نور الشريف: سأعود إلى ميرفت أمين صديقة عمري

22 سبتمبر 2014
نور الشريف (العربي الجديد)
+ الخط -
فنان سينمائي يمتدّ تاريخه إلى أكثر من 40 عاماً. تمرّد وتحدّث بلسان طبقات كثيرة. فقير حالم في "حبيبي دائما"، وثريّ شرّير في "الدالي"، وثائر خائب في"الكرنك". "العربي الجديد" التقاه بعد تكريمه في "مهرجان الإسكندرية السينمائي" بإطلاق اسمه على المهرجان.   

- فنّان بخبرتك، ما الذي يدفعه إلى المغامرة بالعودة إلى السينما مع المخرج أمير رمسيس في فيلمه الروائي الأوّل "بتوقيت القاهرة"؟

الإبداع والرؤية الفنية ليس لهما سنّ. مع أمير رمسيس الأمر مختلف تماما، إذ إنّه اتّصل بي، وطلب منّي أن أقرأ الفيلم الذي كتبه، وجمعني بالجميلة، ميرفت أمين، وصديق العمر، سمير صبري. هذا بالطبع شخص يثق بنفسه وقدراته، وأنا أحبّ هذا النوع من الشباب الجريء. الفارق الزمني بين جيلي وجيله كبير، لكنّ ثقته وحلمه استوقفاني، وحين قرأت الفيلم قلت إنّ هذا الولد سيكون نجما ساطعا في سماء الكتابة السينمائية والإخراج.

- العمل يجمعك بالنجمة ميرفت أمين، ولكما تجارب سابقة، حدّثنا عن علاقتكما؟

ميرفت صديقة عمري، وهي أيضا صديقة لأم بناتي بوسي، وكما يقال فنحن عشنا مراحل فنيّة عديدة معا. جمعتنا أفلام عديدة مثل "القطار" و"كلام في الممنوع" و"أولى ثانوي"، ولنا مواقف في الفنّ. أتذكر مثلا في فيلم "الحفيد"، وقد كنّا صغيرين، أنّ الكواليس كانت غاية في الروعة، وجمعتنا حالة نفسية جميلة. عملنا مع الكبيرين كريمة مختار وعبد المنعم مدبولي، رحمة الله عليه، وكنّا نتعلم منهما. وكان معنا وقتها محمود عبد العزيز ومنى جبر، فكنّا جميعًا نركّز في أداء الأساتذة لنتعلّم منهم.

- تُعدّ من الفنّانين القلائل، الذين يدعمون الوجوه الجديدة، فما وقع ذلك في نفسك؟

أنا وسيط لا أكثر. فالله قدّر لهم أن أدعمهم بوجودهم في بعض مسلسلاتي، وأنا كنت أذهب بنفسي مع المخرج لاختيار وجوه جديدة من المعاهد السينمائية. هي أماكن مليئة بالفنانين، لكن غير المعروفين، ولا بدّ من أن يظهروا إلى النور. ولولا موهبتهم لما كانوا استمرّوا.

-هل تخشى الزمن؟

على الإطلاق، فكلّ عمر له متطلّباته. المهمّ هو اختيار ما يناسبك في هذا العمر. لا يجدي مثلا فنّان في سنّي أن يرتدي شعراً مستعاراً ويقدم شخصية شاب في الجامعة أو شاب مراهق.

- فنّانون كثيرون رحلوا مفلسين. فكيف تؤمّن نفسك من غدر الزمن؟

أترك كل شيء على الله سبحانه وتعالى، فأنا ليست لدي مشروعات بعيدة عن الفنّ، لأنّني لا أجيد سوى الفنّ.

- شائعات عديدة انطلقت عن طبيعة مرضك، فأخبرنا أنت بنفسك، ممّ كنت تعاني؟

شيئان لا هزل فيهما، المرض والموت. كلّ ما حدث أنّني شعرت، لأكثر من مرّة، بوجود آلام شديدة جداً في قدمي. ومثل كثيرين تكاسلتُ في البداية، لكنّ الألم اشتدّ إلى درجة لا تحتمل، فذهبت إلى الطبيب الذي أعلمني أنّ هناك مشكلة أعاني منها، وهي أن نسبة الدماء التي تصل إلى القدم غير كافية. بعد هذه الآلام أصبتُ بمشاكل في الرئة.

