"بريطانيا أولاً"... صرخ قاتل النائب السيدة عن حزب العمال، جو كوكس، قبل موعد الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وسارعت وسائل الإعلام البريطانية إلى نشر أخبار تلك الجريمة المريعة التي وقعت في وضح النّهار على يدي توماس مير، صاحب البشرة البيضاء. بيد أنّها لم تلصق به تهمة الإرهابي، على الرّغم من وجود أدلّة واضحة على دوافع الجريمة السياسية الأيديولوجية، خصوصاً أنّ كوكس لطالما دافعت عن اللاجئين.
وفي هذا الصدد كتب موقع "The intercept"، وتساءل: هل لدى أي أحد أدنى شك، أنّه لو كان المشتبه به شخصاً مسلماً وصرخ "الله أكبر" بدلاً من "بريطانيا أولاً" أن تصفه كل وسائل الإعلام على الكوكب بالإرهابي وللأبد؟.
وأكمل أنّ حقيقة تجنبّهم القيام بذلك "يسلّط الضوء على معنى هذه الكلمة الحقيقي، التي قضى العالمان ريمي برولين وليزا ستامبنيتزكي، عاماً كاملاً في توثيق بداية استخدامها، التي كانت مجرّد أداة دعائية، تهدف إلى إضفاء الشرعية على جانب واحد من العنف ونزع تلك الشرعية عن عنف أعدائها".
ولا يخفى على أحد دور الإعلام في توجيه آراء الشعوب، خصوصاً في إثارتهم ضدّ مسائل مصيرية هامّة في البلاد. وخير مثال على ذلك، صحيفة "ذا ديلي إكسبرس" التي لم تقصّر في تنمية روح الكراهية لدى الشعب البريطاني تجاه المهاجرين والأجانب، ومجرّد إلقاء نظرة سريعة على صفحاتها الأولى قبيل فترة الاستفتاء الأوروبي، تثبت ذلك، ومن تلك العناوين: "المهاجرون يأخذون جميع الوظائف الجديدة في بريطانيا" و "غرباء في وطننا" و "واحد من أصل خمسة بريطانيين سيكون من إثنيات مختلفة". ربّما كانت تلك العناوين أحد دوافع ارتكاب جريمة بحق النائب كوكس والتصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، نتيجة تسليط الضوء على مساوئ الوجود الأجنبي في البلاد وتجاهل حسناته.
وما يثير الانتباه، هو أنّه بدا شبه مستحيل أن تصف أي وسيلة إعلامية المعتدي على النائب كوكس، بالإرهابي أو حتى ربطه به. بل اقتصر وصفها له على المختل عقلياً والمنطوي.
ولو عدنا إلى 22 مايو/أيّار 2013، حين هاجم مايكل أديبولاجو،الجندي البريطاني لي ريجبي، في وضح النهار وطعنه بسكين بعد أن صدمه بسيارة، لوجدنا أنّها لا تقل بشاعة عن مقتل النائب كوكس. الفارق الوحيد أن القاتل كان ممّن اعتنقوا الإسلام وهي نقطة سلّطت عليها وسائل الإعلام الضوء بشكل كبير آنذاك. وسارعت صحف عديدة إلى استخدام كلمة الإرهاب، ومنها "ذا تلغراف" التي عنونت: "هجوم وولويتش في صور: مقتل جندي بريطاني من إرهابيين في لندن" و"ذا غارديان" التي كتبت، حتى بعد مضي عام على الجريمة، "صور هجوم وولويتش الإرهابي تلاحق والدة لي ريجبي".
كذلك أبدت وسائل الإعلام البريطانية، وجهاً مختلفاً لها في حادث مشابه لمقتل كوكس، وقع في البلاد عام 2010، حين تعرّض النائب البريطاني ستيفن تيمز إلى اعتداء وحشي والطعن بسكين كاد أن يودي بحياته من امرأة غاضبة عليه بسبب تأييده الحرب في العراق.
لم تختلف وسائل الإعلام البريطانية في ما بينها أمام تلك الحادثة، بل توحدّت تقريباً في وصف الهجوم بـ "الإرهابي"، وكتبت صحيفة "ذا غارديان"، "أوّل هجوم إرهابي يصيب شخصاً على أرض بريطانيا منذ 7 يوليو/تموز2005"، كما عنونت صحيفة "ميرور" واصفة المعتدية بـ "إرهاب امرأة". وعقب مقتل النائب كوكس، أشارت صحيفة "ذا صن" إلى تعليق تيمز، على الحادثة، واصفة إيّاه بـ "الناجي من طعنة الإرهاب".
