انتخابات نقابة الصحافيين المصريين: عبد القدوس لن يترشّح

16 فبراير 2015
تأتي الانتخابات بينما عشرات الصحافيين معتقلون في مصر (الأناضول)
+ الخط -

فُتح باب الترشيح لانتخابات مجلس نقابة الصحافيين في مصر السبت الماضي (14 فبراير/شباط)، على أن تجري الانتخابات يوم السادس من مارس/آذار المقبل. وفي ظلّ أوضاع الصحافيين في مصر، وما يشوبها من انعدام للحريات وانتهاكات بالجملة تشمل المنع من التغطية والتضييق على النشر وصولاً إلى الاعتقال والسجن، يغيب الكاتب الصحافي، محمد عبد القدوس، عن الترشح في انتخابات مجلس نقابة الصحافيين المصريين لأول مرة منذ ثلاثين عاماً، بعدما كان الرقم الثابت والعضو الناجح في جميع الدورات على مدار أكثر من ربع قرن.

هزيمة للصحافيين

"خسارة كبيرة وهزيمة لنا جميعاً، أن يغيب عمنا (اللقب الأشهر لعبد القدوس) عن العمل النقابي"؛ هكذا علق صحافي مخضرم لـ "العربي الجديد"، مضيفاً: "محمد علامة مميزة في مسيرة العمل النقابي، ووجه مضيء في طريق البحث عن الحرية للجميع في هذا الوطن، تشهد على ذلك سلالم مبنى النقابة، وأصداء "مايكروفونه" الصغير، الذي كان دوماً صداحاً بكلمة الحق، ومدافعا عن المظلومين والمضطهدين في ربوع مصر كلها".

وكان عبد القدوس، الذي شغل منصب مقرر لجنة الحريات، لأكثر من دورة، قد أعلن يوم الأحد الماضي أنه لن يترشح لانتخابات التجديد النصفي لعضوية مجلس النقابة. 

نصائح للانتخابات

مع مغادرته عضوية مجلس نقابة الصحافيين المصريين، وجّه الصحافي محمد عبد القدوس نصائح للصحافيين بينما أعلن عدم ترشحه. وقال في بيان: "شكرًا، ثلاثون عامًا في خدمة نقابة الصحافيين، فزت لأول مرة بعضوية مجلس نقابة الصحافيين في عام 1985 منذ ثلاثين عامًا بالضبط، وخلال هذه الفترة وحتى الآن تقدمت لسبع دورات، أربع منها في القرن العشرين وثلاث في القرن الحادي والعشرين الميلادي".
وأضاف: "كنت دوماً أحصل على ثقة الصحافيين وبنسبة عالية من الأصوات والحمد لله، وبمناسبة انتهاء مدتي السابعة أتقدم بخالص الشكر إلى زملائي الذين ساندوني وكذلك العاملين في مختلف المؤسسات الصحافية ونقابة الصحافيين وكانوا خير عون لي في عملي، وأتعهد بأن أستمر متواصلا مع الجميع عاملا على خدمتهم".

وقدم خلاصة تجربته كنصائح تحدد "مواصفات النقابي الجدير بالحصول على صوتك" بحسب قوله، موضحاً: "هو أن يكون ناجحًا في عمله الأساسي وأن يثبت وجوده هناك، وأن يكون لديه وقت كاف لخدمة زملائه ولا يعطيهم بقايا وقته، وأن يعتبر نقابة الصحافيين ملكاً لكل أبنائها من حملة الأقلام، وأن يضع نفسه فوق كل الانتماءات في خدمة الجميع ولا تقتصر علاقته على تيار بعينه".

إقرأ أيضاً: أن تكون صحافيًا مصريًا... جريمة

وفي حوار صحافي مقتضب، يوجز عبد القدوس أحوال "صاحبة الجلالة"، وأوضاع الصحف والصحافيين في مصر. ويرفض عبد القدوس الخوض في مواقف زملائه المرشحين، في انتخابات التجديد النصفي، التي فتح باب الترشح لها أمس الأول السبت، أو حتى الاقتراب من فترات كانوا فيها ممثلي النقابة والصحافيين بشكل عام.

عبد القدوس، الذي يُعد نفسه، أقدم صحافي في النقابة منذ تأسيسها من أكثر من ثلاثين عامًا. هو محمد إحسان محمد عبد القدوس، عضو مجلس نقابة الصحافيين ومقرر لجنة الحريات بها لعدة دورات. كما كان عضوا مؤسسا بحركة كفاية التي انطلقت بشعار "لا للتوريث"، في وجه الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، ونجله جمال.

تخرج عبد القدوس، من كلية الحقوق عام 1974، وبدأ عمله بمجال الصحافة قبل عام من تخرجه حيث عمل صحافيًا بجريدة أخبار اليوم في الفترة بين 1973 حتى 1976، ثم كاتبا بجريدة الأحرار في الفترة بين عامي 1976 وحتى عام 1984، وفي الفترة بين عامي 1976 حتى عام 1986 انضم لأسرة مجلة "الدعوة" كاتبًا ومحررًا، وعبد القدوس هو مؤسس في صحيفة الوفد المصرية عام 1984 ومؤسس وكاتب في جريدة الشعب (1986) وكاتب في جريدة "آفاق عربية".

