محمد، شاب تونسي عاطل من العمل منذ ما يزيد عن 12 عاما، ورغم حصوله على شهادة في التصرف، إلا أنه يعاني البطالة، شارك في عديد المناظرات والامتحانات والترّبصات، ولكن لا وجود لأي وظيفة، وما ضاعف حالة اليأس والإحباط التي يمر بها، هو أن الحكومة الحالية أغلقت باب التوظيف الحكومي، لتتلاشى كل أحلامه ويفقد الأمل، الأمل في الكرامة وفي شغل يضمن لقمة العيش له ولعائلته.
"نحب نخدم.. مانيش مسامح" هو الشعار الذي رفعه أمس عدد من المعطلين عن العمل في أكثر من 15 محافظة تونسية، وكذلك أمام المندوبيات الجهوية للتشغيل وفي القصبة أمام مبنى الحكومة، على أمل إيصال صوتهم إلى المسؤولين.
وأكدّ رئيس اتحاد أصحاب الشهادات العليا للمعطلين عن العمل، سالم العياري، أنّهم أمهلوا الحكومة الحالية الوقت الكافي علها تصل إلى صياغة برامج أو قرارات لفائدة المعطلين عن العمل، ولكن لا وزير التشغيل الحالي تحرك ولا الحكومة اهتمت بهذا الملف.
وأوضح العياري في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ هناك قمعا وربما "انقلابا" على ملف التشغيل وعلى استحقاقات الثورة، فالحديث عن مشروع قانون لرفع سن التقاعد، هو تكريس للبطالة وحرمان للعاطلين من حقهم في العمل.
اقرأ أيضا: مشاريع صغيرة في تونس بدلاً من البطالة
وذكر رئيس اتحاد أصحاب الشهادات العليا للمعطلين عن العمل، أن هذا القانون سيحرم عشرات الآلاف من الشباب المعطلين من نيل فرصة للعمل، وإذا أضفنا إلى ذلك غلق باب الانتدابات في الوظيفة العمومية، فإن ملف التشغيل يكاد يغلق نهائيا في تونس.
وقال العياري إن عدد المعطلين من أصحاب الشهادات العليا، يبلغ حاليا 350 ألفا من مجموع 800 ألف معطل، كما أنه يتخرج سنويا ما بين 50 و60 ألف صاحب شهادة، في حين أن سوق التشغيل ضعيفة جدا، وتكاد تكون مغلقة في الوقت الراهن، مؤكدا أن تأجيل ملف التشغيل هو تأجيل لأزمة قد تنفجر في أي وقت، لأن المعطلين بدأوا يفقدون الأمل.
في السياق ذاته، قال عضو المكتب الوطني لاتحاد المعطلين عن العمل، أحمد ساسي لـ"العربي الجديد" إنّهم لم يجدوا أي تجاوب مع المقترحات التي قدموها للحكومة، ولا حتى إلى الحكومات السابقة، فجميع الحكومات تغاضت عن ملف التشغيل، رغم أنه أبرز ملف قامت عليه الثورة، كما بين أنه لا وجود لأي إجراءات بخصوص المعطلين عن العمل.
وأضاف ساسي، أن من أبرز مطالبهم مراجعة الانتدابات في الوظيفة الحكومية، وإحداث صندوق وطني للتعويض لفائدة المعطلين، هذا إلى جانب مجانية النقل والعلاج.
وذكر أنهم لمسوا تجاوبا مع مقترحاتهم في بداية تسلم الحكومة لمهامها، ولكنهم لاحظوا مؤخرا تراجعا عن ذلك، فأغلب المطالب تم تجميدها، بل إن أغلب القرارات الجديدة ومشاريع القوانين جاءت لخدمة أصحاب رؤوس الأموال وعدم محاسبة الفاسدين، كالإعفاءات الضريبية ومشروع قانون المصالحة الاقتصادية ورفع سن التقاعد، ما من شأنه تعميق أزمة العاطلين.
واعتبر ساسي أنه وفق دراسة قدمتها مؤخرا مؤسسة بريطانية، فإن 87 في المائة من الإرهابيين التونسيين في وسورية والعراق ينتمون إلى عائلات مفقرة وأن 90 في المائة منهم عانوا البطالة لأكثر من 3 أعوام.
موضحا أن 35 في المائة من المعطلين، فاقت بطالتهم الـ4 أعوام.
اقرأ أيضا: أطفال تونس بلا دراسة لمدة يومين