وبعد استقالة عدد من نوابها من الكتلة منذ أيام، بما سيؤدي إلى موتها نهائيا في البرلمان، شهدت الساحة التونسية سلسلة من تبادل الاتهامات الخطيرة بين قيادات الصف الأول في الجبهة، تكشف عمق الصراع بين مكوناتها منذ سنوات.
واتهم النائب المستقيل منجي الرحوي (حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد) بعض قيادات الجبهة بـ"إضعافها وتخريبها".
وقال الرحوي، في حوار مع إذاعة "موزاييك"، إن "هناك شخصيتين في الجبهة تعملان على تخريبها، وهما زهير حمدي (التيار الشعبي، قومي) لأنه لديه ارتباطات ويريد جرّ الجبهة نحو تموقع إقليمي نحن نرفضه، والأرعن والطفولي جيلاني الهمامي (حزب العمال، شيوعي)"، على حد تعبيره.
واتهم المتحدث ذاته زهير حمدي بأنه "يريد أن يسير بالجبهة نحو تخندقات سياسية ونحو موقع إقليمي، وهو ما نرفضه، لكنه يعجب حمة الهمامي والجيلاني الهمامي"، في إشارة إلى دعم التيار للنظام السوري.
واتهم الرحوي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي أيضا، معتبرا أنه ارتكب ما وصفه بـ"تطهير عرقي" داخل الجبهة، وأنه تنكر لمناضليها، بطرده لشخصيتين معروفتين في الجبهة منهم من سجن معه.
وكشف النائب المستقيل عن أن أصل الخلاف يكمن في الطريقة التنظيمية والتسييرية للجبهة، مشيرا إلى أنه لو كان مكان حمة الهمامي لاحتلت الجبهة الموقع الثاني في المشهد التونسي، مؤكدا أن "الجبهة تعرضت بسبب هذه الإدارة لهزيمة كبيرة في الانتخابات البلدية كان متوقعا حدوثها".
وفي الاتهامات التي يوجهها إليه بعض خصومه من داخل الجبهة بخصوص إمكانية التحاقه بحركة "تحيا تونس" واقتراح منصب عليه.
من جانبه، أكّد القيادي أيمن علوي أنّ الاستقالة سببها "أزمة سياسية تنظيمية خطيرة" داخل الجبهة الشعبية، وفق تعبيره.
وأضاف علوي أنّ "الناطق الرسمي وجزءا من مجلس الأمناء في قطيعة تامة مع الكتلة النيابية، وأنّ العلاقة تعطّلت تماما بين الجبهة ومناضليها في الجهات، وليس بسبب هوية المرشح للانتخابات الرئاسية".
وقال إنّ "الخلاف الحقيقي هو في محاولة الاستيلاء على عنوان الجبهة الشعبية، والتخلي عن جزء من المناضلين"، متابعا "شخصان فقط يريدان الاستيلاء على الجبهة الشعبية وتطويعها لمصالح ضيقة... وكان لزاما علينا إعلان الاستقالة دفاعا عن المشروع وبحث فرص إنقاذه، وهي خطوة خطيرة، ولكن ناجعة للحفاظ على الجبهة".
وفي المقابل، رد الأمين العام للتيار الشعبي زهير حمدي، على الاتهامات التي وجهت له من قبل النواب الذين أعلنوا استقالتهم من كتلة الجبهة الشعبية، حيث حملوه مسؤولية هذا التفكك، معتبرا، في تصريح لموقع "الصباح نيوز"، أنه لا يعرف "حزب الوطد" (الوطنيين الديمقراطيين الموحدين)، ولم يسمع به سابقا، وهو بالنسبة إليه الآن حزب ينتمي للماضي.
وأضاف حمدي أن ""الجبهة الشعبية" مستمرة بمن ارتضى خطها السياسي واحترم تقاليدها".
وتشهد صفحات التواصل الاجتماعي على "فيسبوك" تلاسنا كبيرا بين أنصار مختلف مكونات الأحزاب وتبادلا للاتهامات، بما يوحي أن الخلافات عميقة جدا، وأن القطيعة حاصلة لا محالة، رغم بعض الدعوات القليلة للهدوء والعودة للحوار لحل هذه الخلافات.
وكتب القيادي البارز مراد حمايدي، على صفحته في "فيسبوك"، أنه تمنى على زهير حمدي ألا يخوض في الخط السياسي للجبهة ويدّعي الدفاع عن وحدته، في حين أن أغلبية أعضاء الحبهة ينظرون إلى ارتباطاته الإقليمية والدولية بعين الريبة.
واتهم حمايدي زهير حمدي بأنه "يصبّ الزيت على النار"، متمنيا "لو كان وسيطا صادقا ومفاوضا شريفا".