في الذكرى 26: مات توفيق الدقن وعاشت "إفيهاته"

26 نوفمبر 2014
الفنان توفيق الدقن (رسم أنس عوض)
+ الخط -
عُرف الفنان المصري توفيق الدقن كأحد أشهر ممثلي أدوار الشرّ في السينما، وكأحد أطيب الناس وأكثرهم وفاءً في الحياة. 
ولد الدقن عام 1923 في المنوفية، واستخدم شهادة ميلاد أخيه الأكبر المتوفى لسنوات عديدة؛ بسبب رفض والده استخراج شهادة ميلاد خاصة به. وقد عانى توفيق منذ ولادته من كونه "بدل فاقد" كما كان يقول عن نفسه.
تركت عائلته المنوفية واتجهت إلى المنيا، وهناك زاول دراسته فكان والده يحلم أن يصبح توفيق وكيلاً في النيابة العامة. غير أنّ هذا الحلم لم يتحقق، فقد توفي الأب وترك له مهمة إعالة العائلة. اضطر إلى العمل والدراسة في آن معاً، وقد كان مميزاً بين زملائه في المدرسة، فبرع في كرة القدم والملاكمة، فنال بطولة المدارس الثانوية للملاكمة.
ومن الرياضة إلى الفن، انتقل توفيق الدقن. ففي العام 1946، اشترك في العرض الرياضي لجمعية الشبان المسلمين، وهناك تعرّف إليه المخرج صليب يونان، فطلب منه أن يكون بديلاً لممثل تعرض لوعكة صحية، وذلك في عرض مسرحية "حب الأبرياء" التي قامت ببطولتها الممثلة روحية خالد. أُعجبت روحية بأدائه ونصحته بالالتحاق بمعهد التمثيل. شدّ توفيق الرحال وانطلق إلى القاهرة عام 1949 حيث التحق باختبار الأداء، فتمّ قبوله مع 16 ممثلاً فقط، اختيروا من بين آلاف المتقدمين بحسب ظهورهم وشخصياتهم التمثيليّة.
كانت مشاركته السينمائية الأولى عام 1951، حيث شارك بالتمثيل بفيلم "ظهور الإسلام"، ليعود وينضمّ إلى فرقة المسرح الحديث بعدها. ولكنه وعددا من زملائه قرروا عدم الالتحاق بمسرح الدولة، على أن ينشؤوا مسرحا خاصا يقدمون من خلاله أفكارهم ورؤياهم. فأسس فرقة "المسرح الحر" مع كل من عبد المنعم مدبولي، وزكريا سليمان وعبد الحفيظ التطاوي وسعد أردش الذي قدموا من خلاله عددًا من المسرحيات أهمها "الناس اللي تحت" .
عام 1954، أُسند إليه دور سلطان في المسلسل الإذاعي "سمارة"، فكانت الانطلاقة الحقيقية للنجم الشاب، فقد كان قادراً على تقمص أدواره ليس فقط عبر تعابير الوجه بل أيضاً عبر نبرة الصوت. التفت إسماعيل ياسين إلى موهبته، فضمّه إلى فرقته حيث عمِل لفترة قبل أن ينتقل إلى فرقة "المسرح القومي" التي بقي فيها حتى تقاعده عام 1983. وعكس الفنانين الذين يتزوجون أكثر من مرة، لم يتزوج توفيق الدقن إلاّ مرة واحدة من امرأة أحبّها، اسمها نوال الرخاوي، وأنجب منها ثلاثة أبناء هم ماضي، هالة، وفخر الدين.
ترك توفيق الدقن رصيداً منوّعاً وكبيراً من الأعمال المسرحية والسينمائية، يصل إلى أكثر 250 عملا ومنها: "أحبك يا حسن"، "أرض الأحلام"، "السبع أفندي"، "رجالٌ لا يخافون الموت". كما ربطته في الوسط الفني علاقات صداقة حميمة مع رشدي أباظة وفريد شوقي ومحمود المليجي. هذا الأخير كان أعز صديق له، ويقال إن موت المليجي عام 1983 كان سبباً في تدهور صحة الدقن، وإصابته بالسكري والفشل الكلوي، وإنه مات من شدة حزنه على صديق عمره عام 1988. وقد طلب قبل موته أن توضع زهور حمراء على قبره. كما أنّه اشتهر بإطعام القطط في منطقة سكنه، فكانت القطط تأتي وتنتظره كل ليلة ليطعمها.
رحل توفيق الدقن وبقيَت ذكراه بين مواقفه وطيبته التي تناقض أدواره الشريرة فقط. ترك الفنّان مجموعة عبارات تندرج ضمن "الإفيهات" التي بقيت محفورة في ذاكرة الجمهور العربي مميّزةً مسيرته عن غيره من الممثّلين، منها "استر ياللي بتستر"، "أحلى من الشرف مفيش" و"صلاة النبي أحسن"، إضافة إلى عدد كبير من أدواره التي أثّرت في وجدان الناس في أفلام نذكر منها "على باب الوزير"، "المتوحشة"، "القاهرة 30"، وكان آخر أعماله فيلم المجنون في العام 1988، ليرحل في العام نفسه تاركاً خلفه تاريخاً لا يمحى واسماً لا ينسى.

دلالات
المساهمون