"سكّر مرّ": بين سهرة تلفزيونية وإعلان طويل

23 يوليو 2015
أفيش "سكر مر" (فيسبوك)
+ الخط -
حين عُرِض فيلم "سهر الليالي"، العمل الأول للمخرج هاني خليفة، في صيف عام 2003، كان طفرة حقيقية في تلك الفترة. كل الأفلام وقتها كانت كوميدية، في ذروة موجة الكوميديان الجدد التي بدأت مع محمد هنيدي قبلها بـ5 سنوات، وهي الموجة التي كانت تبتلع أي فيلم جاد أو درامي أو غير كوميدي. حتى خرج "سهر الليالي" إلى النور.
كان عملاً فارقاً، سواء في مستواه الفني، أو نجاحه الجماهيري، أو قدرته على خلق مزاج عام جديد أكثر تقبلاً لأفلام مختلفة. بعد 12 عاماً يعود خليفة إلى السينما مرة أخرى، برِهان شبيه، وفيلم يحمل العديد من نقاط الوصل مع "سهر الليالي".. مع فارق أساسي: "سكر مر" عمل متواضع جداً.

البطولة الجماعية؛ دراما العلاقات المعقدة؛ الصداقات المتداخلة؛ الحوارات الشبابية، كلها عوامل تشابه بين الفيلمين ظاهرياً، ولكن في العمق.. كل شيء مختلف.

أكبر عيوب "سكر مر" على الإطلاق هو تعامله مع الزمن، الفيلم يدور في 6 سنوات، في سرد غير خططي Non-Linear، يبدأ من ليلة رأس سنة 2011، ويتنقل بين 3 سنوات قبلها و3 سنوات بعدها، ويتناول خلال ذلك حيوات 10 شخصيات رئيسية، كيف تتناول (زمناً) متسعاً لهذا الحد مع كل هذه الشخصيات خلال ساعتين؟

الأمر أثر على جانبين هما أساسا أي فيلم: الأول، هو كاريكاتيرية الأحداث. التقافز الزمني المستمر جعل الفيلم عبارة عن مشاهد مختزلة لكل شخصية خلال السنوات الست، مشاهد كاريكاتيرية وساذجة جداً؛ لأنها "تقفز" إلى النتائج مباشرةً، ولأنه مع كثرة الشخصيات وطول الزمن الدرامي لا وقت لتأسيس أحداث أو أسباب، أنت فقط ترى "فلاناً" قد أحب "فلانة"، ثم بعد عام تراه يتركها، وفي ثالث يتزوج صديقتها، وفي رابع تبدأ مشاكلهم.. إلخ، ما خلق مللاً ورتابة حقيقية، خصوصاً في النصف الثاني من الفيلم، لأنه أصبح أكثر سرعة وسطحية - في الكتابة والمونتاج ــ من إعلان! خصوصاً مع عدد كبير من الصدف التي تحدث في مصائر وتبادل علاقات الـ10 شخصيات، وتجعلك تشعر أن العالم ضيق لدرجة انحصاره فيهم.

اقرأ أيضاً: مسلسل "العهد": مشاكل النص وركاكة التنفيذ


الجانب الثاني من التأثر بسوء التعامل مع الزمن هو سطحية الشخصيات نفسها. الفيلم لا يذهب إلى أبعد من القشرة! يجعل شخصياته عبارة عن تعريف: "الشخص الملتزم"، "الشخص المتحرر"، أو "الفتاة الطموحة"، "الفتاة المستهترة".. إلخ، وكل الانفعالات تتبع "هذا التنميط"، من دون أن نعرف أي شيء عن حيواتهم.. أو ماذا يفعلون، باستثناء اللف في دائرة علاقات مكرورة، وهو يمكن تفسيره باستحالة منح الشخصيات عمقاً وخصوصية حين تتحدث عن هذا العدد بطول هذا الزمن. وقد اثر ذلك على أداء الممثلين أيضاً..

هاني خليفة نفسه كان مقيداً جداً كمخرج، يحاول منح السنوات الست واقعاً حقيقياً، ما يخلق خلفية سياسية ورياضية واجتماعية، ويحاول خلق طابع بصري لكل حكاية من الحكايات الخمس المتداخلة، ولكن مع نص بهذا الضعف والركاكة فكل المحاولات لم تكن مجدية. بل إن إخراج الفيلم بدا تلفزيونياً في أحيان كثيرة.. لأنه ببساطة محصور طيلة ساعتين بين "الكافيهات" و"البيوت" و"الملاهي الليلية"، مع حوارات معلوماتية دائماً بين شخصين، أو "مونولوغات" طويلة ولحظات تحول غير منطقية.

اقرأ أيضاً: عمر الشريف وفاتن حمامة وعزالدين ذوالفقار: ثلاثي الفن والحبّ
المساهمون