عادت قصة الشيخة لطيفة، ابنة حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، والمعروفة باسم "الأميرة الهاربة"، إلى الواجهة مجددا، بعد الكشف عن تفاصيل رحلة الهروب البحرية التي أحبطتها السلطات الإماراتية في المياه الإقليمية للهند يوم 4 مارس/آذار 2018.
وتواصل العائلة الحاكمة في دبي، التكتم بشأن مصير أميرتها التواقة للحرية، باستثناء صورة نشرتها لها بعد 9 أشهر من اعتقالها، يوم 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، مع الرئيسة السابقة لأيرلندا، ماري روبنسون، خلال زيارتها إلى دبي.
وترجع الإثارة في قضية الشيخة لطيفة إلى تأكيداتها في فيديو بثته قبل محاولة هربها الفاشلة في مارس الماضي، حول مخاوفها من أن أسرتها لن تبقيها على قيد الحياة في حال اعتقالها قبل أن تصل إلى وجهتها المنشودة وتصبح حرة. كما تأتي في سياق تكرار حالات هرب الشابات من الإمارات والسعودية، وتعرض كثيرات للاعتقال لمجرد المطالبة بحقوقهن.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، في تقرير نشرته أمس الأحد، أن الفيديو، الذي تمكن من شق طريق صاحبته نحو العالم، كان صوت الاستغاثة الذي سمعه أكثر من مليوني مشاهد على"يوتيوب"، كما حفز التغطية الصحافية المتعطشة لتوضيح صورة دبي الخفية والمقنعة بالبهرجة والتجارة العالمية.
ولفتت الصحيفة إلى أن الأسرة الحاكمة في دبي لم تصدر أي خبر عن الأميرة منذ اعتقالها، باستثناء الصور التي نشرتها في ديسمبر الماضي، موضحة (أسرتها) أن الشيخة لطيفة تعيش في منزل آمن، بعدما نجت مما وصفته بأنه اختطاف.
وسبق للشيخة لطيفة أن أوضحت في الفيديو الذي بلغت مدته 39 دقيقة، وسجلته قبل أيام قليلة من فرارها في منزل مدربتها الفنلندية تينا جوهاينن، أنها لم تغادر دبي طوال 18 عاماً، ورُفضت طلباتها للسفر والدراسة خارج الإمارة. كما انتزع جواز سفرها منها، كما منع أصدقاؤها من زيارتها والتواصل معها، وبقيت محتجزة في القصر الذي هو مكان إقامتها. ولفتت إلى أن القيود اشتدت حولها بعد محاولة أختها شمسة الهرب قبل سنوات.
وأعربت فيه عن أملها في أن يتغير ذلك إذا تمكنت من الحصول على اللجوء السياسي في الولايات المتحدة. وأكدت أنها سجلت الشريط لأنها خائفة على حياتها في حال اعتقالها. وذكرت: "لن يبقوني على قيد الحياة، على الأقل يبقى هذا الفيديو". وقالت: "لا توجد عدالة هنا، خاصة إذا كنت أنثى، يمكن التخلص من حياتك".
اقــرأ أيضاً
وشبّهت الصحيفة واقع الشيخة الإماراتية بالشابات اللواتي فررن من النظام السعودي التقييدي، حيث التضييق على الحريات في المجتمعات الأكثر محافظة في الشرق الأوسط، خصوصاً حيال النساء.
خططت الشيخة لطيفة للهرب بمساعدة مدربة الغطس الفنلندية تينا جوهاينن، والعميل السري الفرنسي هيربيه جوبير. وفي مارس الماضي بعثت برسالة لغطاس أميركي يدعى كريس كولويل على واتساب تخبره بأنها تركت دبي، وردت على سؤاله عن مكانها بالقول: "حرة، سأراك قريباً".
مغامرة الهروب والاعتقال
وأبحرت في يخت فرنسي عبر المحيط الهندي انطلاقاً من سلطنة عمان، متجهة إلى الهند على أمل أن تغادر من هناك نحو الولايات المتحدة. وتمكنت الشيخة لطيفة من تنفيذ محاولة الهروب بمساعدة جوبير، الذي يصفه موقعه على الإنترنت بأنه ضابط سابق في المخابرات الفرنسية وساعدها على الهرب من دبي في قارب مطاطي صغير، وهو الذي يواجه تهمة الاختطاف من السلطات الإماراتية. كما تلقت التدريب على السباحة والغوص على يد جوهاينن، التي صرحت للصحيفة بأن الشيخة لطيفة أرادت مساعدة نساء أخريات محتجزات في أوضاع مماثلة، وأرادت إخراج أختها شمسة من الإمارات.
