دعت وزارة الخارجية الأميركية السلطات المصرية للإفراج عن موظفي وكالة "الأناضول" التركية الموقوفين والسماح بنشاط الإعلام الحر، فيما أعربت الأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، عن قلقها إزاء مداهمة قوات الأمن المصرية مكتب الوكالة بالقاهرة وتوقيف 4 موظفين به.
وقال استيفان دوغريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، في تصريحات صحافية بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، إن "أي تقارير تفيد باعتقال أو القبض على صحفيين تثير قلقنا".
من جانبه، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، إنه لا يمكن القبول بمداهمة الشرطة المصرية مكتب وكالة "الأناضول" في القاهرة، مؤكداً أن بلاده تقوم بالاتصالات اللازمة على هذا الصعيد، وفق ما أوردته "الأناضول".
وأوضح الوزير التركي أن بلاده تراقب عن كثب تطورات توقيف الموظفين، مؤكداً أن وزارته على تواصل مع المدير العام لوكالة "الأناضول" شنول قازانجي منذ اللحظة الأولى لوقوع حادثة المداهمة.
وأضاف أن موظفي "الأناضول" تعرضوا لمضايقات سابقة على هذا الغرار من قبل، مؤكداً أن الخارجية التركية تواصلت حول الموضوع مع البعثة الدبلوماسية المصرية في تركيا، ومع المسؤولين المصريين عبر السفارة التركية في القاهرة.
وتابع قائلاً "نرى أن مستوى العدوانية لدى مصر ازداد على نحو أكثر، إما بسبب المسافة التي قطعناها مع روسيا حيال وقف إطلاق النار مؤخراً في ليبيا أو بسبب تكثيف جهودنا في هذا الصعيد".
وأعرب جاووش أوغلو عن استغرابه من عدم صدور ردود من الغربيين تجاه مداهمة مكتب وكالة "الأناضول"، قائلاً "الغربيون الذين يحاولون تلقين الجميع دروساً حول حقوق الإنسان وحرية الصحافة لا يصدر لهم صوت عندما تحدث أشياء كهذه في البلدان التي يمكنهم استغلالها".
وأضاف جاووش أوغلو "لو أن أمراً مشابهاً حدث في تركيا لأقاموا الدنيا بأسرها"، معرباً عن أسفه لعدم صدور ردود من العالم في هذا الإطار.
كما أدان المعهد الدولي للصحافة، بشدة، "الاعتداء الوقح" من قبل قوات الأمن المصرية ضد وكالة "الأناضول" وموظفيها، وذلك في بيان لمدير المكتب القانوني للمعهد رافي. ر. براساد.
ونقل البيان، عن براساد، قوله حول تصرف الشرطة المصرية: "إن المعهد يدين بشدة الاعتداء الوقح" ضد وكالة الأناضول وموظفيها، وطالب براساد السلطات المصرية بالإفراج الفوري عن الموظفين الأربعة، وتوضيح أسباب توقيفهم.
ولفت البيان، إلى أن السلطات المصرية مارست ضغوطاً كبيرة على الصحافة اعتباراً من عام 2014، وأن 61 صحافياً لا يزالون محتجزين في السجون.
من جهتها اكتفت السلطات المصرية ببيان أصدرته وزارة الداخلية قالت فيه إنها داهمت مكتباً (دون ذكر اسمه) تديره "خلية إخوانية تركية" يهدف إلى "تشويه صورة مصر من خلال نشر تقارير وأخبار مفبركة عن البلاد".
واقتحمت قوات الأمن المصرية الثلاثاء مكتب "الأناضول" في القاهرة، وألقت القبض على 4 موظفين بينهم مواطن تركي، واقتادتهم إلى مكان مجهول، حيث قامت بقطع الإنترنت وأغلقت كاميرات المراقبة فيه، وصادرت جوازات سفر الموظفين وهواتفهم المحمولة وأجهزة الحواسيب.
وقالت "الأناضول" إن محاميها توجه للمكتب للحصول على معلومات عن سبب المداهمة، إلا أن الشرطة رفضت تقديم أي معلومة. وأضاف أنه عقب ذلك قامت الشرطة بإخراج المحامي خارج المكتب، وتابعت عمليات البحث فيها.
ويعدّ إقدام السلطات المصرية على مداهمة مكتب "الأناضول"، شبه الحكومية، المؤشر الأخير على التغييرات في بوصلة النظام السياسي المصري إزاء الشأن الليبي. وانعكس التوجه على وسائل الإعلام التي تتبع غالبيتها أجهزة الاستخبارات التي يُحكِم الرئيس عبد الفتاح السيسي قبضته عليها.
وتصبّ مداهمة "الأناضول" في إطار التضييق على المشهد الإعلامي والصحافي في مصر خلال السنوات الماضية، إذ وصل عدد المواقع المحجوبة في البلاد إلى 546 موقعاً على الأقل، بعد الهجمة التي صاحبت تظاهرات سبتمبر/ أيلول الماضي، من بينها 103 مواقع صحافية، وفقاً لحصر أجرته "مؤسسة حرية الفكر والتعبير".