شاهد مزوّر: إعلاميّو النظام السوري يشوّهون التاريخ

18 يوليو 2018
تشويه حقيقة المجازر (فرانس برس)
+ الخط -
في بداية الثورة السورية عام 2011، تم الاعتماد على عدد كبير من الناشطيين في توثيق الحراك المدني وجرائم وانتهاكات النظام السوري بحق المدنيين، الذين كان لهم حضورهم الخاص كضيوف على المحطات الإخبارية باسم "شاهد عيان". وهو الأمر الذي انتقل سريعاً لمواقع التواصل الاجتماعي، حيث أنشئ عدد كبير من الصفحات على موقع "فيسبوك" تحمل اسم "شاهد عيان"، مرفقة باسم المدينة أو المنطقة التي تتم بها عمليات التوثيق، ومنها صفحة "شاهد عيان حلب" و"شاهد عيان منبج" وغيرهما، ولا تزال بعض هذه الصفحات ناشطة حتى اليوم، وتواظب على نشر وتوثيق ما يحدث.

في البداية تعامل إعلام النظام السوري مع تلك الصفحات على أنها نوع من التضليل الإعلامي، وتعمد تكذيبها وإنكار محتواها. ومن ثم قام النظام بإنشاء صفحات تحمل الأسماء نفسها أي "شاهد عيان"، ووظيفة هذه الصفحات هي رصد الوقائع برؤية تتناسب مع النظام، بالإضافة إلى رصد تحركات الجيش وتقدمه والعمليات العسكرية. وقد انتشرت هذه الصفحات بين مؤيدي النظام السوري الذين كانوا يعتمدونها في كل الأخبار التي يتناقلونها على المعارك الدائرة في أكثر من منطقة، وللترويج لرواية الأسد عن المجازر التي ترتكب.

كتاب برعاية النظام
واستناداً إلى هذه الصفحات، أطلق الصحافي السوري مصطفى حيدر كتابا بعنوان "شاهد عيان" مؤخراً، الذي طرحته دار "دلمون" للطباعة والنشر.
يعمل حيدر كمراسل حربي لصالح قناة "سما" التابعة للنظام السوري. وقد صرح بأن كتابه يعتبر توثيقاً لكل ما عاشه وشهده خلال عمله كمراسل حربي، لمدة ثلاث سنوات. ولا يبدو محتوى الكتاب يختلف عن إيدولوجية النظام، حيث صرح حيدر بأن الغاية التي استدعته لتقديم هذا المحتوى، هو ما لامسه من تضليل إعلامي لدي الرأي العام في الخارج حسب تعبيره، عندما انتقل إلى بيروت في عام 2015، وأثار لديه حس المسؤولية لتوثيق حقيقة ما يجري.
وفي الحملة الترويجية، تعامل إعلام النظام السوري مع الكتاب على أنه وثيقة تؤرخ وتوثق تاريخ سورية بما يتناسب مع سياسة نظام البعث، فتم التطبيل والتهليل للكتاب ولما يحتويه. وأطلّ حيدر في عدد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية عبر القنوات التابعة للنظام السوري، باعتباره كتب وثيقة مهمة للأجيال القادمة، الغرض منها تعريفهم بما حدث في سورية، ومجريات حرب بشار الأسد ضد الإرهاب.



الآخرون هم الخونة
وعند الاطلاع على الكتاب تبيّن مضمونه بشكل واضح: تخوين الآخر وإلغاؤه، وذلك يبدو واضحاً من خلال العبارات التي استخدمت في الحملة الترويجية للكتاب، مثل: "هل فكّرنا يوماً لماذا يُقدم مواطن على خيانة وطنه؟ وكيف يصبحُ بلد بأكمله مملوءا بعشرات آلاف المواطنين ضعاف النفوس؟ هل تجولُ هذه الأسئلة في مخيلة أحدكم؟ أم هي فقط تؤرقني وتقفُ عائقاً أمام إمكانيتي للتفاؤل بمستقبل مشرق لوطن لا براكين خامدة فيه، غيرُ معلومٍ متى تثور ولماذا؟ هل كان الدخانُ الذي يخرجُ من بعض البؤر واضحاً وضوح الشمس .. مجرد وهم"!
لا يبدو الحدث غريباً، فالنظام السوري يعمل طيلة الوقت على إلغاء ونسف مفهوم الثورة، ويعمل على محو وتشويه أي وثائق تدينه، ليلخص كل ما حدث من مجازر بحق شعبه بتاريخ بسيط ومختصر، يمكن اختزاله بعبارة "حرب سورية الأسد على الإرهاب" وطمس ملامح الثورة والتمرد للجيل الجديد.
دلالات
المساهمون