إعلام المجلس الانتقالي اليمني... بروباغندا خالصة

29 سبتمبر 2019
سيطر المجلس الانتقالي على عدد من وسائل الإعلام (الأناضول)
+ الخط -
تكرّس وسائل الإعلام التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي نهجاً دعائياً للحكومتين السعودية والإماراتية. وقد برز هذا النهج بشكل أكبر مع سيطرة المجلس على مؤسسات إعلامية حكومية. 

وبدا واضحاً أن التطبيل للإمارات الذي ظهر بشكل جليّ في الشهرَين الأخيرَين قد تحوّل أيضاً إلى ترويج للسعودية. هكذا تمتلئ الصفحات الأولى للصحف والمواقع الإلكترونية التي يديرها المجلس، بعناوين رنانة للدولتين. وقد تكرّس هذا الواقع بعد سيطرة المجلس الانتقالي على محافظتي عدن وأبين (جنوب البلاد) إثر قتال استمر أياما مع قوات الحكومة المعترف بها دولياً.

هكذا خصصت صحيفة "14 أكتوبر" الحكومية التي يديرها المجلس منذ اقتحام مقرها، الصفحة الأولى من عدد خاص صدر يوم الاثنين الماضي، لنشر تهنئة من رئيس المجلس الانتقالي، عيدروس الزبيدي، إلى السعودية بمناسبة عيدها الوطني.

وغطت الصحيفة صورٌ لمؤسس المملكة عبد العزيز آل سعود، والعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده محمد بن سلمان. وأشاد الزبيدي بموقف الرياض من التطورات اليمنية، معبراً عن "تطلع المجلس الانتقالي إلى مزيد من الدعم السياسي والاقتصادي". وطبعاً لم ينسَ الإشارة إلى "اعتزاز وتقدير الشعب الجنوبي للمواقف الأخوية المشرفة للمملكة والداعمة له في شتى المجالات".

هذه ليست المرة الأولى التي تفرد الصحيفة صفحاتها للمملكة، بل بعد يوم واحد من سيطرة المجلس على العاصمة اليمنية المؤقتة، صدر عن الجريدة ملصق دعائي لصورة العاهل السعودي مع عبارة "سلمان في قلوبنا". وقبلها ومباشرة مع سيطرة المجلس على مقر الصحيفة نشرت ملصقاً مهللاً للإمارات، إلى جانب نشر مواد إعلامية متعلقة بنشاط أبوظبي.

وفي الثاني والعشرين من الشهر الماضي، نشرت الصحيفة صورة على صفحة كاملة لحكام الإمارات مع عبارة "شكراً من القلب عيال زايد"، في إشارة للدعم الإماراتي، المالي والعسكري، لقوات المجلس الانتقالي لمواجهة قوات الحكومة.

وتعد صحيفة "14 أكتوبر" إحدى أعرق المؤسسات الصحافية الحكومية اليمنية. تأسست في 18 من يناير/كانون الثاني من عام 1968، وصدر أول أعدادها في 19 من الشهر ذاته، أي بعد أكثر من شهر ونصف من استقلال جنوب اليمن وجلاء آخر مستعمر بريطاني من البلاد. وواجهت المؤسسة منذ سنوات أعباءً مالية اضطرت العاملين فيها إلى إعلان الإضراب أكثر من مرة والتوقف عن العمل. كما أنها عاودت الصدور في سبتمبر/أيلول من عام 2015 بعد توقف دام 6 أشهر إثر اجتياح الحوثيين وقوات الرئيس الراحل علي عبدالله صالح مدينة عدن.

وقالت مصادر صحافية لـ"العربي الجديد" إن المجلس الانتقالي استعان بصحافيين موالين له يعملون في مواقع إخبارية إلكترونية لتعويض نقص الكادر البشري، خصوصاً بعد امتناع معظم طاقمها الصحافي العمل وفق النهج التحريري الذي يريده المجلس.

ورغم إصدار وزير الإعلام معمر الإرياني، من مقر إقامته في الرياض، في 19 من الشهر الماضي، توجيهاً للبنك المركزي ووزارة المالية بوقف الموازنة التشغيلية لمؤسسة "14 أكتوبر"، إلا أن المجلس لا يزال يواصل إصدار الصحيفة، فضلاً عن استمراره في السيطرة على مقري الوزارة ووكالة "سبأ" الرسمية.

وفي منتصف أغسطس/آب الماضي، أعلنت نقابة الصحافيين اليمنيين تلقّيها بلاغات بتعرّض صحافيين ووسائل إعلام محلية للمضايقة على يد مسلحين يتبعون المجلس الانتقالي، بعد أيام من سيطرتهم على العاصمة المؤقتة عدن.
وأشارت النقابة إلى منع أنصار المجلس دخول العاملين إلى الصحيفة، كما منعت العمل في فرع وكالة "سبأ" الرسمية، معبرة عن رفضها لمثل هذه السلوكيات المعادية لحرية الصحافة وحق الاختلاف وحرية الرأي.


لا يختلف الحال لدى وسائل إعلام موالية للانتقالي، عما يحدث في صحيفة "14 أكتوبر". إذ تبدو البروباغندا الداعمة للإمارات هي الأساس لكل المواد الصحافية.
وتعتمد كثير من وسائل الإعلام الموالية للإمارات، وأبرزها تلفزيون "الغد المشرق"، ومواقع "عدن 24"، وصحيفة وموقع "الأمناء نت"، و"عدن تايم"، وأخيراً "نيوز يمن" على الضخ الإعلامي الإماراتي في وصف المشهد في جنوب البلاد، فضلاً عن تبنّي وجهة نظر أبوظبي.
وتقول مصادر صحافية لـ"العربي الجديد" إن الإمارات تعتمد ميزانية مالية خاصة لدعم مواقع إلكترونية موالية للانتقالي، للترويج لخطابها السياسي بشأن اليمن، ونشر أخبار دعائية لمشاركتها العسكرية.

ونشر موقع "عدن تايم"، هذا الأسبوع تقريراً عنوانه "ناشطون يقارنون بين ما قدمته الإمارات للشعب في المناطق المحررة وما مارسته الشرعية خلال شهر". واتهم الموقع الحكومة بممارسة التمييز بحق المواطنين خلال الفترة الماضية ومفاقمة معاناتهم.
وأشاد الموقع، نقلاً عن الناشطين ــ من دون إيراد أسمائهم ــ بالدور "الإماراتي التنموي للبلد وتصدّرها للعمل الإنساني... في وقت تخلت فيه الشرعية الملزمة بذلك عن كل مسؤولياتها وتمارس عقاباً جماعياً يستهدف الشعب ككل".