تواصل لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب المصري، مناقشات مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، بشكل سري، تمهيداً لإقراره مطلع إبريل/نيسان المقبل، وهو القانون المعد من الحكومة بهدف التوسع في فرض القيود على العاملين في المجالين الصحافي والإعلامي، وتقنين جواز الحبس الاحتياطي للصحافي أو الإعلامي.
وعدلت اللجنة نحو 101 مادة من مجموع 127 مادة بمشروع القانون، الذي أقر بجواز الحبس الاحتياطي للصحافي (الإعلامي) في حالات التحريض على العنف، أو التمييز بين المواطنين، أو الطعن في أعراض الأفراد، أو في الجرائم المتعلقة بالمساس بالأمن القومي، على الرغم من نص المادة (71) من الدستور على "عدم توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية".
وصرح رئيس اللجنة النيابية، أسامة هيكل (صحافي عسكري سابق)، بأن اللجنة بدأت في القراءة الثانية لمشروع القانون، بهدف الانتهاء من مناقشات جميع مواده بحلول إبريل/ نيسان المقبل، وعقد اللجنة مؤتمراً صحافياً لعرض جميع التعديلات التي أدخلتها على مواد القانون، إيذاناً بطرحه للتصويت النهائي في الجلسات العامة للبرلمان.
وقال هيكل، عقب اجتماع مغلق للجنة، إنها استقرت في قراءتها الثانية على تشديد العقوبات في أحوال البث غير المشروع، مشيراً إلى استطلاع اللجنة لآراء الجهات المعنية عن القانون، ممثلة في "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، ونقابتي الصحافيين والإعلاميين، وغرفة صناعة الإعلام، وجهاز تنظيم الاتصالات".
في المقابل، قال عضو اللجنة، النائب أسامة شرشر، إن الحوار المجتمعي، والنقاش مع المتخصصين والمعنيين حول قانون تنظيم الصحافة بات "ضرورة ملحة"، ومهمة للغاية، لما تتضمنه نصوصه من "ألغام" متعلقة بأبناء مهنة الصحافة والإعلام، مؤكداً أن القانون بصورته الحالية "غير متوافق عليه من أبناء المهنة، والعاملين في المجال الإعلامي".
وأضاف شرشر، في تصريحات على هامش اجتماع اللجنة، أن نصوص الجمعيات العمومية، وآليات الملكية، وعقوبات وضوابط النشر، محل جدل وخلاف واسع بين أعضاء اللجنة، ولا بد من حسمه من خلال المتخصصين، منتقداً استعراض مواد القانون بشكل مُغلق، ودون اضطلاع الرأي العام، والصحافيين على ما يجرى من مناقشات.
وتابع: "القانون الأهم والأخطر للجماعة الصحافية، يناقش بشكل سري، ومن دون حضور الصحافيين، ومحرري البرلمان، وهذا أمر لا بد من إعادة النظر بشأنه، حرصاً على مصلحة الجميع"، مشيراً إلى أنه سجل اعتراضه لأعضاء ورئيس اللجنة بشأن المناقشة بشكل غير مُعلن، خاصة أن القانون يستوجب اضطلاع الجماعة الصحافية والإعلامية على كل تفاصيله.
كذلك، تمسك شرشر بضرورة أن تكون جميع الآراء، والمواقف معلنة، من أجل الوصول لأفضل الرؤى حول مواد القانون، منبهاً إلى أن تقنين أوضاع الإعلام الإلكتروني ما زالت محل جدل داخل اللجنة، وتحتوي العديد من الألغام، رغم احتياجها لمزيد من النقاش والحوار، خاصة أن هذا النوع من الإعلام يعد مستقبل الصحافة والإعلام في مصر.
كانت اللجنة النيابية قد راجعت مشروع قانون مقدم من رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، عاطف ناصر، وأكثر من 60 نائباً، بشأن تنظيم الإعلام الإلكتروني، وانتهت إلى أن مواد القانون متضمنة بالفعل في مشروع قانون الحكومة الخاص بتنظيم الصحافة، وأوصت بضرورة توحيد النطاق التشريعي، ودمج القانون مع مشروع الحكومة.
من جهته، قال رئيس لجنة الاتصالات في البرلمان، نضال السعيد، إنه تم الاتفاق على أخذ 5 مواد بمشروع قانون النواب، ودمجها بقانون الحكومة، وهي الخاصة بمسؤولية مدير الموقع أو الوسيلة الإعلامية الإلكترونية عما يتضمنه المحتوى الصحافي من مخالفات لأحكام القانون، وضرورة تحريه الدقة والمصداقية في كل ما ينشره من أخبار أو معلومات أو بيانات.
وحظرت تلك المواد على المواقع، والوسائل الإلكترونية "نشر أو بث، أو إعادة بث، أو إرسال أو نقل أي محتوى يتضمن أياً من المحظورات المبينة بقانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، وتوقع العقوبات المقررة بالقانون في حالة مخالفة هذه المحظورات"، على أن توقع المحكمة المختصة على كل من يمارس أياً من هذه الأنشطة، من دون ترخيص، غرامة تصل إلى 50 ألف جنيه، وإصدار قرار بحجب الموقع الإلكتروني نهائياً.
وفي نهاية ديسمبر/كانون الأول عام 2016، صدّق السيسي على قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، بعد إقراره من البرلمان، وقد وضع قيوداً مشددة على منح تراخيص الصحف الخاصة، والمواقع الإلكترونية، بالمخالفة للمادة (70) من الدستور، التي نصت على إصدار الصحف بمجرد الإخطار، وحق ملكيتها، وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ووسائط الإعلام الرقمي.
وعمدت الحكومة المصرية إلى وضع مزيد من القيود على إنشاء الصحف بمواد قانون تنظيم الصحافة والإعلام، من بينها ألا يقل رأس مال الصحيفة اليومية عن ثلاثة ملايين جنيه، والأسبوعية عن مليون جنيه، والشهرية، والإقليمية، والمواقع الإلكترونية عن 500 ألف جنيه، لكل منها، مع إيداع المال بالكامل قبل إصدار الصحيفة أو إطلاق الموقع في أحد البنوك العاملة في مصر.