في 29 يوليو/ تموز الماضي، كانت عائلة محمد سليمان، من مخيّم جباليا، على موعد مع فاجعتها. فصواريخ الاحتلال أدت إلى استشهاد الوالدة واثنين من الأولاد، في حين أصيب أربعة من العائلة بجروح، وكذلك الوالد الذي خرج لنجدتهم وقد حوصروا وسط منطقة هدّمت بالكامل.
على مدى سبعة أشهر، عاشت العائلة مشتتة ما بين المستشفيات والعيادات الطبيّة ومنازل بعض الأقارب. وبعدما التمّ شمل ما تبقّى من العائلة، راحت صباح (12 عاماً)، وهي الأخت الكبرى، تلعب دور الأم على الرغم من صغر سنها وتتابع حاجيات إخوتها وعلاجهم.
وسط الدمار الذي يسيطر على المشهد، زارت "العربي الجديد" منزل العائلة. تستذكر صباح ذلك اليوم قائلة: "كان ثاني أيام الفطر وفي بيت جدّي لأمي اجتمعنا. لكن قذيفتَين غادرتَين هدتا النزل فوق رؤوسنا". تضيف: "لم أعرف مَن استشهد من إخوتي إلا في المستشفى. براء وحليمة هما اللذان رافقا والدتنا نهاد سليمان".
وصباح فتاة متفوقة في دراستها وودودة في علاقاتها الاجتماعيّة، وتتقن إلى ذلك الأعمال المنزليّة. وهذا ما يساعدها اليوم في تحمّل الأعباء التي ألقيت على كاهلها. تقول: "بقيت على قيد الحياة لأن الله أراد أن أعيش لإخوتي. هم أصبحوا يعتمدون عليّ في كل شيء... يعتبرون أنني محلّ أمنا".
وتخبر صباح أنها تواجه صعوبة كبيرة عندما يحلّ الليل عليهم، إذ حينها يبدأ إخوتها بالبكاء. هم يفتقدون والدتهم، وقد تعوّدوا على اللعب معها قبل النوم. وهذا ما يزيد من ألم الصغيرة التي تحملت المسؤوليّة باكراً، ومن ألم الوالد أيضاً.
ومحمد سليمان (37 عاماً)، كان قد أصيب بجروح خطيرة، بعدما كان يتوجّه إلى منزل حموَيه ظناً منه أنه يستطيع نجدة عائلته. ويروي لـ"العربي الجديد" أنه "بعدما أعلمتني زوجتي بسقوط أول قذيفة، توجّهت مسرعاً إلى منزل أهلها. وفي الطريق، أصبت بأول شظيّة في يدي. لكنني تابعت سيري. وعندما انقطع الاتصال بزوجتي، عرفت أنهم تعرّضوا لقصف مباشر. حينها، سقطت القذائف من حولي، وتعرّضت من جهتي لإصابات عديدة".
قبل شهر ونصف الشهر فقط، اجتمع الوالد من جديد مع من تبقى من أبنائه، بعدما تعافوا وبعدما تحسّنت حالته بعض الشيء. فإصابته في رأسه ليست ببسيطة، كذلك فإن الشظايا التي اخترقت ظهره تضغط على عضلاته وأعصابه. وهو بحاجة اليوم إلى عمليّة في ظهره وفي قدمه بعد تمزّق بعض العضلات. ويبقى الحمل كله على صباح.
واليوم، تعاني عائلة محمد سليمان من فقر شديد، وخصوصاً أنها فقدت منزلها التي دمّر كبقيّة بيوت المنطقة، وأن الوالد الذي كان يعمل على بند البطالة الدائمة في حكومة غزّة السابقة فقد عمله، هو لم يعد قادراً على العمل بعد إصابته. يقول: "الديون تلاحقني في الوقت الحالي، والظروف المعيشيّة في غزة سيئة. كذلك أنا في حاجة إلى علاج دائم، بالإضافة إلى علاج أطفالي ومصاريفهم".
وهو يراقب صغيرته صباح التي تهتمّ بكامل أفراد العائلة، يشير إلى رغبته في أن تكمل دراستها وتمضي في تميّزها. ويقول: "والدتها كانت حريصة على ذلك، وأنا أرغب في تشجيعها الآن وحثّها على التقدّم، على الرغم من أنني من جهتي لم أنهِ تعليمي المدرسي".
وكانت الوالدة تحمل شهادة ماجستير في الشريعة وأصول الدين، وتعمل معيدة في بعض فصول الجامعة الإسلاميّة لمساندة زوجها في مصاريف عائلتهما. هي استشهدت قبل أن تناقش رسالتها، لكن عندما حان موعد المناقشة وتكريم الخرّيجين، حلّت صباح مكان والدتها هناك أيضاً. فتسلّمت شهادتها وحملتها أمام الجمهور وسط تأثّر كبير من قبل الموجودين.
ويبقى أن صباح تتمسّك بحلمها في أن تصبح مدرّسة "كما كانت تتمنى أمي، لكنني في الوقت نفسه سأحاول قدر المستطاع تعويض إخوتي حنانها".
إصابات مختلفة وبالجملة
عندما استشهدت الوالدة نهاد سليمان، كانت في السابعة والثلاثين من عمرها. أما صغيرها براء، الذي رافقها، فكان في الثامنة، والرضيعة حليمة كانت تبلغ عاماً واحداً وثمانية أشهر. وأصيبت صباح في رأسها، وكذلك أخوها عز الدين (تسعة أعوام)، بالإضافة إلى إصابة في قدمه. أما عبد (عشرة أعوام)، فأصيب بشظايا في جسمه، في حين عانت آلاء (خمسة أعوام)، ورغد (ثلاثة أعوام)، من حروق متفرّقة.
