المصطلحات العسكريّة تغزو الأغنية السورية

24 مايو 2016
حسام جنيد (فيسبوك)
+ الخط -
مما لا شك فيه، أن الأحداث الدامية التي لا تزال تعاني منها سورية، منذ انطلاقة الثورة السوريّة عام 2011، وحتى اليوم، أثرت على سائر جوانب الحياة في سورية، أي الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والجغرافية والمعرفية، وحتى الفنية. ويبدو ذلك واضحاً إذا حاولت أن تتابع الاصدارات الغنائية التي يصدرها المغنون السوريون في الآونة الأخيرة، حيث شهدت الأغنية السورية غزواً عسكرياً، وأصبحت المصطلحات العسكرية عاملاً أساسياًُ من عوامل الأغنية السورية بعد عام 2011. وهناك ثلاثة أنماط رئيسية استخدمها الفنانون السوريون لإقحام هذه المصطلحات.

حافظ الأسد مؤسس الأغنية المعسكرة السورية
الأغاني الوطنية التي تتغنى بأمجاد الجيش والنظام أو حتى تعارضها. وهذا النمط كان موجوداً في سورية قبل بدء الحراك الاحتجاجي عام 2011، وهناك عشرات الأغاني التي تغنت بالرئيس حافظ الأسد وبشخصيّته، وبأنّه القائد الملهم الحكيم، وخصوصاً أوقات الانتخابات، أو ما تسمى بـ "البيعة". وانتشرت الأغاني التي كانت تمدح بشار الأسد، أيضاً، بعد أن استلم السلطة عام 2000، ناهيك عن الأغاني التي كانت تعرض بشكل يومي على القناة السورية الأرضية، والتي "تنصر الجيش العربي السوري"، "حامي حمى الوطن".
ولكن منذ بداية الثورة، تزايد عدد هذه الأغاني التبجيليّة المعسكرة. وانقسمت بين أغان مؤيدة ومعارضة، فهناك العديد من الأغاني التي أنتجت لدعم جيش النظام، مثل أغنية "الله محيي الجيش"، وبالمقابل تجد أغاني أنتجت على نفس الطريقة لـ "الجيش السوري الحر" وباقي الفصائل المسلحة المعارضة، التي تقول: "جبينك عالي ما بينطال، يا هالجيش السوري الحر"، وهي لا تختلف من حيث الفكر والبنية والموسيقى عن أغاني الجيش السوري النظامي.


الأغنية تنقل تفاصيل الحياة اليوميّة المُعسكرة
في النمط الثاني، يعمل المغني على استحضار موقف من الحياة اليومية، التي باتت المظاهر العسكرية جزءا منها، ويقوم بتركيب قصة، تلعب فيها شخصية العسكري دور البطل الرئيسي، مثل أغنية "يا ريت أني عسكري" للمغني حسام جنيد، الذي يستوحي كلمات أغنيته من انتشار الحواجز العسكرية في البلاد، ويتمنى جنيد في أغنيته، أن يكون جندياً في الحاجز العسكري المجاور للفتاة التي يحبها! ولدى حسام جنيد العديد من الأغنيات أيضاً، التي استوحى موضوعها من المظاهر العسكرية في الحياة اليومية، مثل "حبيتك بالحرب" و"روح يا بني عالجيش"، وتحضر البدلة العسكرية غالباً في "الفيديو كليب". كما تستحضر، أيضاً، لونا الفارس، شخصية العسكري في الجيش السوري في أغانيها، مثل أغنية "عسكوري"، التي تروي قصة عسكري عائد لملاقاة حبيبته، وتدلعه بمصطلحات عسكرية "عسكوري يا عسكوري، شو بحبك يا عسكوري".



الأغنية كوسيلة للتقرّب من النظام السوري
في النمط الثالث، يتم استخدام المصطلحات العسكرية لمجرد استخدامها، وكأنها تشبيهات جمالية في الأغنية الغزلية، مثل أغنية، أنس كريم، "الطلقة الروسية"، ويقول فيها: "أنت مانك عادية هيك المنطق بيقلي، متل الطلقلة الروسية إذا ما قتلتي بتشلي". وكذلك الحال في أغنية غيث جاويش "عملية نوعية"، ويقول فيها: "خطفتيلي قلبي وعقلي بعملية نوعية". فلا تشعر أن الأغنية تحتاج لهذه المصطلحات التي عادةً ما يستخدمها العساكر، إلا أنهم يلجؤون إليها ليتماشوا مع الدارج. أو أحياناً من أجل التقرب من النظام السوري، وإظهار الولاء والوفاء له في استراتيجيته التدميريّة.

ووجود هذا الكم من المصطلحات العسكرية في الأغاني السورية، هو نتيجة طبيعة لحملات عسكرة المدنيين التي مارسها النظام السوري، وتشكيله لمجموعات مليشياويّة مسلّحة من المدنيين، إلى أن تلاشت تقريباً معالم الحياة المدنية الشابة في سورية.

المساهمون