الاختلاف الوحيد بين حادثة النائب كوكس والنائب تيمز هو أصول المعتدي وديانته، فالمعتدية على تيمز مسلمة من أصول بنغلادشية.
بيد أنّه، لوحظ تجنّب استخدام كلمة "إرهابي" في الاعتداء الأخير، بالسكين على مدنيين في ميدان راسل في العاصمة البريطانية لندن، على الرّغم من أنّ المعتدي مسلم من أصول صومالية. وكتبت صحيفة "ذا إندبندنت" الطعن في ميدان راسل لا علاقة له بالإرهاب". تقول الشرطة بعد مراجعة النرويجي المشتبه به"، وعنونت صحيفة "ذا تلغراف" "اعتداء ميدان راسل: امرأة أميركية طعنت حتى الموت في لندن من مختل عقلياً نرويجي صومالي والشرطة وجدت أنْ لا علاقة للإرهاب بالهجوم". كما أكّدت صحيفة "إيفنينغ ستاندرد" اختلال المعتدي العقلي، حين كتبت عن محاولته قتل نفسه ثلاث مرّات. وحده موقع "ميرور" عنون "ميدان راسل، هجوم إرهابي: مقتل أميركية وإصابة خمسة بسكين".
وهنا نلحظ، أنّ بعض وسائل الإعلام البريطانية، تبالغ على الدوام، في ربط أي حادث أو جريمة يقوم بها شخص مسلم، بالإرهاب حتى حين تنفي الشرطة ذلك.
ومن المسلّم به أنّ المعتدي على النائب كوكس، يعاني من أمراض عقلية، لكن الأمر ذاته ينطبق على عمر متين، الذي قتل 49 شخصاً في نادي للمثليين في أورلاندو منذ شهر تقريباً. بيد أنّ تهمة الإرهاب ألصقت بـ (متين) على الفور من جميع وسائل الإعلام تقريباً، على الرغم من معاناته من أمراض نفسية، وخصوصاً مسألة اختيار توجّهه الجنسي.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل دافعت حركة "بريطانيا أولاً" من اليمين المتطرّف، عن توجّهاته على صفحتها على فيسبوك، وكتبت: "حتى لو كان المعتدي على النائب كوكس من الداعمين للحزب، لا يمكن أن يتّهم الحزب بأكمله بسبب أعمال يقوم بها بعضهم. وجاء الرد على ذلك بتساؤل أحد المعلّقين: "هل يمكن قول الأمر ذاته عن المسلمين؟.
اقــرأ أيضاً
وفي هذا الصدد كتب موقع "The intercept"، وتساءل: هل لدى أي أحد أدنى شك، أنّه لو كان المشتبه به شخصاً مسلماً وصرخ "الله أكبر" بدلاً من "بريطانيا أولاً" أن تصفه كل وسائل الإعلام على الكوكب بالإرهابي وللأبد؟.
وأكمل أنّ حقيقة تجنبّهم القيام بذلك "يسلّط الضوء على معنى هذه الكلمة الحقيقي، التي قضى العالمان ريمي برولين وليزا ستامبنيتزكي، عاماً كاملاً في توثيق بداية استخدامها، التي كانت مجرّد أداة دعائية، تهدف إلى إضفاء الشرعية على جانب واحد من العنف ونزع تلك الشرعية عن عنف أعدائها".
ولا يخفى على أحد دور الإعلام في توجيه آراء الشعوب، خصوصاً في إثارتهم ضدّ مسائل مصيرية هامّة في البلاد. وخير مثال على ذلك، صحيفة "ذا ديلي إكسبرس" التي لم تقصّر في تنمية روح الكراهية لدى الشعب البريطاني تجاه المهاجرين والأجانب، ومجرّد إلقاء نظرة سريعة على صفحاتها الأولى قبيل فترة الاستفتاء الأوروبي، تثبت ذلك، ومن تلك العناوين: "المهاجرون يأخذون جميع الوظائف الجديدة في بريطانيا" و "غرباء في وطننا" و "واحد من أصل خمسة بريطانيين سيكون من إثنيات مختلفة". ربّما كانت تلك العناوين أحد دوافع ارتكاب جريمة بحق النائب كوكس والتصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، نتيجة تسليط الضوء على مساوئ الوجود الأجنبي في البلاد وتجاهل حسناته.
وما يثير الانتباه، هو أنّه بدا شبه مستحيل أن تصف أي وسيلة إعلامية المعتدي على النائب كوكس، بالإرهابي أو حتى ربطه به. بل اقتصر وصفها له على المختل عقلياً والمنطوي.
