إبراهيم مرعشلي...دوي الضحكة التي لا تخفت

15 سبتمبر 2015
11 سنة على رحيله (عن التلفزيون)
+ الخط -
لم يبق سلوى للبنانيين أثناء الحرب الأهلية سوى الشاشة الصغيرة، وبرز الممثل الكوميدي إبراهيم مرعشلي كأحد نجومها البارزين حينها، فشكل "الكابتن بوب" أو "إبراهيم أفندي" علامة فارقة في تاريخ التلفزيون فترة الثمانينيات، وأواخر القرن الماضي، وتأتي هذا العام الذكرى الـ11 لغياب إبراهيم مرعشلي، في إحدى أسوأ مراحل الدراما الكوميدية في لبنان.


عايش مرعشلي بدايات الكوميدية المسرحية والمتلفزة مع الفنان الراحل "شوشو"، وذلك حين قام الأخير بتأسيس المسرح الوطني. مرعشلي الذي كان نجماً من نجوم الصف الثاني في كوميديا الستينيات، شقّ طريقه ليحتلّ بطولة المسلسلات الكوميدية الأشهر خلال الثمانينيات، وتحديداً من خلال مسلسل "المعلمة والأستاذ" الذي شكلّ منعطفاً كبيراً في تاريخ الشاشة الصغيرة بالنسبة لمرعشلي، إذ جمع "المعلمة والأستاذ" نخبة من كبار النجوم في لبنان، مثل هند أبي اللمع وليلى كرم وتشكيلة من نجوم الكوميديا كشفيق حسن وبيار جامجيان وأماليا أبي صالح...

لم يكن إبراهيم مرعشلي ممثلاً كوميدياً خارج فن الاستعراض، فقدم مونولوغات عدة أشهرها "ترامواي بيروت"، وهي الأغنية التي لا تزال تردد حتى يومنا هذا. في أغنية "ترامواي بيروت"، أسف مرعشلي على توقيف وسيلة النقل ألأشهر خلال فترة الستينيات، والتي كانت "توحد كل الناس". المونولوغ ردّ فيه مرعشلي على كثير من النقاد الذين اعتبروه حينها فناناً بلا هدف واضح اجتماعياً، أي يقدم الضحك للضحك من دون أي مضمون بقيمة اجتماعية، وفقاً لهم.

مرعشلي لم يكن فناناً حيادياً، ولم يؤدِ دوراً ضاحكاً لأجل الإضحاك فقط، فمرعشلي إنحاز كلياً للفئة العامة من الشعب اللبناني ضد المليشيات وتمزق العاصمة الى طرفين "شرقية" و"غربية"، حيث صور معظم مشاهد "إبراهيم الأفندي" بين المنطقتين، وجمع في برنامج "أغاني ومعاني" الكثير من أعمال الفنانين من كل الوطن، وحاورهم مع الفنانة رلى حمادة. قدرة مرعشلي على إنتاج تلك الأعمال في أسوأ فترة عاشها لبنان كانت انحيازاً واضحاً وهدفاً بارزاً لرسالة مرعشلي الكوميدية.

مرعشلي كان يحارب الخوف بالضحك، وأذكر أنّه خلال سهرة صيفية جمعتني به بضيافة الفنان محمد شامل، وضمت عدداً من الفنانين، قال مرعشلي: "ليتني كنت بشجاعة ليلى، أنا بت أخاف تماماً من الحرب والسلاح والمسلحين. أنا خائف، أضحك كثيراً كي أخفي خوفي"، وذلك تعقيباً على حادثة مضحكة حدثت مع الفنانة ليلى كرم على أحد حواجز المسلحين.

أقرأ أيضاً:أربعون عاماً على رحيل "شوشو"... من يذكره؟

لم يخف مرعشلي الحقيقة التي تملكت قلوب اللبنانيين، وأخرج بكلماته البسيطة حينها قلوبنا إلى العلن. قالها بصدق وعفوية لا يفتقدهما في الشاشة، قالها وهو الأكثر جرأة بالاعتراف، ونحن كلنا خفنا. خفنا على البلد وعلى فنه وعلى ضحكاتنا، ضحكاتنا التي كان يرسمها أبو سليم وفرقته ومحمد شامل ودنياه وشوشو ومسرحه. ضحكاتنا هي ضحكة إبراهيم مرعشلي التي نتذكرها أكثر ممّا نتذكر مآسي الحرب نفسها، أمّا الخوف فهو أن تمضي ذكرى رحيله الـ11 بدوي أخف بكثير من دوي ضحكة "الكابتن بوب".

المساهمون