في صباح يوم الرابع من مارس كان موعد الهروب، تناولت الشيخة لطيفة وجبة الفطور مع مدربتها في مطعم، وقالت، نقلاً عن جوهاينن للصحيفة: "أشعر بالإيجابية تجاه المستقبل، أشعر وكأنها بداية مغامرة. إنها بداية استحقاقي لحريتي، وحريتي في الاختيار".
ثم عبرتا بسيارة الأخيرة إلى عُمان، ومن هناك استقلتا طوفاً قابلاً للنفخ، ثم استخدمتا "جيت سكي" للوصول إلى يخت جوبير. وتعليقاً على صورة التقطتها الشيخة لطيفة لهما في السيارة، تقول جوهاينن إنها علقت قائلة: "نحن مثل ثيلما ولويز"، في إشارتها للفيلم الأميركي عام 1991، فاحتجت الأميرة الإماراتية قائلة: "لا تقولي ذلك، نهاية ثلما ولويز كانت حزينة".
مع وصول اليخت مساءً إلى المياه الإقليمية الهندية، وأثناء استعداد المرأتين للنوم سمعتا على اليخت أصواتًا عالية. حبست الشيخة لطيفة وجوهاينن أنفاسهما في الحمام، لكنهما خرجتا بعد تسرب الدخان إلى الجزء السفلي من اليخت.
وعلى سطح اليخت قام رجال مسلحون وصفتهم جوهاينن بأنهم هنود وإماراتيون بدفعها ودفع جوبير وفريق من المساعدين الفيليبينيين على الأرض، وتكبيلهم وضربهم. وهددوا المدربة بأنها ستلفظ أنفاسها الأخيرة. كما شاهدت الشيخة لطيفة على الأرض مقيدة وتتعرض للركل، وكانت تصرخ وتقول إنها تريد طلب اللجوء السياسي في الهند. وتابعت جوهاينن أن رجلاً تكلم بالعربية، وكانت الشيخة لطيفة تجيب بالقول: "أطلقوا علي النار هنا، لا تأخذني".
اقــرأ أيضاً
بعد تسعة أشهر من السجن
لم يُشر والدها، الشيخ محمد بن راشد، إلى مكان وجودها حتى ديسمبر 2018، بعد أن كانت "بي بي سي" على وشك بث فيلم وثائقي عن القضية. فأصدر مكتبه بياناً قال فيه إنها آمنة في دبي، تحتفل بعيد ميلادها الثالث والثلاثين مع عائلتها في خصوصية وسلام. واتهم البيان جوبير الذي وصفته بأنه "مجرم مدان" باختطافها مقابل فدية قدرها 100 مليون دولار.
ولم يرد الشيخ محمد على طلب بإجراء مقابلة أرسلته "نيويورك تايمز" إلى مكتبه. كما لم ترد السفارة الإماراتية في واشنطن على طلب للتعليق.
وفي عشية عيد ميلادها، أي بعد مرور تسعة أشهر على سجنها إثر هروبها الفاشل، أصدرت دبي أول صور عامة للشيخة لطيفة منذ اختفائها. وكانت جالسة مع ماري روبنسون، الرئيسة السابقة لأيرلندا ومفوضة الأمم المتحدة السامية السابقة لحقوق الإنسان، التي أكدت أنها التقت بالشيخة بناء على طلب أسرتها.
وصرحت روبنسون بعد اللقاء بأن الشيخة لطيفة كانت آمنة مع أسرتها، لكنها قالت إنها تتلقى رعاية نفسية، واصفة إياها بـ"امرأة شابة تعاني من اضطرابات" بسبب "حالة طبية خطيرة". وختمت "هذه مسألة عائلية الآن".
فوجئ المدافعون عن الشيخة بأن مرجعاً محترماً لحقوق الإنسان تبنى على ما يبدو خط دبي الرسمي. وأثير الجدال بشأن الإشارة إلى حالة الشيخة النفسية، مع غض النظر عن تبعات السجن أو التخدير عليها. ومع تزايد النقد السلبي لها، أصدرت روبنسون لاحقاً بياناً قالت فيه إنها أجرت تقييمها "بحسن نية وبأفضل" ما تستطيع، مضيفة أن "التأثر الشديد كان واضحاً عليها(الشيخة لطيفة)".