- حمل مهرجان الإسكندرية في دورته الأخيرة اسمك. ماذا كان شعورك؟

طبعا شعرت بالتقدير من جهة أحبّها وأحترمها جدًّا. فمهرجان الإسكندرية تحدّى ظروفا عديدة، وكان تقريبا المهرجان الوحيد في مصر، الذي لم يتوقّف تحت أيّ ظرف مرّ على مصر. أتذكّر أنّه تأجّل مرّة واحدة لكن لم يُلغَ.

-في إحدى الندوات، تحدّثت عن ضرورة أن يكون هناك تعاون مع سينمائيّين من فلسطينيي 48 واتُّهمتَ بالتطبيع، فما رأيك؟

كيف أدعو إلى التطبيع؟ بكل تأكيد كلام فارغ صادر عن أشخاص لا يعون ما قلته، أو يبحثون عن عناوين مثيرة فقط. فأنا أعيد كلامي وأقول إنّني بالفعل أرغب في حدوث تعاون بين السينمائيين في مصر والسينمائيين من عرب 48. هذا حقّهم علينا. ولماذا نعطي الفرصة لإسرائيل أن تحقّق ما تهدف إليه بأن تعزلهم؟ هذا قمّة الظلم والتعسّف. فهؤلاء أشقّاؤنا ويجب ألا نتخلّى عنهم. معاملتهم على أنّهم فلسطينيون ترفع معنوياتهم. وعلينا ألا نحاسبهم على وصمة العار الموجودة في بطاقتهم الشخصية، التي فرضتها عليهم إسرائيل. هم ليسوا إسرائيليين ولن يكونوا تابعين يوما لهؤلاء الصهاينة.

- هل فكّرت أن تعود إلى المسرح؟

فلنكن صادقين. الدراما التلفزيونية خطفت الكثير من وهج المسرح، كما أنّه، بصراحة شديدة، سعر تذكرة المسرح لا يقدر عليها الناس البسطاء. فكيف على سبيل المثال يدخل أب وأسرته إلى المسرح بأن يدفعوا ألف جنيه (140 دولارا أميركيا تقريبا). البسطاء لا يستطيعون ويفضّلون الجلوس على كورنيش النيل. وإذا أراد المسرحيون أن يعود المسرح إلى سابق عهده، فليعملوا على عودة المسرح المدرسي والجامعي.

- هل تؤمن بأنّ ذاكرة التلفزيون ضعيفة في عقول الجمهور وتتفوّق السينما عليها؟

لا أحد يستطيع أن يقول ذلك، فأكثر الناس يشاهدون التلفزيون في بيوتهم، ولا يخرجون لمشاهدة الأفلام إلا قليلا.

- بالنسبة إلى الفنان نفسه، هل بالفعل يفضّل السينما؟

السينما تاريخ فعلا. لا أحد ينكر ذلك، لكن للأسف ليس في أيّامنا هذه. بعض الأفلام تختفي من ذاكرة الجمهور بعد مشاهدة الفيلم فورا. قديما كان الفيلم يعيش أكثر. لهذا تلاحظون أنّ معظم نجوم السينما الشباب والكبار باتوا حريصين على الحضور تلفزيونيا.

- هل السينما في خطر؟

الخطر سيزول مع عودة المخرجين والفنّانين الكبار. فأين داود عبد السيّد وعلي عبد الخالق وعلي بدرخان؟ أين المخرجون الكبار أولئك، ولماذا تركوا السينما الآن؟  

- ما الدور الذي قدّمته وتعتبره خالداً في الذاكرة؟

هذا سؤال للجمهور، فالفنان لا يستطيع تقييم نفسه. لكن إذا تحدّثت عن الأدوار، التي أخذت منّي مجهودًا، أتذكّر "الكرنك". كان عملا قاسياً بشكل يفوق الخيال. فخلال مشاهد التعذيب كنتُ أشعر بالفعل بأنّني أتألّم. حفظتُ الشخصية جيدا، وعرفت كم أنّ هناك معتقلين سياسيين لم يقترفوا أيّ ذنب وتم الزجّ بهم في السجون وإجبارهم على الإدلاء باعترافات كاذبة.

- هل تعرف أنّ شخصيتك في "عائلة الحاج متولي" أصبحت نهجًا للكثير من الرجال؟

(ضاحكًا) لا أنا لم أدعُ إلى تعدّد الزوجات، وإلا لكنت أنا نفسي تزوّجت أربع زوجات. امرأة واحدة تكفي حقاً. والرّجال، كما النساء، أيضا ممتلئون بالعيوب. فهل تنظر المرأة إلى غير زوجها؟ هذا لا يصحّ، فالرضا بما قسمه الله لنا قمّة الإيمان.
دلالات
المساهمون