تسريب محاضر وصور التحقيق يؤجج الغضب من اعتقال الصحافية المغربية هاجر الريسوني

08 سبتمبر 2019
معتقلة بتهمة الإجهاض (تويتر)
+ الخط -
تلقى الرأي العام المغربي صدمةً جديدة في ملف اعتقال الصحافية هاجر الريسوني بتهمة "الإجهاض غير القانوني"، إثر عملية تسريب وثائق الاتهام من محاضر الشرطة والصور التي تم التقاطها للصحافية بجريدة "أخبار اليوم" لحظة توقيفها.

وبعد رفض المحكمة طلب إطلاق سراح الصحافية المعتقلة منذ يوم السبت 31 أغسطس/آب الماضي، وإطلاق بعض المنابر الإعلامية حملة هجوم عليها بدعوى إجهاضها وإقامتها علاقة جنسية مع خطيبها السوداني، المعتقل أيضاً، وصلت للعديد من الناشطين والمدونين رسائل مجهولة المصدر تتضمن نسخاً من محضر الاستماع لهاجر الريسوني وصور توقيفها وإدخالها إلى العيادة الطبية التي اتهمت بالخضوع للإجهاض داخلها.

واستنكر صحافيون وناشطون هذه الممارسات، معتبرين أنّها تؤكّد أنّ الريسوني معتقلة بسبب عملها الصحافي. وكتب الصحافي المغربي، اسماعيل الأداريسي، مستنكراً "مؤسف أن تنحدر الدولة إلى ممارسات لا أخلاقية تشكل جريمة مكتملة الأركان في ملف الزميلة هاجر، حيث تم تسريب ملف محاضر التحقيق من 28 صفحة، بما يتضمنه من صور للزميلة وخطيبها والطبيب والسكرتيرة وطبيب التخدير أثناء اعتقاله".

من جانبه، كتب الناشط سليم الفيلالي عبر "فيسبوك": "قمة الحقارة والوحشية والاستخفاف والتعسف، تسريب صور اعتقال هاجر الريسوني وخطيبها والطبيب المختص وصور بعض الأغراض الطبية الجراحية المستعملة في العيادة والصور مختومة بطابع رسمي". وعلّق أستاذ القانون العام لجامعة شعيب الدكالي، عبد الوهاب البقالي، قائلاً إن "تسريب محضر وصور الصحافية هاجر الريسوني بالمصحة أمر غير مقبول ويدخل في باب الانتقام".


وأصدر منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، الهيئة الحقوقية المقربة من حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، مساء السبت، بيانا أعقب اجتماع مكتبه التنفيذي، دعا فيه إلى إطلاق سراح هاجر الريسوني وخطيبها السوداني وباقي الموقوفين، وهم طبيب ومساعدوه.

وقال إنه رصد تجاوزات وانتهاكات في حق هاجر الريسوني، منها توقيفها أمام عمارة بالشارع العام بالرباط، من طرف رئيس فرقة الأخلاق العامة الذي كان مرفوقا بعناصر من فرقة محاربة العصابات، "وذلك بطريقة تطرح تساؤلات جدية حول مدى احترام الحق في حماية الحياة الخاصة، وسرية الاتصالات الشخصية المكفولة بمقتضى الدستور والقانون".

وأضاف المنتدى في بلاغه أن الشرطة قامت بنقل الصحافية هاجر الريسوني ومن معها إلى مقر الشرطة القضائية للبحث معها في جنحة قبول إجهاضها التي نفتها في محاضر البحث والاستنطاق، وأكدت أنها بصدد التحضير للاحتفال بزفافها يوم 14 سبتمبر، كما نفى الطبيب تهمة القيام بعملية الإجهاض.

وأكد ما ورد في بيان سابق لهيئة دفاع الصحافية المعتقلة، وقال إن الشركة قامت بنقلها إلى المستشفى بأمر من النيابة العامة، وأقدمت على تفتيش رحمها بشكل قسري و"رغما عن إرادتها، وهو ما يعد معاملة قاسية ومهينة وحاطة بالكرامة الإنسانية للصحافية هاجر الريسوني".

وذهب منتدى الكرامة إلى أن التقرير الطبي الذي ورد ذكره في بلاغ النيابة العامة الصادر منتصف الأسبوع الماضي، دون أن يكون ضمن وثائق الملف الموجود لدى المحكمة، والذي نسب إلى الصحافية هاجر الريسوني تصريحات بقبول القيام بالإجهاض، "يفتقر إلى المشروعية القانونية، لأنه ناتج عن معاملة قاسية ومهينة وحاطة بالكرامة الإنسانية".

وبعد تسجيله تعرّض الصحافية المعتقلة لحملة تشهير ممنهج، دعا المنتدى إلى "إسقاط كل المتابعات الجارية، وإطلاق سراح الصحافية هاجر الريسوني ومن معها فورا"، مع "الاستجابة دون إبطاء لطلب دفاع الصحافية هاجر الريسوني، وذلك بتقديم ملتمس بفتح تحقيق في ادعاءات التعذيب والمعاملة القاسية".

موقف الهيئة الحقوقية المغربية يطابق ما ذهبت إليه منظمات مغربية ودولية أخرى، حيث طالبت كل من "منظمة العفو الدولية" (أمنستي) ومنظمة "هيومن رايتس ووتش" بإطلاق سراح هاجر الريسوني ومن معها، كما سبق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، كبرى الهيئات الحقوقية غير الحكومية في المغرب، أن عبرت عن موقف مماثل.

وتتواصل حملة الترويج لعريضة تدعو إلى مواجهة "صحافة التشهير" التي تسيء إلى الأشخاص وتنزل عقاباً غير مشروع على المتهمين، حيث فاق عدد الموقعين عليها المائتين بين صحافيين وهيئات حقوقية.

ويسود ترقب كبير في أوساط الرأي العام المغربي، قبل انعقاد جلسة المحاكمة الثانية لهاجر الريسوني ومن معها، حيث ينتظر أن تعقد الجلسة يوم غد الاثنين 9 سبتمبر/أيلول، بعدما كانت قد عرضت على جلسة فورية عقب توجيه الاتهام إليها يوم الاثنين الماضي. ولم تشهد الجلسة الأولى سوى عرض لائحة التهم الموجهة إلى الموقوفين، على أن تبدأ أطوار المحاكمة يوم غد.

المساهمون