بحلول منتصف يناير/كانون الثاني 2019، تخلى محامٍ كان يعمل مع الناشطين في قضية الشيخة بدون أي تفسير. وقال العديد من الأصدقاء الذين لا يزالون في دبي إنهم خائفون للغاية من التحدث، بينما توقف جوبير فجأة عن الاستجابة لطلبات إجراء مقابلة معه في سياق هذا المقال، بحسب الصحيفة.
وترجع الإثارة في قضية الشيخة لطيفة إلى تأكيداتها في فيديو بثته قبل محاولة هربها الفاشلة في مارس الماضي، حول مخاوفها من أن أسرتها لن تبقيها على قيد الحياة في حال اعتقالها قبل أن تصل إلى وجهتها المنشودة وتصبح حرة. كما تأتي في سياق تكرار حالات هرب الشابات من الإمارات والسعودية، وتعرض كثيرات للاعتقال لمجرد المطالبة بحقوقهن.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، في تقرير نشرته أمس الأحد، أن الفيديو، الذي تمكن من شق طريق صاحبته نحو العالم، كان صوت الاستغاثة الذي سمعه أكثر من مليوني مشاهد على"يوتيوب"، كما حفز التغطية الصحافية المتعطشة لتوضيح صورة دبي الخفية والمقنعة بالبهرجة والتجارة العالمية.
ولفتت الصحيفة إلى أن الأسرة الحاكمة في دبي لم تصدر أي خبر عن الأميرة منذ اعتقالها، باستثناء الصور التي نشرتها في ديسمبر الماضي، موضحة (أسرتها) أن الشيخة لطيفة تعيش في منزل آمن، بعدما نجت مما وصفته بأنه اختطاف.
وسبق للشيخة لطيفة أن أوضحت في الفيديو الذي بلغت مدته 39 دقيقة، وسجلته قبل أيام قليلة من فرارها في منزل مدربتها الفنلندية تينا جوهاينن، أنها لم تغادر دبي طوال 18 عاماً، ورُفضت طلباتها للسفر والدراسة خارج الإمارة. كما انتزع جواز سفرها منها، كما منع أصدقاؤها من زيارتها والتواصل معها، وبقيت محتجزة في القصر الذي هو مكان إقامتها. ولفتت إلى أن القيود اشتدت حولها بعد محاولة أختها شمسة الهرب قبل سنوات.
وأعربت فيه عن أملها في أن يتغير ذلك إذا تمكنت من الحصول على اللجوء السياسي في الولايات المتحدة. وأكدت أنها سجلت الشريط لأنها خائفة على حياتها في حال اعتقالها. وذكرت: "لن يبقوني على قيد الحياة، على الأقل يبقى هذا الفيديو". وقالت: "لا توجد عدالة هنا، خاصة إذا كنت أنثى، يمكن التخلص من حياتك".
— The New York Times (@nytimes) ١١ فبراير ٢٠١٩ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وشبّهت الصحيفة واقع الشيخة الإماراتية بالشابات اللواتي فررن من النظام السعودي التقييدي، حيث التضييق على الحريات في المجتمعات الأكثر محافظة في الشرق الأوسط، خصوصاً حيال النساء.
خططت الشيخة لطيفة للهرب بمساعدة مدربة الغطس الفنلندية تينا جوهاينن، والعميل السري الفرنسي هيربيه جوبير. وفي مارس الماضي بعثت برسالة لغطاس أميركي يدعى كريس كولويل على واتساب تخبره بأنها تركت دبي، وردت على سؤاله عن مكانها بالقول: "حرة، سأراك قريباً".
مغامرة الهروب والاعتقال
وأبحرت في يخت فرنسي عبر المحيط الهندي انطلاقاً من سلطنة عمان، متجهة إلى الهند على أمل أن تغادر من هناك نحو الولايات المتحدة. وتمكنت الشيخة لطيفة من تنفيذ محاولة الهروب بمساعدة جوبير، الذي يصفه موقعه على الإنترنت بأنه ضابط سابق في المخابرات الفرنسية وساعدها على الهرب من دبي في قارب مطاطي صغير، وهو الذي يواجه تهمة الاختطاف من السلطات الإماراتية. كما تلقت التدريب على السباحة والغوص على يد جوهاينن، التي صرحت للصحيفة بأن الشيخة لطيفة أرادت مساعدة نساء أخريات محتجزات في أوضاع مماثلة، وأرادت إخراج أختها شمسة من الإمارات.