ويعتبر عبد القدوس أنّ "مصر تعاني من حكم عسكري، وعصر استبدادي تخضع فيه الصحف إلى وصاية الحكومة مباشرة أو وصاية رجال الأعمال". ويضيف: "حملات المرشحين في انتخابات التجديد النصفي، لا تقترب من الحاجز السياسي الذي فرضته الحكومة إلا بطريقة ثانوية، على الرغم من كل الأزمات التي تشهدها النقابة في الوقت الراهن، وبالتالي لا يمكن اعتبار قضية الإفراج عن الصحافيين المعتقلين، قضية محورية في الانتخابات الحالية، لأنها تتخطى سقف المسموح".


أكبر عدد معتقلين
في مصر اليوم، صحافيون مسجونون، يتفاوت عددهم بين المنظمات الحقوقية. فبينما تقول لجنة حماية الصحافيين أن هناك 12 صحافياً معتقلاً، تقول منظمات أخرى أن هناك مائة. ويوضح عبد القدوس أنّ "عدد المقبوض عليهم والمسجونين من الصحافيين حاليًا، أكبر من أي عصر مضى، لم يحدث مطلقًا أن كان هناك ثمانية صحافيين نقابيين وغيرهم العشرات غير نقابيين مسجونين، ومع ذلك تتواصل النداءات والمطالبات بالإفراج عنهم بكل الآليات المتاحة والمكتسبة". ويقول: "للأسف مواقف النقابة ضعيفة جدا بالنسبة للزملاء المعتقلين"، مضيفاً: "كان قبل ذلك، إذا أُلقي القبض على صحافي، "تقوم الدنيا ولا تقعد" بالتعبير المصري الدارج، أما الآن، للأسف كل ما بوسع النقابة أن تطالب بتحسين ظروف الحبس".

وعن إن كان الإفراج عن صحافيي قضية "الماريوت" في هذا التوقيت، قد يخدم الانتخابات أم المؤتمر الاقتصادي المزمع عقده في مارس/آذار القادم، يرى عبد القدوس أن "لا علاقة لقضية الماريوت بأي حال بالمؤتمر الاقتصادي أو انتخابات الصحافيين، أو حتى السعي لتحسين صورة مصر، إنما ما حدث كان بمثابة فضيحة دولية، خاصة بعدما أعلن الصحافي محمد فهمي، أن مصادر سيادية هي من أجبرته على التنازل عن الجنسية، ثم تطور الأمر لمنعه من السفر". ويقول: "نحن أمام نظام عسكري يعتمد على البطش بالدرجة الأولى، ولا يهتم بأي اعتبارات أخرى".

إقرأ أيضاً: الإفراج عن صحافيي الجزيرة ينهي القضيّة؟

يمتنع عبد القدوس عن الحديث عن العامين الماضيين في نقابة الصحافيين، ويقول: "أمتنع عن الإجابة على الفترة التي قضاها ضياء رشوان في رئاسة النقابة، لأنه يعتزم خوض الانتخابات مجدداً، رغم عدم ترشحه رسميًا حتى الآن، ولكن سأتحدث عن أوضاع النقابة بشكل عام عما قبل رشوان، إذ كان لها دور بارز ومهم في الإطاحة بنظام مبارك، ثم من بعده الإطاحة بحكم الإخوان، ولكن ما حدث بعد ذلك أن تم تأميم نقابة الصحافيين، كغيرها من النقابات المهنية في مصر، ووضعها مباشرة تحت حكم العسكر".

وعن المخرج للنقابة من هذا الوضع، يقول: "المخرج لمصر كلها لا لنقابة الصحافيين، ولكن لا أحد ينكر أن نقابة الصحافيين رغم كل الضغوط لا تزال منارة لمصر، والدليل على ذلك، آخر وقفة تم تنظيمها على سلالم النقابة منذ أيام، للإخوة الأقباط، المطالبين بعودة ذويهم المختطفين في ليبيا".

ويرى عبد القدوس أنّ الصحف المصرية "كلها تعاني من خسائر شديدة، والبديل لهذه الأزمات المالية، هو الضغط على الصحافيين بالبدل الذي تصرفه النقابة للنقابيين، ولكن أعتقد أن النقابة ستشهد تطورًا نوعيًا الفترة القادمة، بعد إدخال نظام حصول العضو على دبلوم معتمدة من كلية الإعلام بجامعة القاهرة، قبل إدراجه في جداول القيد".

وعن زيادة البدل من 1200 إلى 1400 جنيه قبل فتح باب الترشح لانتخابات التجديد النصفي بأيام، وهل يعد ذلك رشوة انتخابية، يقول: "حقيقة الأمر أن البدل أساسًا من بدايته أيام حسني مبارك، كان رشوة، ثم تحول إلى حق فيما بعد ذلك، وهو مهم جدا لكل صحافي خاصة مع الأزمات المالية التي تعاني منها الصحف، إذ يعتمد عليه الصحافيون كمصدر دخل ثابت".
وعن الانتخابات المقبلة، يعتبر أن "المرحلة الأولى منها لن تكتمل، ومن الصعب تحديد من الأقرب للفوز بمقعد النقيب، في ظل تنافس الزملاء يحيى قلاش وسيد الإسكندراني، وإعلان ضياء رشوان وعبد المحسن سلامة نيتهما خوض الانتخابات".

يعتبر عبد القدوس أنّ "الجماعات الصحافية التي انطلقت مؤخرًا، مثل "صحافيون ضد قانون التظاهر" أمر جيد ومهم جدًا، لأنها تعبر عن صوت الغضب الصحافي، كما تعد وسيلة ضغط مهمة من أجل إحراز بعض المكاسب، وظهرت لأنها لم تجد المجلس معبرا أو مدافعا عنها".