، يعفي نائب رئيس مجلس الوزراء الدكتور قدري جميل من مهامه، بسبب: غيابه عن مقر عمله، ومن دون إذن مسبق، وعدم متابعته واجباته المكلف بها في ظل الظروف التي تعاني منها البلاد، إضافة إلى قيامه بنشاطات ولقاءات خارج الوطن، من دون التنسيق مع الحكومة، وتجاوزه العمل المؤسساتي والهيكلية العامة للدولة.
بعد صدور مرسوم الإعفاء بحوالي أسبوعين، كانت إحدى الفضائيات تحاوره في موضوع آخر، فقاطعها قائلاً: سيدتي، أنت لم تسأليني عن موضوع إعفائي من منصبي. قالت المذيعة: حسناً، الآن أسألك. قال: سيدتي، هاي القصة صارت ورانا.