في صباح يوم الرابع من مارس كان موعد الهروب، تناولت الشيخة لطيفة وجبة الفطور مع مدربتها في مطعم، وقالت، نقلاً عن جوهاينن للصحيفة: "أشعر بالإيجابية تجاه المستقبل، أشعر وكأنها بداية مغامرة. إنها بداية استحقاقي لحريتي، وحريتي في الاختيار".
ثم عبرتا بسيارة الأخيرة إلى عُمان، ومن هناك استقلتا طوفاً قابلاً للنفخ، ثم استخدمتا "جيت سكي" للوصول إلى يخت جوبير. وتعليقاً على صورة التقطتها الشيخة لطيفة لهما في السيارة، تقول جوهاينن إنها علقت قائلة: "نحن مثل ثيلما ولويز"، في إشارتها للفيلم الأميركي عام 1991، فاحتجت الأميرة الإماراتية قائلة: "لا تقولي ذلك، نهاية ثلما ولويز كانت حزينة".
مع وصول اليخت مساءً إلى المياه الإقليمية الهندية، وأثناء استعداد المرأتين للنوم سمعتا على اليخت أصواتًا عالية. حبست الشيخة لطيفة وجوهاينن أنفاسهما في الحمام، لكنهما خرجتا بعد تسرب الدخان إلى الجزء السفلي من اليخت.
وعلى سطح اليخت قام رجال مسلحون وصفتهم جوهاينن بأنهم هنود وإماراتيون بدفعها ودفع جوبير وفريق من المساعدين الفيليبينيين على الأرض، وتكبيلهم وضربهم. وهددوا المدربة بأنها ستلفظ أنفاسها الأخيرة. كما شاهدت الشيخة لطيفة على الأرض مقيدة وتتعرض للركل، وكانت تصرخ وتقول إنها تريد طلب اللجوء السياسي في الهند. وتابعت جوهاينن أن رجلاً تكلم بالعربية، وكانت الشيخة لطيفة تجيب بالقول: "أطلقوا علي النار هنا، لا تأخذني".
بعد تسعة أشهر من السجن
لم يُشر والدها، الشيخ محمد بن راشد، إلى مكان وجودها حتى ديسمبر 2018، بعد أن كانت "بي بي سي" على وشك بث فيلم وثائقي عن القضية. فأصدر مكتبه بياناً قال فيه إنها آمنة في دبي، تحتفل بعيد ميلادها الثالث والثلاثين مع عائلتها في خصوصية وسلام. واتهم البيان جوبير الذي وصفته بأنه "مجرم مدان" باختطافها مقابل فدية قدرها 100 مليون دولار.
ولم يرد الشيخ محمد على طلب بإجراء مقابلة أرسلته "نيويورك تايمز" إلى مكتبه. كما لم ترد السفارة الإماراتية في واشنطن على طلب للتعليق.
وفي عشية عيد ميلادها، أي بعد مرور تسعة أشهر على سجنها إثر هروبها الفاشل، أصدرت دبي أول صور عامة للشيخة لطيفة منذ اختفائها. وكانت جالسة مع ماري روبنسون، الرئيسة السابقة لأيرلندا ومفوضة الأمم المتحدة السامية السابقة لحقوق الإنسان، التي أكدت أنها التقت بالشيخة بناء على طلب أسرتها.
وصرحت روبنسون بعد اللقاء بأن الشيخة لطيفة كانت آمنة مع أسرتها، لكنها قالت إنها تتلقى رعاية نفسية، واصفة إياها بـ"امرأة شابة تعاني من اضطرابات" بسبب "حالة طبية خطيرة". وختمت "هذه مسألة عائلية الآن".
فوجئ المدافعون عن الشيخة بأن مرجعاً محترماً لحقوق الإنسان تبنى على ما يبدو خط دبي الرسمي. وأثير الجدال بشأن الإشارة إلى حالة الشيخة النفسية، مع غض النظر عن تبعات السجن أو التخدير عليها. ومع تزايد النقد السلبي لها، أصدرت روبنسون لاحقاً بياناً قالت فيه إنها أجرت تقييمها "بحسن نية وبأفضل" ما تستطيع، مضيفة أن "التأثر الشديد كان واضحاً عليها(الشيخة لطيفة)".
بحلول منتصف يناير/كانون الثاني 2019، تخلى محامٍ كان يعمل مع الناشطين في قضية الشيخة بدون أي تفسير. وقال العديد من الأصدقاء الذين لا يزالون في دبي إنهم خائفون للغاية من التحدث، بينما توقف جوبير فجأة عن الاستجابة لطلبات إجراء مقابلة معه في سياق هذا المقال، بحسب الصحيفة.