ولو عدنا إلى 22 مايو/أيّار 2013، حين هاجم مايكل أديبولاجو،الجندي البريطاني لي ريجبي، في وضح النهار وطعنه بسكين بعد أن صدمه بسيارة، لوجدنا أنّها لا تقل بشاعة عن مقتل النائب كوكس. الفارق الوحيد أن القاتل كان ممّن اعتنقوا الإسلام وهي نقطة سلّطت عليها وسائل الإعلام الضوء بشكل كبير آنذاك. وسارعت صحف عديدة إلى استخدام كلمة الإرهاب، ومنها "ذا تلغراف" التي عنونت: "هجوم وولويتش في صور: مقتل جندي بريطاني من إرهابيين في لندن" و"ذا غارديان" التي كتبت، حتى بعد مضي عام على الجريمة، "صور هجوم وولويتش الإرهابي تلاحق والدة لي ريجبي".
كذلك أبدت وسائل الإعلام البريطانية، وجهاً مختلفاً لها في حادث مشابه لمقتل كوكس، وقع في البلاد عام 2010، حين تعرّض النائب البريطاني ستيفن تيمز إلى اعتداء وحشي والطعن بسكين كاد أن يودي بحياته من امرأة غاضبة عليه بسبب تأييده الحرب في العراق.
لم تختلف وسائل الإعلام البريطانية في ما بينها أمام تلك الحادثة، بل توحدّت تقريباً في وصف الهجوم بـ "الإرهابي"، وكتبت صحيفة "ذا غارديان"، "أوّل هجوم إرهابي يصيب شخصاً على أرض بريطانيا منذ 7 يوليو/تموز2005"، كما عنونت صحيفة "ميرور" واصفة المعتدية بـ "إرهاب امرأة". وعقب مقتل النائب كوكس، أشارت صحيفة "ذا صن" إلى تعليق تيمز، على الحادثة، واصفة إيّاه بـ "الناجي من طعنة الإرهاب".
الاختلاف الوحيد بين حادثة النائب كوكس والنائب تيمز هو أصول المعتدي وديانته، فالمعتدية على تيمز مسلمة من أصول بنغلادشية.
بيد أنّه، لوحظ تجنّب استخدام كلمة "إرهابي" في الاعتداء الأخير، بالسكين على مدنيين في ميدان راسل في العاصمة البريطانية لندن، على الرّغم من أنّ المعتدي مسلم من أصول صومالية. وكتبت صحيفة "ذا إندبندنت" الطعن في ميدان راسل لا علاقة له بالإرهاب". تقول الشرطة بعد مراجعة النرويجي المشتبه به"، وعنونت صحيفة "ذا تلغراف" "اعتداء ميدان راسل: امرأة أميركية طعنت حتى الموت في لندن من مختل عقلياً نرويجي صومالي والشرطة وجدت أنْ لا علاقة للإرهاب بالهجوم". كما أكّدت صحيفة "إيفنينغ ستاندرد" اختلال المعتدي العقلي، حين كتبت عن محاولته قتل نفسه ثلاث مرّات. وحده موقع "ميرور" عنون "ميدان راسل، هجوم إرهابي: مقتل أميركية وإصابة خمسة بسكين".
وهنا نلحظ، أنّ بعض وسائل الإعلام البريطانية، تبالغ على الدوام، في ربط أي حادث أو جريمة يقوم بها شخص مسلم، بالإرهاب حتى حين تنفي الشرطة ذلك.
ومن المسلّم به أنّ المعتدي على النائب كوكس، يعاني من أمراض عقلية، لكن الأمر ذاته ينطبق على عمر متين، الذي قتل 49 شخصاً في نادي للمثليين في أورلاندو منذ شهر تقريباً. بيد أنّ تهمة الإرهاب ألصقت بـ (متين) على الفور من جميع وسائل الإعلام تقريباً، على الرغم من معاناته من أمراض نفسية، وخصوصاً مسألة اختيار توجّهه الجنسي.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل دافعت حركة "بريطانيا أولاً" من اليمين المتطرّف، عن توجّهاته على صفحتها على فيسبوك، وكتبت: "حتى لو كان المعتدي على النائب كوكس من الداعمين للحزب، لا يمكن أن يتّهم الحزب بأكمله بسبب أعمال يقوم بها بعضهم. وجاء الرد على ذلك بتساؤل أحد المعلّقين: "هل يمكن قول الأمر ذاته عن المسلمين؟.