على مدى سبعة أشهر، عاشت العائلة مشتتة ما بين المستشفيات والعيادات الطبيّة ومنازل بعض الأقارب. وبعدما التمّ شمل ما تبقّى من العائلة، راحت صباح (12 عاماً)، وهي الأخت الكبرى، تلعب دور الأم على الرغم من صغر سنها وتتابع حاجيات إخوتها وعلاجهم.
وسط الدمار الذي يسيطر على المشهد، زارت "العربي الجديد" منزل العائلة. تستذكر صباح ذلك اليوم قائلة: "كان ثاني أيام الفطر وفي بيت جدّي لأمي اجتمعنا. لكن قذيفتَين غادرتَين هدتا النزل فوق رؤوسنا". تضيف: "لم أعرف مَن استشهد من إخوتي إلا في المستشفى. براء وحليمة هما اللذان رافقا والدتنا نهاد سليمان".
وصباح فتاة متفوقة في دراستها وودودة في علاقاتها الاجتماعيّة، وتتقن إلى ذلك الأعمال المنزليّة. وهذا ما يساعدها اليوم في تحمّل الأعباء التي ألقيت على كاهلها. تقول: "بقيت على قيد الحياة لأن الله أراد أن أعيش لإخوتي. هم أصبحوا يعتمدون عليّ في كل شيء... يعتبرون أنني محلّ أمنا".
وتخبر صباح أنها تواجه صعوبة كبيرة عندما يحلّ الليل عليهم، إذ حينها يبدأ إخوتها بالبكاء. هم يفتقدون والدتهم، وقد تعوّدوا على اللعب معها قبل النوم. وهذا ما يزيد من ألم الصغيرة التي تحملت المسؤوليّة باكراً، ومن ألم الوالد أيضاً.
ومحمد سليمان (37 عاماً)، كان قد أصيب بجروح خطيرة، بعدما كان يتوجّه إلى منزل حموَيه ظناً منه أنه يستطيع نجدة عائلته. ويروي لـ"العربي الجديد" أنه "بعدما أعلمتني زوجتي بسقوط أول قذيفة، توجّهت مسرعاً إلى منزل أهلها. وفي الطريق، أصبت بأول شظيّة في يدي. لكنني تابعت سيري. وعندما انقطع الاتصال بزوجتي، عرفت أنهم تعرّضوا لقصف مباشر. حينها، سقطت القذائف من حولي، وتعرّضت من جهتي لإصابات عديدة".
قبل شهر ونصف الشهر فقط، اجتمع الوالد من جديد مع من تبقى من أبنائه، بعدما تعافوا وبعدما تحسّنت حالته بعض الشيء. فإصابته في رأسه ليست ببسيطة، كذلك فإن الشظايا التي اخترقت ظهره تضغط على عضلاته وأعصابه. وهو بحاجة اليوم إلى عمليّة في ظهره وفي قدمه بعد تمزّق بعض العضلات. ويبقى الحمل كله على صباح.
واليوم، تعاني عائلة محمد سليمان من فقر شديد، وخصوصاً أنها فقدت منزلها التي دمّر كبقيّة بيوت المنطقة، وأن الوالد الذي كان يعمل على بند البطالة الدائمة في حكومة غزّة السابقة فقد عمله، هو لم يعد قادراً على العمل بعد إصابته. يقول: "الديون تلاحقني في الوقت الحالي، والظروف المعيشيّة في غزة سيئة. كذلك أنا في حاجة إلى علاج دائم، بالإضافة إلى علاج أطفالي ومصاريفهم".
وهو يراقب صغيرته صباح التي تهتمّ بكامل أفراد العائلة، يشير إلى رغبته في أن تكمل دراستها وتمضي في تميّزها. ويقول: "والدتها كانت حريصة على ذلك، وأنا أرغب في تشجيعها الآن وحثّها على التقدّم، على الرغم من أنني من جهتي لم أنهِ تعليمي المدرسي".
وكانت الوالدة تحمل شهادة ماجستير في الشريعة وأصول الدين، وتعمل معيدة في بعض فصول الجامعة الإسلاميّة لمساندة زوجها في مصاريف عائلتهما. هي استشهدت قبل أن تناقش رسالتها، لكن عندما حان موعد المناقشة وتكريم الخرّيجين، حلّت صباح مكان والدتها هناك أيضاً. فتسلّمت شهادتها وحملتها أمام الجمهور وسط تأثّر كبير من قبل الموجودين.
ويبقى أن صباح تتمسّك بحلمها في أن تصبح مدرّسة "كما كانت تتمنى أمي، لكنني في الوقت نفسه سأحاول قدر المستطاع تعويض إخوتي حنانها".
إصابات مختلفة وبالجملة
عندما استشهدت الوالدة نهاد سليمان، كانت في السابعة والثلاثين من عمرها. أما صغيرها براء، الذي رافقها، فكان في الثامنة، والرضيعة حليمة كانت تبلغ عاماً واحداً وثمانية أشهر. وأصيبت صباح في رأسها، وكذلك أخوها عز الدين (تسعة أعوام)، بالإضافة إلى إصابة في قدمه. أما عبد (عشرة أعوام)، فأصيب بشظايا في جسمه، في حين عانت آلاء (خمسة أعوام)، ورغد (ثلاثة أعوام)، من حروق متفرّقة.